والبلاستيك، ولكن يد الإرهاب طالت كل مكونات الحياة فيها وكان لها الأثر البالغ على الصناعة، فتم تدمير وسرقة المعامل وقد خلفت الأضرار الواسعة التي أصابت المصانع تأثيراً على الصناعة فأصيب مجتمع رجال الأعمال والصناعة في حلب بضرر كبير.
التورط التركي بالأزمة في سورية لم يعد يخفى على أحد، فبعد أن ساعدوا الإرهابيين والمسلحين وأمدوهم بالسلاح والعتاد، تحول الدور إلى ضرب الاقتصاد فقامت تركيا بفتح معابرها وإدخال المعامل التي قامت مجموعة ما يسمى بـ «الجيش الحر» بسرقتها من مدينة حلب، ونقل المسروقات من بضائع ومنتجات وتجهيزات معامل وسيارات إلى تركيا، وهو عمل غير مشروع يرقى إلى القرصنة ويستدعي تدخل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وسورية طالبت الأمم المتحدة رسمياً بتشكيل لجنة تحقيق في ذلك وتعويض المتضررين.
لقد تمت عمليات سرقة ممنهجة تستهدف كافة المعامل دون استثناء، حيث يتم تهريب البضائع والمنتجات والآلات التي تتم سرقتها إلى تركيا بمعظمها، ولكن نفي الحكومة التركية هو أمر مستهجن، وبما أنها متأكدة من عدم تورطها فلتقبل بلجنة دولية للتحقيق والتثبت من ذلك، علماً أن الجانب السوري مستعد لتحمل كل التبعات القانونية لهذا الاتهام إذا ما كان باطلاً، ولكن الاعتراف جاء على لسان الناطق الرسمي لما يسمى «المجلس العسكري الثوري» في حلب المسمى أبو براء بحصول سرقات قام بها قطاع طرق، وعندما تأتي اللجنة ستثبت بالدليل القاطع التورط التركي في ذلك، وستتم المطالبة بدفع التعويضات لكافة المتضررين من صناعيين وتجار ومواطنين تمت سرقة ممتلكاتهم، إضافة إلى أن هناك آثاراً يتم بيعها في الجانب التركي من الحدود.
حيث أكدت وزارة الخارجية والمغتربين السورية في رسالتين متطابقتين وجهتهما إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أن تعرض نحو ألف معمل في مدينة حلب للسرقة والنقل إلى تركيا بمعرفة تامة وتسهيل من الحكومة التركية هو عمل غير مشروع يرقى إلى أفعال القرصنة ومرتبة عمل عدواني يستهدف السوريين في مصادر رزقهم وحياتهم الاقتصادية، وأشارت الوزارة إلى أن هذا العمل «يدلل مرة أخرى على المطامع التركية وعلى الدور التخريبي الذي تلعبه بالأزمة في سورية وعلى سوء نياتها تجاه الشعب السوري كما يؤكد زيف ادعاءاتها في الحرص على حياة السوريين ومستلزمات حياتهم الأساسية».
وقالت الخارجية «إن هذه الممارسات غير الأخلاقية التي تمثل انتهاكاً فاضحاً لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول هي بمثابة مساهمة مباشرة في جريمة عابرة للحدود وأعمال قرصنة تستوجب رد فعل دولي يرقى إلى حجم الضرر الواسع الذي تلحقه بالشعب السوري ومقدراته الاقتصادية والتجارية»، وأضافت «إن قيام دولة مجاورة مثل تركيا بدعم الإرهاب وتوفير الشروط المساعدة على نهب ثروات سورية عبر الحدود وتدمير مقدرات الشعب السوري ومصادر عيشه وتسهيل تسخير تلك المقدرات لصالح دعم الإرهاب في الداخل السوري يستوجب رد فعل من مجلس الأمن يرتقي إلى حجم مسؤولياته وتعهداته التي قطعها في مجال التصدي للإرهاب والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين»، وطالبت الخارجية مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة «بإصدار إدانة صريحة لهذه الأعمال التخريبية والإرهابية واتخاذ ما يلزم لمحاسبة مرتكبيها ومن يقف خلفهم من دول وقوى إقليمية ودولية وذلك كتعبير عن رفض المنظمة الدولية لأي مساهمة إضافية من جانب الدول المعادية لسورية في مفاقمة الأوضاع المعيشية للشعب السوري أو زيادة معاناته الإنسانية».
ودعت الوزارة إلى «اتخاذ كل الإجراءات القانونية بحق الحكومة التركية لإلزامها بإعادة تلك الممتلكات إلى أصحابها ودفع كل التعويضات للمتضررين وفقاً لما تقرره أحكام القانون الدولي النافذة ذات الصلة وكذلك لإلزامها بالكف فوراً عن تكرار مثل هذه الممارسات الآن وفي المستقبل».
في أول رد رسمي من اتحاد غرف الصناعة السورية على رسالة وزارة الخارجية قال رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية المهندس فارس الشهابي: إن الاتحاد وغرفة صناعة حلب تحديداً لديها كل المعلومات والأدلة التي تدين الحكومة التركية، إضافة إلى أن الكثير من الأدلة وثقتها وسائل إعلام عالمية وعربية حول سيطرة عصابات مسلحة على المعابر الحدودية، وتمكين كل البضائع المسروقة من العبور إلى تركية دون أوراق رسمية، والبوابات الحدودية التركية سمحت بدخول هذه المنتجات والبضائع المسروقة وبمخالفة واضحة للقوانين الدولية المتعارف عليها بين أي بلدين متجاورين، وفي جميع الأحوال نحن نطلب من الأمم المتحدة إرسال لجنة تقصي حقائق ليتم التأكد من كلامنا ومزاعمنا.
وهناك أسباب كثيرة تدفع الأتراك للقيام بهذه الأمور بحق الصناعة السورية، منها الإمساك بالمفاصل التي تقوم عليها الصناعة السورية المتميزة في حلب وذلك عبر الاستيلاء على الآلات التي نعمل بها، ولتدمير البلد وجميع مقدراته وأهمها الاقتصادية من أجل أن تبيع تركيا منتجاتها دون منافسة في الأسواق السورية مستقبلاً، وأيضاً من أجل أن تلحق أكبر ضرر ممكن بمنافسيها السوريين، إضافة إلى أنها محاولة يائسة من الحكومة التركية أيضاً لخلق شرخ واسع بين قطاع الأعمال الوطني وبين الدولة في سورية.
وتقدر قيمة الأضرار المباشرة التي لحقت بكل المنشآت الصناعية العامة والخاصة بمدينة حلب من عمليات تدمير وسرقات تفوق 200 مليار ليرة سورية، وهذا المبلغ لا يشمل الدمار الذي لحق بالأبنية والأسواق الأثرية التي لا تقدر بدورها بأي ثمن، وهو لا يشمل الخسائر التي ترتبت جراء خروج هذه المعامل من السوق وتلك مبالغ كبيرة جداً ومتراكمة يومياً، وإن إصلاح الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية والبنية التحتية للمدينة سيتطلب سنوات، والمناطق الصناعية في حلب تعمل حالياً بطاقة تقدر ما بين 5 و10 في المائة فقط من طاقتها الإجمالية.