رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان مثال صارخ على ذلك التقمص السياسي، فهو مريض بجنون الماضي، يطلق التصريحات «تهديداً، ووعيداً»، فهو لم يترك بلداً يحيط بتركيا إلا وتهدده، ولأن سورية فتحت له ذات يوم أبوابها، خان الخبز والملح معها، وعضها، يبدو أن الضباع لاتستطيع أن تخرج عن غريزتها الوحشية..
آخر ابتكارات جنونه بالماضي العثماني الذي كنسه التاريخ: تعيين وال على السوريين، هل يعتقد أن سورية باتت ولاية عثمانية.. بعد أن أغرقها بالدم، والجوع، والتدمير، والقتلة، والصيحات الكافرة، الفاجرة.
أيتناسى أردوغان أن الإمبراطورية العثمانية انتهت، وباتت أنقاضاً... وأنها في أزهى عصورها، قدمت للمنطقة، وللعرب، وللعالم أكثر أنظمة الحكم في التاريخ فساداً، وسوداوية، وتخلفاً، وكانت تدعى بـ «الرجل المريض»، وأنها على مدى قرون أغرقت الحياة العربية بالعتمة.. وأنها في أوج عظمتها لم تكن سوى لعبة هزيلة بيد القوى الغربية، سرحت جواسيس الغرب في شرايين جسدها الإمبراطوري المريض كما تسرح الذئاب..
أردوغان، يمشي اليوم على الطريق نفسه، فهو يحاول إخضاع سورية، والعالم العربي لمشاريع أمريكا وإسرائيل، فقد قام بنصب صواريخ الباتريوت، والدرع الصاروخية التابعة لأمريكا وحلف الناتو، ينفذ رغباتها بهدم الدولة السورية الممانعة والمقاومة،
أردوغان المريض بعقد العظمة، لا يتذكر أن سورية قاتلت دخول العثمانيين في مرج دابق، وأن حلب مدينة غرقت بدم أبنائها على يد الجيش العثماني الهمجي..ولم تستسلم، .
هل يريد أردوغان لحلب أن تدفع ثمن عصيانها على السلطنة في الماضي، وثمن عصيانها عليه في الحاضر.. وأن يعبر من سورية إلى العالم العربي بعد أن يكون قد أحرق سورية، وأعادها إلى العصر الحجري.
سورية العروبة هي التي أسقطت السلطنة العثمانية، وهي التي تمردت على سياساتها ومحاولات تتريك العرب، ومحو وجودهم القومي، وأنها تعلمت في كل الأزمنة نتضمد جراحها بنبض العروبة والكرامة والعزة.
يسأل الكاتب محمد حسنين هيكل مذيع الجزيرة محمد كريشان: «لماذا طلب وزير خارجية تركيا من وزراء خارجية أنظمة النفط، والعهر السياسي محاصرة حلب اقتصادياً، ومقاطعة تجارها؟!»
لم يجب مذيع الجزيرة، ولكن محمد حسنين هيكل قال له: «إنهم يريدون أن تدفع حلب ثمن صمودها، ووطنيتها وعروبتها، يريدون أن تسقط اقتصادياً، ليتبع ذلك سقوط عسكري.»
أردوغان يريد العودة إلى الماضي، فقام حلفاً بين عقله المريض، وأحلامه، وأفكاره التكفيرية، العنصرية..
في زمن السلطنة العثمانية، أفرغ السلاطين العثمانيون سورية، من العمال، والصناع، وأصحاب الحرف المهرة، ومن البنائين، ومن المثقفين، والعلماء، ونقلهم إلى تركيا لحرمان سورية منهم، ولتغرق سورية في ظلمة التخلف والضعف الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
اليوم كثير الشبه بالماضي..
إن سياسات أردوغان، تدفع بالقتلة من كل مكان في هذا العالم، وبخبراء في الاقتصاد والتكنولوجيا من جماعة حزب العدالة والتنمية، ومن الاستخبارات التركية، لتفكيك المعامل والمصانع وورش العمل الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ونقلها إلى تركيا لحرمان السوريين منها، حتى أفران الخبز، ومعامل الدواء، ومجابل الإسفلت، والأسمنت قاموا بتفكيكها ونقلها إلى تركيا.
ألا يكفي أردوغان أنهار الدم التي تجري في كل المدن السورية،
هذا الحاضر البغيض الذي يمارسه اردوغان يوقظ فينا الماضي، ويعيد أحداثه ووقائعه، من مرج دابق، إلى ساحات الشهداء التي ملأها جمال باشا السفاح بمشانق الأحرار السوريين العروبيين المقاومين لنهج التتريك.
يقول التاريخ: إن سورية في كل الأزمنة ترسم وجودها، ومواقفها، ونضالها على ضوء الكرامة والعروبة والعزة.، تكبوا أحصنتها، ولكن لاتسقط.