تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«ويرتفع ابن آدم»

معاً على الطريق
الخميس 17-1-2013
لينا كيلاني

وأقصد الارتفاع المادي عن الأرض وليس المعنوي.. فابن آدم وقد ارتفع الى أعلى درجات العلم والاكتشاف والحضارة يتوق لأن يرتفع بالجسد ولو لبضع سنتمترات عن سطح الأرض..

وهذا تعبير عن التوق لأن يطير كما تطير الأرواح في الفضاء.‏

فبعيداً عن قانون الجاذبية الأرضية تتجلى منذ القدم إحدى ظواهر ما وراء الطبيعة الغامضة وهي ظاهرة (الاسترفاع)، أو القدرة على الارتفاع عن سطح الأرض، وقد يكون الارتفاع عدة أمتار أو بضعة سنتمترات حسب قدرة الشخص الذي يقوم بها وهو يتحدى بكل الثقة قانون الجاذبية الأرضية بعد وقت من التأمل.‏

ولولا أني شهدت هذه الظاهرة ورأيتها رأي العين في استعراض لها في الهند لما استوقفتني في البحث عن سرها. والتاريخ يذكر فيما يذكر عن ظواهر ما وراء الطبيعة أن شخصاً ما كان يستطيع أن يرتفع بجسده، ورغم أن هناك من يشكك في ظاهرة الاسترفاع هذه، ويتهمها بالخداع إلا أنها تظل ظاهرة لافتة وخارقة.‏

أما تحقيق ما يسمى بالاسترفاع فهو يحتاج الى تركيز شديد، وصفاء ذهني، وفترة من التأمل التام وصولاً الى حالة (النيرفانا) التي تسبقه. ويتميز فقراء الهنود بامتلاكهم لهذه القدرة العجيبة كما رهبان الهندوسية، والبوذية، والروحانيين. وقد يصف بعضهم هذه الظاهرة بالغموض عندما لا يجد مبرراً منطقياً وعلمياً لحدوثها، فما من شيء إلا ويحكمه قانون الجاذبية فكيف إذاً ينفلت أحد منه؟.. إلا أن أصحاب هذه المقدرة أو القدرة الخارقة يبررونها باستخدام الطاقة الكامنة في الإنسان من خلال تدريبات جسدية وذهنية بالدرجة الأولى، وصولاً الى مرحلة الصفاء المطلق والتركيز الكامل فإذا أجسادهم تتحرر من أوزانها لتصبح كريشة ترتفع مع الهواء، وفي تحدٍ حقيقي لقانون الجاذبية الأرضية.‏

غريب هذا الأمر!!.. إلا أنه يمكن التبرير عند بعض الدارسين بإرجاعه الى الطاقة الروحية الكبيرة التي يتمتع بها الزاهدون، والمؤمنون، ومن يتجهون الى الروحانية بعيداً عن المادة حتى ولو كانت في الطعام. والقادرون على الاسترفاع لا يتناولون من الطعام إلا ما يسد الرمق، وبالتالي لا تكون لهم إلا الأجسام الرقيقة النحيلة، والتي يمكن لها من خلال التركيز الشديد، والتأمل العميق أن تحقق ارتفاعها عن الأرض.‏

وبما أنه ليس بالضرورة أن يتم النفاذ من ظاهرة خارقة الى أخرى مهما كان التدريب والسعي اليها مكثفاً وشديداً فلابد إذاً من صفات نفسية، وروحية خاصة جداً تكون حاضرة عند الشخص صاحب الموهبة الخارقة وهو يمر بالتجربة، أو يعايشها لا لاستعراضها أمام الآخرين بل لإحساس روحي عالي الدرجة جداً يرفعه من على الأرض ليقربه الى السماء.. أي من المادة الى الأثير، لكن كثيرين يمرون أمام هذه الظاهرة فيقفون مندهشين حائرين يؤمنون أو لا يؤمنون بأنها من الخوارق، بل يعزونها أحياناً الى السحر، أو الى خداع البصر، أو ما شابه ذلك.‏

ويؤكد مَنْ قاموا بمثل هذه التجربة، أو يقومون بها أن لابد لصاحبها أن يكون متفرداً مع ذاته بانسجام كامل، وبإسقاط لإحساسه بكل ما حوله من مادي ومعنوي وكأنه أصبح مركز الكون. يستطيع أن يلتصق بالأرض، أو يرتفع الى الأعلى، ويقتضي كل ذلك روحانية شديدة، وإيماناً عميقاً بقدرة الإنسان على التحكم في هذا الجسد المحكوم بالالتصاق بالأرض، والتشوف الى أن يكون طائراً حراً يقطع أجواز الفضاء كما يشاء.‏

وتظل هذه الظواهر الخارقة مجال تساؤل قد يبرره العلم وقد لا يفعل.. وفي انتظار العثور على كل الإجابات لكل الأسئلة تظل ظواهر ما وراء الطبيعة في صناديق مغلفة بالأسرار.‏

ali.na_66@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية