بدأت سورية حرب الاستنزاف في الجولان المحتل ضد العدو الصهيوني بعد حرب تشرين التحريرية في 12/3/1974 واستمرت بها قرابة ثلاثة أشهر «82 يوماً وكانت حرب الاستنزاف هذه نوعاً من الضغط العنيف على الاحتلال.
بقيت المبادرة خلال هذه الحرب بيد الدولة السورية التي كانت تنتقل من تصعيد إلى آخر حسب مقتضيات الموقف ولم يستطع سلاح جو الاحتلال الاسرائيلي التصعيد بسبب قدرة الدفاع الجوي السوري على الردع .
و كان لسورية هدف استراتيجي واضح وهو الضغط على العدو بعمل عسكري يضمن تحقيق النتائج التالية:
1- إلحاق الخسائر المادية والبشرية بقوات العدو يومياً حتى يؤدي تراكم الخسائر الكمي إلى نتائج نوعية على الصعيدين المادي والمعنوي.
2- خلق حالة انعدام الأمن للقوات المعادية الموجودة في المواقع المحتلة سواء داخل «جيب سعسع» أو في مستعمرات الجولان نفسها وإفهامها بشكل ملموس أن بقاءها في المنطقة يهدد حياتها.
3- تثبيت عدم قبول سورية للوضع الراهن وتمسكها بمبدأ استعادة الأرض العربية المحتلة.
4) منع العدو من تحصين مواقعه أو تحسين خطوطه القتالية داخل الجيب وتدمير وحداته الهندسية التي تحاول إنشاء التحصينات أو إعداد الموقع ما يجعل القوات الإسرائيلية المحشورة داخل الجيب مكشوفة معرضة للضربات.
5-إجبار «إسرائيل» على إبقاء جيشها النظامي والاحتياطي في وضع التعبئة المستمرة.
استمر الجيش العربي السوري في تنفيذ خطة حرب الاستنزاف وشهد شهر نيسان 1974 تصاعداً في حدة الاشتباكات وتطورها إلى معارك فعلية مباشرة تميزت الأعمال القتالية خلال هذا الشهر بقيام القوات الجوية السورية بقصف مواقع العدو بعد إبطال وسائط دفاعه الجوي بالمدفعية
أدت هذه العمليات إلى تحقيق الأهداف التي وضعتها القيادة السورية لحرب الاستنزاف ووجدت «إسرائيل» نفسها مضطرة إلى التخلي عن تعنتها نتيجة تكبدها خسائر بشرية كبيرة ما ادى الى انهيار معنويات جنودها.
وفي نهاية أيار 1974 رضخت «اسرائيل» للهزيمة ووافقت على تنفيذ قرار الامم المتحدة القاضي بفصل القوات التي كانت تماطل بتنفيذه وانسحب العدو الصهيوني بموجبه من الجيب المحتل في سعسع وأخلى مدينة القنيطرة وأجزاء أخرى من الأراضي المحتلة في عام 1967 ولم يكن الوصول إلى هذا الاتفاق ممكناً لولا الأعمال البطولية والتضحيات التي قدمها بواسل الجيش العربي السوري.