تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شــــهادة آخر زمان؟!

آراء
الخميس 14-1-2010م
حسين عبد الكريم

الرجال والنساء على مائدة عمليات التجميل، وفي أحيانهم المتيسرة يلتقون على مائدة عمليات التسخيف..

بشر ليسوا الحقائق وعلاقاتهم مهترئة مثل ثمار الرمان، التي من غير هواء وضوء.. الأحلام مصابة بداء البرد والعفونة.. في حارة جبلية عنيدة اتهم رجل بالتلصص على أحلام الجيران الجيدة.. وحين سئل عن فعلته هذه، فقال: تعلمت من الحب فن الإصغاء للأحلام الراقية.‏

امرأة وامرأة وامرأة ومثلها ومثلهن رجل من ماركة مدير وآخر من موديل شبه مدير وآخرون من ماركات وقياسات اجتماعية وإدارية وسياحية. و..و.. اكتفين واكتفوا وشبعن وشبعوا من عمليات التجميل أو التسخيف الدارج، وبعد ذلك انطلقوا للحصول على شهادات (الدكتوراه) الممهورة من جامعات وبلدان مختلفة.. وحين سئلت إحداهن: ما حاجتك إلى هكذا شهادة خاصة بعدما جمعت وأخذت المال والبيوت وربما الرجال؟ أجابت: الدارج اليوم شهادة الدكتوراه وبعد الحصول عليها قد أتبوأ منصبا إداريا عاليا، أجمع منه ما أجمع وألمع منه وأطلع..‏

بمبلغ يسير أو عسير تذهب أو يذهب إلى البلد المعين وتحصل ويحصل على شهادة الدكتوراه بالاختصاص الذي تريد أو يريد.. وبعد هذا الحصول اللاعلمي واللاثقافي ترجع الشهادات إلى حيث تصيربلاء ووباء ونصبا علميا..‏

سقطت إنسانية الإنسان وإنسانية الإنسانة، وصارا يركضان وراء الأتعاب.. والشهادات العلمية المشتراة صارت زينة ونصف نعل للأحلام.‏

العرجاء والعوراء والشوهاء.. الطمع بالأحلام الحنونة والبانية، إلى أن اتسعت رقعة التلوث الاجتماعي والأخلاقي والعلمي والكوني فانحسرت شمس حلم الوجود الناجح والناشىء نشأة صحيحة لصالح خيانة الإنسان لذاته وضميره.‏

المرأة الحقيقة تحيا بحلم واحد جميل.. وأحيانا تعيش برغيف أشواق وكسرة حب وصبر.. ومثلها السيد الرجل يمكنه البقاء بحلم من النوع الجيد العمر بطوله وعرضه، من علم النساء والرجال أن شهادات الدكتوراه زينة لابد منها ونصف نعل للهندمة الفاشية والسير في شوارع العصر ؟!؟ شوارع التأملات محفرة ومليئة بالانعطافات الجانبية الحادة كسكين شهادات الدكتوراه المقتناة والمملوكة بقروش عجيبة..‏

شهادات دكتوراه الشرف، التي تمنح للمعطائين والمتميزين وذوي الجاه والنجاحات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية أمراً رفيع التقدير والمستوى.. وتستحقها نجاحات المتميزات والمتميزين، وهي تعطى تقديرت لا شراء.. وتكون أقل بكثير أو بقليل من قامات مستحقيها.. أما شهادات الجامعات.. والدكترات.. التي تملأ البيوت ومحلات بيع الزينة وأدوات التجميل، فهي العيب والإشارة إلى التفاهة الحتمية.. كأن عصراً بأكمله برجاله ونسائه لا يمكنه الكمال والتمام إ لا بدرجات الدكتوراه المزيفة والكاذبة من ذاك البلد أو تلك الجامعة..؟!؟‏

سقطت المرأة يوما عن عرش البهاء والنماء إلى مستنقع الخواء، وسقط معها صديقها وحبيبها وشريكها الرجل.. ومازالت حارات الوعي تعاني ويلات السقوط والخواء.. ويكبر مد التفاهات والألقاب التي يسافر إليها ذوو وذوات البؤس الروحي..‏

زورت أنفها ونظرات عينيها وشكل وجهها وتسريحة روحها وجدائلها.. ومثلها الرجل زور رجولته وهندام وجوده وقامته.. لكن اللعنة الأقسى والأوجع أن تصل نار التزوير إلى الحقائق والمراتب العلمية.. واللغوية والفهمية والفكرية والكيانية.. أي جاهل يمكنه بقليل من المال غير الحلال أن يصبح بين كذبة وكذبة أو سرقة وسرقة رجل أعمال أو دكتوراه في علم النصب والنهب والاحتيال.. زمن فقد الحقائق الراقية..‏

عصر يزور الأحلام والأقلام والحبر والحب والحرية والحرير والحريم والرجال.. عصر يعصر الأفكار والرؤى ويقدمها وجبات تزوير وتدبير على مائدة المنافع والأبهات التافهة.. والتفاهة معادية للحقيقة وقاتلة، ما أمكنها، لكيان الوعي الراسخ وازدهار الثقافة..‏

أمجاد كاذبة تبنيها الأكاذيب.. والحقائق على صغرها وقلة أبهاتها تبنيها القناعات الثقافية والإدارية والاجتماعية، وتبنيها إنسانية.‏

أبدا لا تلزمنا شهادات الدكتوراه الزينة.. ارحمونا يا أولي الأبهات الزائفة..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية