تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«نبوءة» سامر عمران المسرحية..شـــــموع الوجــع الســوري المسـتمر

ثقافة
الثلاثاء 27-1-2015
مصطفى علوش

دلفنا إلى مقهى دمشق القديمة لحضور العرض المسرحي «نبوءة» للمخرج سامر عمران، وذلك مساء الجمعة 23ـ 1ـ 2015.حاملين معنا توقنا لنخرج برهة من وجعنا فرأيناه مسرحاً.

«العاصفة تزمجر عاتية في المدارات» هكذا قالت ربى الحلبي في البداية التي حملت تمثيلياً معظم العرض، وبالفعل كانت العاصفة تزمجر في معظم مناطق البلد ومازالت.‏

في اختياره لمكان العرض «مقهى دمشق القديمة» وهو في الأصل حمام دمشقي قديم أراد سامر عمران ايصال عدة رسائل فنية لنا، إحداها أن المسرح خالد كدمشق، خالد وباق كسورية، و العاصفة رغم قسوتها عابرة..‏

في الحمام القديم حيث لا خشبة مسرحية كلاسيكية، ولا صالة تقليدية، كنا مع عرض اسمه «مسرح الحكواتي» حيث روت لنا ربى الحلبي قصة الوجع السوري، أو بعضاً من هذا الوجع السوري الراهن، حيث العاصفة عاتية، والكل تحتها يترنح، فالفقر والبؤس خيّما على البلاد واجتاحاه كطاعون.‏

روت ممثلة العرض الوحيدة قصة رجل عادي جداً، عانى مرحلة من غياب الأطفال ورزق بعد انتظار بتوءمين من البنات «لينا وهبة»، أب حنون يربي طفلتيه، يحكي لهما عن حرب تشرين التي كان أحد أبطالها، وفي كل يوم تشرق الحياة من وجنتي طفلتيه، في لحظة يمرّ القتل من المدرسة التي تدرس فيها لينا، يستشهد أطفال، وتقتل ذاكرة وأرواح، وتموت ورود، ولينا تصير في أحد مخيمات اللجوء، لينا الطفلة السورية لا تموت إنما تعيش في المخيمات لتحكي وجع السوريين عامة، حيث تتلاعب كاميرات الميديا العالمية بوجع الناس، فالكاميرا وصورها تظهر لينا وكأنها ليست هي.‏

ربى الحلبي، لم تكن تمثّل ونحن لم نكن متفرجين نرغب بالحصول على متعة حضور عرض شيق فقط، إنما أخذتنا الحلبي إلى ذاتنا السورية الراهنة، وهي تبحث عن سلامها وأمانها، «ربى» كانت موجوعة كأي سورية نازحة، مهجّرة، روت الحكاية فشاركتها شموع المكان حزن الحكاية، شموع المكان لم تكت حيادية، إنما كانت جزءاً من ديكور بسيط للغاية يشبه وجعنا السوري المكشوف كالقتل العاري، حتى عندما غنّت في بداية العرض «عالبساطة» وشاركها مؤلف العرض ومخرجه الأغنية بعزفه على العود لم تكن تقصد إخراجنا من قصة سورية النازفة إنما أرادت توريطنا بالمسرح وحكايته عبر أغنية راسخة في الوجدان العام لعموم السوريين.‏

ومضينا مع سرد الحكواتي، نشاهد بعيون دامعة وقلوب خائفة، نتعرف إلى ذواتنا أكثر، ذواتنا الباحثة عن فسحة حياة جديرة بالبقاء اسمها «مسرح» وانتهى العرض خلال 45 دقيقة، بينما الوجع والزيف مازالا..‏

في المكان «الحمام» كنا كمتفرجين نغتسل عبر الحكاية، شموع المكان كانت توثق أكثر بحثنا الجمعي عن مخرج، وها هو المسرح يفيض ليقول مع ربى: «لا قوة سلبتني إرادة الحياة، شردت من بلدي لكني أقاوم أعداء البلاد..».‏

اتكأ قليلاً سامر عمران على بعض مقاطع من ملحمة السراب لسعد الله ونوس، وظفها مسرحياً لتكون جزءاً من مقولة العرض الفكرية، كما اتكأ على رثاء أور، والعصفورة، لمحمود تيمور.‏

و شارك في العرض أيضاً: «جيان موسى، باسل جبلي، أيسر الجوابرة، زينب الحكيم، عامر الخطيب، توضيب العرض والأزياء: نزار البلال، تقنيات العرض الفنية: أوس رستم، مساعد مخرج: بشار محمد.‏

ترى أيصحّ أن نطلق فنياً على العرض اسم «مونودراما»؟ إلى حد كبير نعم كان العرض كذلك، لكنّ الأهم أنه كان عرضاً مسرحياً.‏

أما صاحب العرض الفنان سامر عمران كان أيضاً جزءاً من المشهد التمثيلي ورافق ممثلة العرض عزفاً على العود.‏

بكل حال تنفس هذا المكان من خلال المسرح ونحن كنا أكثر من متفرجين على وجعنا.‏

M3alouche@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية