لكن ما الذي حمله على التوقف عند هذه الواجهة ربما لأنها كانت مختلفة ولكن كيف?
إن الاختلاف شيء نشعر به أولاً دون أن نملك سبباً لتبيان أوجهه وقد لا نراه ظاهرا أمامنا بل نسعى إلى ابتعاثه من داخلنا.
هكذا إذا توقف ( أبو سعيد) وتوقفت حياته عند هذه الواجهة (طقم) واحد ووحيد يتصدرها (حسناً فعلوا) إذ كان سيصعب عليه الاختيار كان طقما رماديا قاتما مع قميص ليموني وربطة عنق يعترف أنه لم ير أجمل منها إضافة إلى إضاءة الواجهة الملونة التي انهمرت فوق (الموديل) لتزيده ألقا وتزيد (أبو سعيد) إصراراً.
بالنسبة إليه فإن ثمن هذا الطقم (يكسر الظهر والميزانية معاً) لكنه رآه أجمل الاشياء التي حلم ببعضها والتي يمكن أن يصادفها في حياته وهو أمر ليس بالمستغرب إذا عرفنا أن سقف الأحلام في حياته البسيطة واطئ حددته اعتبارات لها علاقة بوجود ضيق اقتصر على الوظيفة البسيطة التي بالكاد تسد رمق عائلة مؤلفة من ستة أشخاص وكل الأولويات الأخرى المشتقة منها ناهيك عما هو ضروري وما هوليس ضرورياً وما هو ترف مقبول وما هو ترف غير مبرر.
لقد رأى أن مثل هذا الطقم ( الملوكي بنظره) ترف في غير وقته ولكن إلى متى?
لقد عمل جاهدا من أجل هذا الهدف, دخل جمعية مع زملاء العمل واقترض قليلا من ميزانية البيت اضطر أن يقول لا أكثر من مرة لطلبات أولاده التي لا نهاية لها, أشياء عائلية كثيرة كانت عاجلة أصبحت آجلة, لم يأبه لا نتقادات زوجته اللاذعة » لقد جننت والله) متى سترتديه وأين وحتى حين عنفته أمه العجوز بتحريض من زوجته لم يخالجه أي شعور بالذنب أو الندم.
لسبب ما غامض كان سعيدا... الطقم أصبح له... رغم أنه لم تأت مناسبة اجتماعية كي يظهر به أمام الملأ لكن من قال إنه يبحث عن مناسبة.
يكفيه أنه مرّة بالعمر حقق حلمه واشترى طقما من محل فاخر وليس من البالة.