وتعتبر مياه الصرف الصحي المصدر الرئيسي الذي يهدد البيئة في المحافظة الآن ويلوث مكوناتها وعناصرها الأساسية. إذ إن مياه العديد من مصبات الصرف الصحي لمدن وقرى المحافظة تتدفق باتجاه السدود, والبحيرات والوديان, مثل مياه الصرف الصحي لمدينة نوى التي تصب في سد عدوان, ومياه الصرف الصحي لمدن شيخ مسكين وإزرع وبصر الحرير التي تختلط مع مياه سد إبطع.
وكذلك مياه الصرف الصحي لمدن الحراك وداعل وطفس التي تتدفق إلى سد طفس الذي تبلغ طاقته التخزينية أكثر من 8 ملايين م3 من المياه, ولم يقتصر التلوث بمياه الصرف الصحي على بعض السدود بالمحافظة, بل يطال مصادر المياه الأخرى كمياه وادي الرقاد, ووادي الزيدي, ووادي أبو الذهب, وسدي درعا والشيخ مسكين.
حيث تتدفق آلاف الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي يومياً إلى مصادر المياه بالمحافظة ويكفي أن نشير هنا إلى أن كميات مياه الصرف الصحي التي تدخل سد أبطع- على سبيل المثال- 16 ألف ليتر يومياً. الأمر الذي يؤدي إلى تلوث مياه الري والمزروعات وينذر بوقوع مشكلات صحية وبيئية, فالمزروعات التي تتغذى من مياه السدود الملوثة تكون غير قابلة للاستهلاك البشري, لأن الملوثات التي تدخل في تركيبها تضر بصحة الإنسان وتسبب له بعض الأمراض الخطيرة والقاتلة أحياناً, ولا ننكر هنا بأن مزارعي المحافظة يقومون سنوياً بزراعة آلاف الدونمات بالخضار والبطاطا والبصل بالقرب من السدود الملوثة.
ولعل المشكلة الأكبر التي تواجه التجمعات السكانية المجاورة للسدود الملوثة بالمحافظة هي المشكلة الصحية, إذ يتعرض سكان بعض الأحياء في مدينة الشيخ مسكين ومزرعة جميلة وغيرهم من المواطنين الذين يقطنون بالقرب من الأماكن الملوثة إلى الروائح الكريهة وبعض الأمراض كالإسهالات واللايشمانيا والأمراض الجلدية والباطنية وإصابات الرئة.
ومن المصادر الجديدة التي أخذت تلعب دوراً كبيراً في خلق مشكلات التلوث بدرعا (الاستخدام العشوائي) للأسمدة العضوية والكيميائية والمبيدات, فالاستخدام غير المنظم لهذه المواد في الحقول والمزارع يلوث المياه بالمحافظة. حيث إن أجزاء من هذه المبيدات والأسمدة تتحلل في التربة وتجري مع المياه السطحية ومن ثم تتسرب إلى المياه الجوفية التي نستخدمها للشرب أحياناً وللسقاية أحياناً أخرى. وأكد لنا الفنيون في مؤسسة مياه درعا أن هذا النوع من التلوث يعتبر الأخطر على مصادر مياه الشرب.
ومن العوامل الأخرى التي تلوث بيئة المحافظة ضعف الاهتمام بالنظافة وسوء التعامل مع النفايات وطرق معالجتها, والاختيار غير المناسب لأغلب مقالب القمامة في الوحدات الإدارية, فأغلب الشوارع والأحياء مليئة بالنفايات التي تبقى عدة أيام حتى يتم ترحيلها ولكن إلى أين ..?
إلى مقالب غير نظامية دون القيام بدفنها ما يجعلها بؤرة للتلوث الذي يلحق الأضرار بالمزروعات والهواء, والتجمعات السكانية القريبة منها. ويذكر أن المحافظة تطرح يومياً حوالى 450 طناً من النفايات الصلبة.
هذه هي أهم مصادر التلوث في محافظة درعا ولمواجهتها بشكل فعلي لا بد من إنجاز الدراسة الإقليمية للصرف الصحي بالمحافظة التي تقرر تنفيذها منذ أواخر التسعينيات بما تتضمنه من محاور ومحطات معالجة, والعمل على إنشاء معمل معالجة النفايات الصلبة الذي وعدت به الحكومة منذ سنوات, والقيام أيضاً بتشديد المراقبة على استخدام المبيدات والأسمدة العضوية والكيميائية لمنع الاستعمال العشوائي لها في الحقول الزراعية, ومنع أصحاب معاصر الزيتون من تحويل مياه الجفت إلى الوديان والمسيلات والأراضي الزراعية .
نحن لا ننكر بأن المحافظة قامت وبالتعاون مع وزارة الإسكان بالعديد من الخطوات والإجراءات للحفاظ على البيئة ومواجهة التلوث ولكن تلك الإجراءات لم ترق إلى مستوى معالجة التلوث وسد منابعه بشكل جذري.