تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ملايين إفريقيا (الضائعة)

الغارديان
ترجمة
الأربعاء 12/12/2007
ترجمة: خديجة القصاب

أكثر من مليون إنسان ذهب ضحية الحروب المستعرة في إفريقيا المدارية وتجاوزت خسائر استنزافها لمارد القارة السمراء المئة والخمسين بليون جنيه استرليني سجلت تلك الأرقام المخيفة دراسة أجرتها منظمة (أوكسفام) العاملة في مجال استتباب الأمن والسلام في العالم,

ونشرت مؤخراً على شكل تقرير تم عرضه خلال مؤتمر للأمم المتحدة خاص بتهريب الأسلحة والاتجار بها في تلك القارة وكيفية انتهاكها لحقوق الإنسان في عدد من دول إفريقيا.‏

يقول التقرير تساوي مصاريف الصراعات الدامية خلال الحروب الدائرة في إفريقيا منذ نهاية الحرب الباردة ما يعادل المساعدات الخارجية التي تلقتها دول القارة السمراء خلال ستة العقود الماضية, وتشير الدراسة التي تحمل عنوان (ملايين إفريقيا الضائعة) إلى أن نصف عدد دول القارة السمراء غرقت في مستنقع الصدامات المسلحة منذ عام 1990 ما أدى إلى خسارة أرواح كثيرة وتعليق تطورها ونموها الاقتصادي وعند مقارنة هذا التقرير بين الدول الإفريقية الغارقة في حمى الصراعات الدموية وبين نظيرتها التي تنعم بالسلام تبين أن وفيات الأطفال خلال فترات الحروب وصلت نسبتها إلى 50% بينما تعاني نسبة 15% أخرى من سوء التغذية في حين انخفض متوسط عمر الفرد على امتداد القارة خمس سنوات خلال المرحلة المذكورة.‏

وتفيد الدراسة كذلك إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في تلك البقعة من العالم آخذة بالاستفحال نظراً لشراء مناطق إفريقيا المدارية 95% من أسلحتها الرشاشة من مصادر تهريب غير قانونية أي خارج القارة السمراء مع العلم أن هدف هذا البحث هو ضبط وكبح جماح انتشار السلاح غير المرخص في أوساط غير رسمية وتشير التقديرات كذلك إلى أن الاستنزاف المسلح يؤدي إلى تقليص اقتصاديات الدول المعنية بهذا الموضوع وبنسبة تتجاوز 15% فجمهورية الكونغو الديمقراطية على سبيل المثال عانت من الغزو الأجنبي لأراضيها ومن الحروب الأهلية لأكثر من عقد من الزمن ما أدى إلى وفاة 4 ملايين مواطن هناك مع خسائر مادية بلغت قيمتها 9 بلايين جنيه استرليني أي 29% من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك الحال بالنسبة لارتيريا وبوروندي ورواندا وتعتبر من أكثر الدول الإفريقية تضرراً من تلك المشاحنات ويؤكد التقرير أيضاً أن اندلاع الصراعات في القارة السمراء يعمل على استنزاف مواردها الطبيعية وتبديد أموالها وثرواتها وطاقاتها البشرية وبالتالي ابتعادها عن معالجة مشاكلها الاجتماعية والصحية والاقتصادية المستعصية كالتخلص من مرض الإيدز الذي يفتك بشريحة واسعة من مجتمعها نظراً لتفشي هذا الوباء في معظم تلك الدول الإفريقية التي تحتاج إلى الاهتمام بتعليم أجيالها الصاعدة وتأمين المياه النظيفة الصالحة للشرب لسكان مدنها وأريافها إضافة لتعزيز الصحة العامة في بلدانها والحيلولة دون انتشار الأمراض المعدية فوق أراضيها.‏

ولا تقتصر التأثيرات السلبية للحروب في القارة السمراء فقط على ازدياد معدلات الإنفاق العسكري فيها وإنما يتناول كذلك التضخم الاقتصادي وما يرتب على الدول الإفريقية من ديون وارتفاع معدلات البطالة فيها مع تداعي النشاط الاقتصادي وهدر عائدات الدولة التي تصرف على تسليح الفرق المقاتلة والجيوش بدلاً من أن تصب في مصلحة خزينة الدولة, وينجم عن ذلك معاناة تلك الدول المدعوة ببؤر التوتر من التضخم وتراكم الديون وانخفاض الاستثمارات ونقص في الخدمات العامة وتزايد الاصابات في صفوف النساء والأطفال على وجه الخصوص نظراً لكونها الشريحة الضحية عند اندلاع الفتن وخلال الأزمات والحروب. أما فيما يتعلق بالصراعات الدموية فإن النسبة الأكبر من الخسائر البشرية تنجم عن عوامل مرافقة لاحتدام المعارك كالإصابة بالجوع وانقطاع سبل العيش واتساع الهوة بين أفراد المجتمع إلى جانب خسارة معيل الأسرة وتهدم منزلها.‏

يروى التقرير كذلك أن المعالجة الطيبة لحالات الإصابة خلال تلك الحروب لا تقل أهمية عن النتائج المترتبة على اندلاعها كانتشار الأمراض والأوبئة التي تدفع السكان للانتقال من منطقة إلى أخرى إلى جانب نقص في التغذية وصعوبة الحصول على مياه نظيفة للشرب.‏

ويتجاهل التقرير ذكر نتائج اندلاع الصراع في عدد من الدول الإفريقية على اقتصاد الدول المجاورة لها بسبب انعدام الأمن في المناطق المنشغلة بالمعارك والقتال والمتناسية تدفق آلاف من لاجئيها إلى دول الجوار. وتختتم الدراسة تقريرها بتسليط الضوء على كيفية مكافحة الفقر والعنف المسلح في القارة السمراء من خلال وضع حد للصراعات الدموية هناك إلى جانب ضبط الإتجار بالأسلحة وخاصة فيما يتعلق بإمدادات الذخائر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية