وأدى ذلك إلى جعل سياسيي تلك البلاد يعيدون النظر في المصالح المشتركة, فقد اقتنعت اليابان على سبيل المثال بالاستمرار في دعم الولايات المتحدة الأميركية ومساعدتها في العمليات العسكرية التي تقوم بها في أفغانستان أما الهند فقد بات تتحاشى المضي قدما في اتفاقيتها النووية مع واشنطن فضلا عن أن كل تلك الصعاب قد برزت قبل أن توضع الكثير من علامات الاستفهام أمام مستقبل العلاقات الأميركية الباكستانية بعد فرض وإعلان حالة الطوارئ, إن كل ذلك لا يمكن أن يكون أبدا محض صدفة وعلى الرغم من أن تلك الخلافات والمشاكل عائدة لأسباب محلية واقليمية إلا أنها في ذات الوقت تعكس تآكلا واضحا في التأثير الأميركي ويعود ذلك بشكل خاص إلى حربها الخاسرة على العراق وبشكل عام إلى سياساتها الحمقاء في الشرق الأوسط.
إن الإرباك الذي سيطر على السياسيين في اليابان بسبب المواقف والسياسات الأميركية قد ساهم بخلق سلسلة متكاملة من العراقيل التي تواجهها الآن العلاقات الدولية هذا بالإضافة إلى أن فقدان السيطرة على المجلس البرلماني في انتخابات شهر تموز قد ترك رئيس الوزراء الجديد فوكودا يخفق في محاولته للتوصل إلى تسوية مع المعارضة في ما يتعلق بقضية مساعدة أميركا في أفغانستان, ورغم إمكانية استمرار حكومة فوكودا إلا أن واقع الأمر يعكس عجز الحكومة عن إصدار قرارات هامة لعلاقتها مع واشنطن إذا بات عجز اليابان عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة الأميركية واضحا لالبس فيه وسيكون لهذا العجز صدى واضح عندما ستحتاج اليابان لحليفها الأميركي من أجل تحقيق التوازن اللازم أمام التنين الصيني.
ورغم أن تزايد الخلافات الاقليمية يشير إلى تفاوت وتباين السياسات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وفي مواقفها السلمية إلا أنه لن يكون أبدا في مصلحة اليابان عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه واشنطن ورفض مساعدتها في أفغانستان.
ويظهر عدم استعداد رئيس الوزراء الهندي الحالي المخاطرة بائتلافه البرلماني الهش من أجل المضي في الاتفاقية النووية المتفق عليها مع واشنطن وجود خلافات ومواقف سياسية تعيق تقدم العلاقات الدولية إذ يبدو أن السياسيين الممثلين للجناح اليميني واليساري في دلهي لم يقرؤوا الصعوبات والتحديات التي واجهت أميركا لتقويض موقفها من الحد من انتشار الاسلحة من أجل إنشاء علاقة جديدة مع الهند, إن قضية القومية ذات الحساسية العالية بالإضافة إلى الغرور الذي أتى نتيجة النجاح الاقتصادي الحالي قد أعاق الاتفاقية الأميركية الهندية التي كانت ستجلب للهند الكثير من المنافع إذ إن تقوية علاقات الصداقة ما بين البلدين سيساعد الهند ايضا على مواجهة تأثيرات النمو الصيني لكن من المستبعد جدا أن يبقى عرض الصفقة النووية مستمرا لفترة طويلة كما يجب أن لا نضع كل اللوم على الجانب الهندي إذ إن بعض المسؤولية واللوم يقعان على مشاعر النفور والاشمئزاز من السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ومنها الضغط على نيودلهي لعدم قبول المصادقة على صفقة الغاز الايرانية على الرغم من حاجة الهند الماسة لمثل هذه الصفقة, وفي نهاية المطاف نجد أن الحرب على العراق لم تساهم فقط في تشويه السمعة الأميركية بل تمكنت أيضا من تشويه العلاقات الأميركية مع بعض حلفائها في أكثر مناطق العالم تقلبا, إذاً قد أصبحت العراق عبئاً ثقيلاً ليس فقط على أميركا والشعب الأميركي بل أثرت و بشكل كبير وسلبي على العلاقات الأميركية مع أصدقائها في المنطقة.