وكان الرئيس نيكولا ساركوزي وخلال خوضه حملة الانتخابات إلى الإليزيه
قد أعلن بوضوح أن وجود القوات الفرنسية (في هذا الجزء من العالم) ليس (حاسما) بالنسبة له موهما بذلك إمكانية خفض عديد قوات بلاده أو حتى سحبهم بشكل كامل وجاء إعلانه هذا في وقت كانت طالبان تحتجز رهائن فرنسيين.
ومنذ أن وصل إلى الإليزيه على العكس من ذلك أكد الرئيس نيكولا ساركوزي وفي عدة مناسبات انخراط والتزام باريس إلى جانب حلفائها في الناتو وبدلا من خفض عدد قوات بلاده في أفغانستان وعد بزيادتها وإرسال جنود جدد إلى الأرض.
ويشهد على المشاركة الفرنسية الفعالة ضمن القوات الدولية للمساعدة في استقرار أمن أفغانستان (إيساف) وجود ست طائرات ميراج الفرنسية هناك ومع ذلك تبدي فرنسا تحفظا وحذرا شديدين في إرسال قوات لها إلى جنوب أفغانستان حيث المعارك هناك تدور على أشدها بين طالبان وقوات الناتو وكذلك تبدي ألمانيا ترددا مشابها والتي تحرص على تصديق برلمانها (البوندستاج) على بقاء عناصر قواتها (البوندسويهر) ضمن قوات إيساف بينما نجد أن آخر هم للرئيس ساركوزي هو موافقة النواب.
وتمارس واشنطن ضغوطا على حلفائها لكي ينهضوا بجزء من هذا العبء الثقيل الشاق والطويل أكثر مما كان متوقعا له منذ قرار حمله.
وكانت الحرب على أفغانستان قد بدت بعد أحداث 11 أيلول 2001 (حرب ضرورية) للقضاء على نظام طالبان الذي كان يؤوي أسامة بن لادن وصدق مجلس الأمن الدولي على تلك الحرب وحدث اجماع دولي انضمت إليه روسيا والصين للتدخل في أفغانستان وهي بالتالي تختلف عن الحرب على العراق ولكن ومع ذلك فإن مباركة الأمم المتحدة ليست ضمانة أكيدة للانتصار والنجاح في المهمة.
وإن ادعينا أن الأوضاع على الصعيد العسكري قد شهدت تحسنا ملموسا رغم العمليات التفجيرية والانتحارية المستهدفة قوات الناتو والزعماء الأفغان فإن الوضع على الصعيد السياسي بقي مضطربا ومزعزعا .
ومن الصعب بناء دولة قابلة للحياة في بلد مقسم بموجب التقاليد بين قبائل متناحرة يوجد فوق أراضيه بالإضافة إلى القوات العسكرية الأجنبية مستشارون وممثلون عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكذلك مئات المنظمات غير الحكومية وكل أولئك يعملون ضمن أجواء من الفوضى والغموض جنبا إلى جنب مع الرئيس حميد قرضاي والذي لا تتجاوز سلطاته حدود العاصمة كابول.
والناتو الذي يخوض أول عملياته القتالية خارج حدوده لم يقطف الفشل في أفغانستان بعد.
وفي الوقت الذي يراهن فيه الرئيس نيوكولا ساركوزي على علاقات ممتازة مع واشنطن ويبدي الرغبة في التقرب من ا لمنظمة الأطلسية نسي ما احتاط منه وانساق وراء سياسة الاقناع بالحجة.