جيل السبعينات لا يمكن ان ينسى عبد الغني طاطيش حيث كان اسمه يرن في الملعب طوال المباراة والذي حدثنا عن تجربته الطويلة والفنية كإنسان ولاعب كرة قدم تشغل الملايين.
نشأت في أسرة متواضعة في حي الميدان مدينة دمشق وكان والدي من زعماء الثورة السورية الى جانب المجاهد محمد الأشمر وكنا ثلاثة صبيان وابنتين لم يبق إلا أنا والبنتان, ولم يكن في بيتنا ما يوحي بوجود رياضي لكنني كنت أخرج للعب وأنا صغير مع أولاد الحارة وكانت كرة القدم تشغل كل كياني وكنت لا اصدق متى نخرج من المدرسة لأذهب للعب واستمررت باللعب في كرة القدم كل مراحل الدراسة, وفي المرحلة الاعدادية بدأت ألعب مع الأندية.
بالصدفة اخترت الجيش
نقطة التحول في حياتي الرياضية تكونت بالصدفة خلال الخدمة الالزامية إذ إنني عندما نجحت في الثانوية أردت متابعة دراستي في الجامعة كلية الحقوق ولكنني تفاجأت أنني لم أقدم مصدقة التأجيل للخدمة الالزامية لذلك تم طلبي لخدمة العلم.
وفي بداية الخدمة توفي والدي وكان عليّ أن أتحمل أعباء المنزل وأنا مازلت صغيرا ولهذا وجدت نفسي امتهن كرة القدم مع فريق الجيش, ومن خلاله لعبت مع منتخب سورية حوالي 12 عاماً والحقيقة كانت فترة رائعة جداً, والمتعة الجميلة فيها كانت السفر للدول الاوروبية والافريقية والآسيوية والتعرف على لاعبي فرق أوروبا وافريقيا الذين اصبحوا أصدقاءنا فيما بعد من خلال التواصل.
المحطة الثانية: كانت بداية العمل في التدريب وذلك منذ الثمانينات حتى الآن وهي فترة متصلة باللعب والتدريب والدورات التدريبية في عدد من الدول مثل يوغوسلافيا والمانيا والبرازيل وغيرها.
ولكن متعة التدريب تختلف عن متعة اللعب كأن يكون الشخص طالباً ثم يصبح استاذاً وهنا فإنه يفرح كثيراً لأنه حقق شيئاً مايرضي ذاته .
والحمد لله ومن خلال مسيرتي التدريبية فإن كل الفرق التي دربتها حققت معها انجازات كبيرة مثل منتخب سورية للناشئين الشباب ومنتجب الرجال وبعض الأندية .
والى الآن مازلت في هذا العمل الرياضي لأنه لا يرتبط بسن معين فالمدرب يبقى في أجواء الملعب مع الجو الرياضي الذي يشعر بالحنين والانتماء اليه دائما وبأنه لايريد الخروج منه أبداً فقد أصبح جزءاً من ذاته وكيانه
الرياضة والعائلة
عائلتي ( المكونة من زوجتي وثلاث بنات وصبي ) كانت دائما تعيش معي نفس الجو الرياضي بكل تفاصيله , وعندما أكون مسافراً يتم التواصل بيننا عبر الهاتف ومع هذا فإن أولادي لاسيما ابني في الصف العاشر لا أريدهم أن يتركوا دراستهم ويتجهوا الى الرياضة بل على العكس ان يحققوا مستقبلهم الدراسي لأن مستقبل الرياضة في بلدنا ليس مشجعاً.
وأشير هنا الى ان الاحتراف في بلدنا الذي بدأ منذ بضع سنوات لا يضمن مستقبل الرياضي اذا ماأصيب إصابة خطرة أو قوية
هدف الشهرة
في عام 1973 في طهران خلال تصفيات كأس العالم حققنا فوزنا على ايران حيث احرزت هدفا من أربعين متراً والحقيقة كان هذا الفوز الوحيد منذ ذلك العام وحتى الآن عليها كما كان هذا الهدف نقطة تحول للشهرة اكسبني اياها حيث كانت الناس تتابع المباراة من خلال النقل الاذاعي وكان وقتها المرحوم عدنان بوظو والذي بكى وابكى الجميع بالفوز الذي حققناه
المدرب كالوزير
عملت ثلاث سنوات في مجال التدريب بالامارات العربية المتحدة وهذه الفترة ساعدتني في تأمين مستقبلي واولادي لان الرياضة في بلدنا مثل الوظيفة دخلها محدود بينما في الدول الاورروبية يكون المدرب كالوزير له مركزه وقراراته التي تنفذ اما هنا فليست كذلك .
المدربون ...في قلق ..?
صحيح ان تجربتي كلاعب ومدرب ممتعة وجميلة لكن الصحيح ايضا ان هناك مسؤوليات في الحياة المعيشية تختلف كثيرا عندما يكون الشخص عازبا ثم يصبح متزوجا فهو لا يستطيع الاعتماد على التدريب لان بعض الاندية كثيرا ما يتغير المدرب عدة مرات وهذا يشكل امرا مقلقا للمدربين في بلدنا لذلك اتمنى ان يكون هناك نقابة للمدربين اسوة بنقابة الصحفيين او المحامين او غيرهم وذلك لضمان مستقبلهم وحقوقهم لاننا نجد ان العقود التي توقع بين المدربين والاندية تنتهي دون تقديم الفائدة المطلوبة فالمدرب ليس له عمل ثابت وانما يعتمد فقط على العقود التي يوقعها او يبرمها وبالتالي (هو وحظه )بعكس ما هو حاصل في اوربا حيث يوجد تأمين على اللاعبين والمدربين اي الاحتراف في كل شيءحتى الغذاءوالسكن والتامين الصحي ..وغير ذلك
التلفزيون ...وجيل السبعينات
لازلت احن الى النادي الذي لعبت فيه اول مرة وحتى الان العب اسبوعيا مع زملائي القدماءحيث استمرت الصداقة بيننا ,وطبيعي ان الانسان لا ينسى ماضيه بل يحن اليه دائما وبنفس الوقت يبقى متماشيا مع الوضع الحالي من خلال كسبه لرفاق جدد .
لقد كسبت مجموعة رياضيي السبعينات محبة الناس لانهم تركوا بصمة للكرة السورية ربما ساهم في تقويتها ظهور التلفزيون حيث اعطى للطرفين التواصل والعلاقة الطيبة حتى ان الرياضيين الذين استمروا في التدريب حتى الان لهم مكان خاص في عقول وقلوب الناس اذكر منهم ..شاهركسكين وجوزيف شهرستان وسهيل لطفي وشاهر سيف وهيثم برجكلي وغيرهم ...
واذكر الاستاذ احمد الجبان الذي له فضل كبير ببداية مسيرتي الكروية حيث كان المربي والمدرب لنادينا المغاوير .ولكن المسيرة الرياضية الطويلة استمرت بظهور العديد من المدربين العرب والاجانب
والحمد لله اغلب الناس تعرفني كمدرب وكلاعب وعلاقاتي جيدة مع الجميع لا سيما العاملين في حقل الرياضة ,وليس لي عداوة ولا سوءتفاهم مع احد ولا حتى مع اصدقائي خارج سورية وهذا فضل من الله بان يبقى الشخص على علاقات متميزة مع الاخرين .
عدنان بوظو ...والذهبية
ومن الشخصيات البارزة في جيل السبعينات اتذكر المرحوم الاستاذ عدنان بوظو الذي كان افضل مذيع رياضي في ذلك الوقت وكان يحب الرياضة والفرق ويتواجد معها في كل المناسبات اضافة الى انه كان يخلق حماساً عند الجمهور من خلال وصفه للاعبين واللعب والمباريات وله اثر كبير في شهرتنا وانتشارنا في سورية والوطن العربي حيث كان يسافر معنا وينقل المباريات من الدولة التي كنا نتواجد فيها ,واستمر فترة طويلة في ذلك وفي دورةالمتوسط عام 1987كان له اثر كبير في وصفه للمباريات وباحتلالنا المركز الاول واحراز الميدالية الذهبية .
محطات التكريم
اخيرا اتوقف عند بعض محطات التكريم حيث كان هناك تكريم كبير لفريق الجيش بعد المباراة التي لعبها مع نادي سبارتاك موسكو الذي كان بطل اوروبا انذاك عندما فزنا عليه كرمنا القائد الخالد حافظ الاسد رحمه الله برحلة الى اوروبا لمدة اسبوعين كما كرمنا عام 1974بكأس القنيطرة والتي كانت مع المغرب وحضرها سيادته ثم دعانا في اليوم الثاني لمقابلته حيث جلسنا معه في اربع ساعات في القصر الرئاسي واخر تكريم كان لمدرسة اي سي ميلان الايطالية والتي كرمت اللاعبين القدماء بحفل عشاء وتقدمة هدايا رمزية اضافة.. لمناسبات اخرى.
وفي الفترة الاخيرة اهتم السيد الرئيس بشار الأسد بالرياضة والرياضيين من خلال تكريمهم حيث كافأ منتخب الشباب الذي لعب في نهائيات كأس العالم بهولندا وفرقاً كثيرة وهناك مكافآت فردية للاعبين الرياضيين المتميزين كما نشاهد.
واتمنى لكل منتخباتنا النجاح والتوفيق وهذا يحتاج الى دعم كبير معنويا وماديا ويجب ان يكون الدور الاكبر لاتحادات الالعاب والذي يحاول ان يحسن وضعه مع الاتحاد الرياضي لانه لابد من التنسيق بينهما ومن الافضل ان ينفصل كل منهما عن الاخر في الامور المالية والتنظيمية.