بين عامي 2003 - 2004 يوم كان وزيراً للإسكان تجاوزت 200 مليار دولار ويعتقد أنها وصلت اليوم إلى 400 مليار دولار, علماً أن هذه التكلفة تتعلق فقط بإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الاحتلال الأميركي, ولا تدخل فيها المشاريع النفطية وبناء وحدات سكنية تلبي الاحتياجات المتنامية للسكان, وتؤوي من هدمت قوات الاحتلال بيوتهم,حيث قدرت حاجة العراقيين حتى العام الماضي بنحو 1,5 مليون وحدة سكنية.. فما الذي أعدته شركاتنا العامة والخاصة للاستفادة من هذه السوق الواعدة ذات الثلاثين مليون نسمة?
سوق بكر .. تبادل ضئيل!!
ثمة أسباب عديدة تجعل من السوق العراقية سوقاً بكراً, فالشركات العامة مشلولة بفعل الأوضاع الأمنية, والخاصة قادتها هذه الأوضاع وغيرها إلى الهروب خارج العراق أو إلى الإفلاس أو إلى العمل تحت مظلة شركات أجنبية تعمل في العراق حالياً,إضافة لعزوف الكثير من الشركات العربية والأجنبية عن العمل في العراق بسبب ارتفاع نسبة المخاطر, وأخيراً ما يزيد من أهمية هذه السوق هو تنامي الطلب المرتبط بعوامل ديمغرافية وتغير في أنماط الاستهلاك وظهور احتياجات ومنتجات وخدمات لم يسبق أن تعامل بها الناس هناك.
وللمفارقة, فإن ضخامة المبالغ التي تحتاجها عملية إعادة الإعمار, وضخامة السوق هناك, والقرب الجغرافي لم ينعكس على الشركات السورية بالكثير من الفائدة, إذ لم تستغل هذه الشركات الفرص المتاحة حالياً, ولم تعمل على استكشاف فرص أخرى جديدة, بدليل أن التبادل التجاري بين البلدين لم يتجاوز 800 مليون دولار, وإن كانت المؤشرات تفيد بأن الأشهر القليلة الماضية رفعت أرقام هذا التبادل لتتجاوز ما تم تحقيقه خلال السنتين الماضيتين.
تسابق نحو الكعكة..
دول كثيرة وشركات أكثر ترقب السوق العراقية عن كثب, بل وتتحين الفرص لأخذ نصيبها من كعكة هذه السوق الضخمة, فإلى جانب الدول العربية وبعض الدول الآسيوية دخلت تركيا وبعض دول الخليج على الخط, وخصوصاً من بوابة التطوير التقاني ونقل نظم المعلو مات وتحديث شبكة الاتصالات..إنها معادلة الفرص الضائعة, ومعروف في علم التسويق تلك القاعدة الذهبية الشهيرة بأن التسويق في المستقبل سيكون تسويق اقتناص فرص لا اقتسام حصص. وهذا يجب أن يكون واضحاً لدى القائمين على شركاتنا, والذين لا بد وأن ينظروا إلى السوق العراقية كمحرك للركود الذي تشهده بعض أسواقنا, وكتنويع للمحفظة الاستثمارية تجنباً لأية مخاطر مستقبلية.
اتحاد للشركات..
قد تُعذر الكثير من شركاتنا من الاستثمار في السوق العراقية بسبب (فوبيا) - أي الخوف- من الأوضاع الأمنية, فرأس المال جبان, كما يقال, ولكن تأسيس المكتب الإقليمي لاتحاد الشركات العراقية- العربية في دمشق, وإشهاره مؤخراً كمنظمة غير حكومية يتمتع بشخصية مستقلة قد حل جزءاً كبيراً من المشكلة, إذ يقوم الاتحاد بضمان الاستثمار في العراق للشركات العراقية والعربية الراغبة بذلك, بحيث يكون مسؤولاً عن هذه الشركات أمام الجهات الرسمية العراقية صاحبة المشروع من جهة, وضامناً لحقوق الشركات لدى الأطراف العراقية.
يقول أمين سر الاتحاد خالد المشهداني إن تأسيس المكتب الإقليمي في سورية جاء للمساهمة في عمليات إعادة الإعمار من جهة, ولإعطاء أكبر قدر ممكن من العقود للشركات العربية بدلاً من أن تذهب للشركات الأميركية والبريطانية والفرنسية, لأن الشركات العربية هي أولى بالاستثمار في العراق من غيرها, وقد استطاع الاتحاد أن يستقطب حتى الآن نحو 300 شركة عراقية ونحو 30 شركة عربية تشكل الشركات السورية نصفها, إلى جانب 3 شركات أجنبية تنتمي لدول لم تؤيد احتلال العراق, علماً أن هناك شركات جديدة تنضم للاتحاد باستمرار.
وعن العقود التي أنجزها الاتحاد حتى الآن مع الحكومة العراقية يقول المشهداني إنه تم إنجاز عقود مع وزارة التجارة هناك بحدود 120 مليون دولار, ومع وزارة الصناعة بحدود 20 مليون دولار, ومع وزارة المواصلات بحدود 35 مليون دولار, وجارٍ تجهيز طلبية كبريت من العراق لصالح وزارة الصناعة بسورية بقيمة 16 - 17 مليون دولار, إلى جانب العديد من العقود التي ما زالت تحت الدراسة.
وحول أكثر المواد طلباً من السوق السورية باتجاه السوق العراقية يرى المشهداني أنها المواد الغذائية والألبسة والمواد الإنشائية, لأن العراق مقبل على طفرة عمرانية كبيرة, وهذه فرصة للشركات السورية العاملة في الحقل الإنشائي والمقاولات ومواد البناء لدخول السوق العراقية عبر الاتحاد.