ظناً منه أن دخان الاشتعال سيحجب الرؤية عن خبث مآربه، ويشوش على رادارات الرصد السورية التي التقطت منذ البدء إشارات تحركاته العدوانية وأدركت مغزى مدلولاتها، متوهماً أن صبَّ زيوت التأجيج سيمكنه من تكريس واقع احتلالي استمات لتحصيله، ورسم خطوط الاتفاقات حسب أهوائه التوسعية، ووفق إحداثيات أطماعه بالاقتطاع من الجغرافيا السورية.
ألم يدرك ذلك الواهم العثماني أن أذرع أدواته بترت في كل المعارك السابقة ويتم بترها الآن في معارك الشمال!، وأن ذخيرة إرهاب نصرته وكل تفريخاتها أصابها العطب ولم تعد صالحة للاستعمال في حرارة الميدان!.
أم أنه لم يستفق بعد من غيبوبة أوهامه العثمانية رغم كل الصفعات! وما زال يمني نفسه بمعجزة ميدانية تغير الواقع المنجز والمستكمل، أو سياسية تفرد له مساحة جديدة للمخاتلة، معتقداً أن عكاز النصرة، الذي لطالما اتكئ عليه كلما انهار الجدار الميداني على بيادق إرهابه، قادر على إسناده ولملمة تشظي أدواته.
الآن وبعد كل رسائل التحرير التي يرسلها الشمال تباعاً لتخترق صمم أوهامه، ألم يوقن الأحمق التركي أن أوراق لعبه احترقت ولم يعد يجديه نفخاً في رماد جثث أوهامه المتعفنة، وأن شبكات احتياله ومراوغته تقطعت، وتقطعت معها الجسور الواصلة بين أدواته في الشمال، وأن لا سبيل لديه لالتقاط أي مناورة احتيال جديدة في ضوء ما نسفه من تهدئات اعتمدتها الدولة السورية لتأمين عبور المدنيين إلى ضفة حمايتها، فرميه إلى خارج دائرة كل الاتفاقات المبرمة مسألة وقت شارفت ساعاته على الإيذان بطرده كمعتدٍ غازٍ ليس فقط خارج طاولة الحلول بل خارج الأراضي السورية أيضاً.
الدولة السورية تعي جيداً أن كل ما يقوم به البلطجي التركي محاولات يائسة لإيجاد مخارج من عنق زجاجة الفشل التي تشل قدرته على المناورة، ولا يهمها ما يتفوه به من ترهات على منابر الخداع والادعاء الباطل، وتعلم أن الذيل التركي أعوج مهما وضع في قوالب التفاهمات والاتفاقات فلن تستقيم أفعاله، وواثقة أن ردودها على عدوانيته ستكون بتحرير الأرض السورية من إرهاب أدواته، فمن إدلب وريفها وأرياف حلب سيأتيه الخبر اليقين الذي بدأت عواجله الميدانية المتتابعة تضرب على رأسه كالصاعقة، والقادم الميداني أكثر إيلاماً فلينتظر.