حيث توظف خلاصة وثمرة خبرتها التقنية, في وضع اللون المائي, مستفيدة من بياض الورقة الخام، الذي يصبح داخلاً في بناء اللوحة.
في أسامة وشامة
ولقد نشرت بعض رسوماتها الموجهة للأطفال في مجلتي أسامة وشامة، كما تعمل من عام 2002 والى الآن, مع العديد من شركات إنتاج الرسوم المتحركة مثل تايغر برودكشن والنجم واخرين، وفي أعمال تلفزيونية مثل دمتم سالمين ومدينة المعلومات والفيلم السينمائي الكرتوني خيط الحياة وبرنامج لحظة (الموسم الثاني) وغيرها.. وأعمالها تبدو منجزة بموهبة وبسوية عالية, حيث تبرز في معظم لوحاتها، حيوية الخطوط وحداثة التقنيات، التي تتناسب مع المطبوعات الطفولية الحديثة المتدرجة بين الواقعية والتعبيرية والخيالية والرمزية، والتي تتناسب مع ثقافة الطفل، ومدى قدرته على استيعاب القصة التربوية الحديثة، التي ينتصر فيها الخير على الشر, وهي تتعامل مع الأطفال من منطلق التفاعل مع الحرية التعبيرية المطلقة، الحرية الحاملة في طياتها نفحات عفوية وتلقائية قريبة من أحلام الأطفال وعالمهم الساحر.
هكذا تصبح رسومات دانه الحصيني (من محترفات كلية الفنون الجميلة في دمشق قسم الاتصالات البصرية 2002, والتي عملت كمحاضرة في كلية الفنون التطبيقية جامعة القلمون بين عامي 2010 2013, وتعمل حاليا في الإمارات في مجال رسوم الأطفال والميديا) قادرة على إعطاء فنون الأطفال نفحات جديدة، والتعبير من خلالها عن معطيات العصر الذي نعيشه, ومن هذا المنطلق نكون قد تكلمنا عن طموحاتها في ايصال رسالتها والاهتمام بمسألة جوهرية, وهي التعامل بعفوية في استخدام الخطوط والألوان، وبطريقة قريبة من تلقائية فن الأطفال وبعيدة عنها في آن واحد.
وتحمل رسوماتها بعض مظاهر تأثيرات البيئة المحلية، على مخيلة الأطفال, حيث تتعامل معهم في رسوماتها بلغتهم الخاصة، وتظهر مرونة رموزها التعبيرية التلقائية، وبطريقة بعيدة عن هيمنة المؤسسات التربوية المدرسية (الراكدة) التي تسجل نوعاً من الأسر لمخيلة الأطفال، ومواهبهم الخفية التي تركت أثراً واضحاً، على بعض تأثيرات فنون القرن الماضي (وخاصة على لوحات بابلو بيكاسو في مراحله الأخيرة).
رسومات توضيحية
هكذا تقدم رسومات وأفلاماً كرتونية قادرة على إيضاح الحكاية أو القصة أو الفكرة بالمختصر المفيد، إذ تكمن أهمية رسوماتها، في مدى قدرتها على التقاط المشهد الذي يلخص فكرة، ويكثفها بنفس الوقت، حتى تصبح قابلة للتحول من اللغة المحكية إلى اللغة البصرية، ويبقى الرسم بعد ذلك قابلاً للعيش مدىً زمنياً أطول في أذهان وعقول الأطفال حتى لمرحلة ما بعد الفتوة والشباب.
هذا إلى جانب كونها فنانة تشكيلية تمارس إنتاج اللوحة الفنية، ولها مشاركات عدة في معارض مشتركة في سورية والإمارات (المعرض السنوي الجماعي في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات - أبوظبي 2014, معرض جماعي لفناني رسوم الأطفال في المركز الثقافي العربي - أبو رمانة - دمشق 2011, معرض جماعي لفناني رسوم الأطفال في صالة النهر الخالد بحمص 2010, معرض جماعي ومشاركة في مسابقة بصالة قزح «فيديوآرت» - دمشق 2008, معرض الشباب السنوي في صالة الرواق العربي - دمشق 2003 وغيرها).
حساسية اللوحة المائية
ومائياتها تشكل مناسبة للتعرف إلى مهارة فنية مفرطة في داخليتها وحسيتها من خلال إدخال تأليفات لونية متمكنة من ابتكار مساحات متجاورة ومتداخلة بحرية وتلقائية وطفولية أحياناً. وبتعاملها هذا, تضفي انفعالاً مباشراً على حركة الخطوط والألوان، بل وتنتقل من المعالجة العاطفية التي يتراخى فيها التأليف الهندسي ذاهبة إلى عفوية تعبيرية للوجوه والأشكال الإنسانية.
هكذا نرى في لوحاتها قوة في إعادة صياغة الوجوه والعناصرالإنسانية، حيث تصل إلى درجة من الحساسية اللونية التي تذهب إلى الجوهر وتحمل هاجس التجديد والبحث عن جماليات جديدة ومبتكرة بإتباع أسلوب الاختصار والعمل على إبراز جمالية تشكيلية حديثة تحافظ على قدرتها التعبيرية عبر ضربات وحركات ولمسات لونية سريعة وقوية في آن واحد.
وتذهب في أحيان كثيرة إلى جعل المساحات اللونية المعتمة تتداخل مع مساحات لونية مضاءة, وبذلك تتدرج الحالة اللونية, من تلك الباهتة أو القاتمة إلى أخرى تغلب عليها الألوان الزاهية والمشرقة، وتعمل على إظهار التوازن والتوافق بين الشيء الهندسي والتكوين العاطفي المتبدل الذي يخرج العناصر الهندسية من برودتها وقساوتها وينقلها إلى التعبيرية المبسطة لقول انفعالاتها وأحاسيسها الداخلية العميقة، في خطوات عملها على تصعيد ميزة الشفافية عبر ضربات فورية ومباشرة ونهائية, لأن اللون المائي شفاف ولا يقبل التعديل، بخلاف اللون الزيتي الذي يمكن تعديله بوضع طبقة فوق أخرى, وهي هنا تشعر بحساسية اللون الشفاف, وترسم بحرية وتغوص في تجربة تعبيرية متحررة تحمل تداعيات طفولية تزيد من أجواء الحرية والتلقائية. وتحددها فروقات لونية وخطية شديدة الحساسية، وهذه الحساسية تتعمق يوماً بعد آخر، وتمنحها خصوصية. وهذا ماحققته في لوحاتها، حين استعادت الأجواء اللونية الشفافة, والتي لازمت تجربتها التي تتوضح معالمها الجمالية والتعبيرية يوماً بعد آخر. إن الاهتمام برسم الوجوه والمواضيع الانسانية وخاصة النسائية، جاء من تأثيرات نزعتها الرومانسية، في خطوات تفاعلها مع أجواء ودرجات لونية مختلفة ومتنوعة.
facebook.com adib.makhzoum