تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من شفة..التاريخ

اخيرة
الثلاثاء 20/12/2005م
لينا هويان الحسن

ترافق صيادان إلى الصيد, أحدهما (على نياته) والآخر محتال واسع المآرب. تعاونا سوية, واصطادا أرنباً وغزالاً وعندما آن وقت التقاسم, قال الصياد المحتال لرفيقه: (تريد الأرنب, خذ الأرنب, إذا كنت تريد الغزال.. خذ الأرنب)!

الخيار ذاته, هو المطروح -على ما يبدو- أمام كثير من الصيادين (المجاورين) -الخائبين بعد رفقة طويلة مع صيادين من طراز (مارينزي)! هنيئاً لهم باللاشيء.. لمن عجز خيالهم عن إنقاذهم بشأن الأطباق المعدة سلفاً (ليأكلوها) فهنيئاً مريئاً سلفاً.. للمقالب التي شربوها وسيشربونها..‏

كلما راقبنا تخبط أل..(هؤلاء) نتأكد بأنهم لم يقرؤوا التاريخ لهذا هم يتعثرون بمطبات واضحة.. لكن العتب على نَظَر أقصر من الأنف وعلى ثقافة محدودة بالتاريخ ومن (لا يقرأ التاريخ يبقى طفلا) كما أكد يوما الخطيب السياسي وقنصل روما الشهير (شيشرون). ولأن الاعتراف سيد الأدلة اخترت مقتطفات من رسائل المس جيرتروود بيل فهي أهم الموفدين من قبل السلطات البريطانية إلى العراق في مطلع القرن العشرين وهي كما يعرفنا عليها الراحل عبد الرحمن منيف الذي قدم الترجمة العربية لأوراقها الشخصية بين (1914-1926) يقول عنها: دورها كان حاسما في الصيغة التي أخذتها المنطقة في أعقاب الحرب العالمية الأولى, من حيث العلاقة مع بريطانيا, ومن حيث نوعية الحكم الذي قام في العراق بدأت علاقة المس بيل بالمنطقة مع بداية القرن العشرين تقريبا. وقد تزاملت مع ت. أ لورنس في البحث عن الآثار وظل الاثنان معا فترة من الزمن ثم افترقا كل إلى مكان وكل لمهمة.‏

إذ أخذت المس بيل تجوب المنطقة من أقصاها الى أقصاها بحجة البحث عن الآثار مرة وبحجة دراسة اللهجات البدوية مرة وبحجة الإلمام بأصول القبائل وأنسابها مرة ثالثة.‏

إلى أن انتدبت للعمل في العراق أثناء الحرب العالمية الأولى وكما يتابع عبد الرحمن منيف: بدأت رحلتها الكبرى في صناعة الممالك وتنصيب الملوك واختيار الوزراء وتقسيم النفوذ والأرزاق وتزكية من تحب ونفي من تكره.‏

هذه (المس) تميزت بحس منطقي استشرافي على الطريقة الاستعمارية وها هي تعترف لوالدها في إحدى رسائلها في عام 1922:‏

سوف تتميز الحلقة التالية من تأريخ العرب بالغضب العارم الذي سيثيره بالتأكيد اقرار الانتداب البريطاني على فلسطين من قبل عصبة الأمم, وأجد نفسي في هذا المجال متعاطفة كل التعاطف مع الفلسطينيين.‏

إن فيصل -الملك- قد اعتاد في حديثه أن يقسم على حد قوله: (بالله وبرأسك) رأسي أنا- هذا الرأس الذي لا ينصرف سوى إلى اهانة ذاته وإذلالها.. إنني اتخلى عن عصبة الأمم لأنها منظمة نصب واحتيال ليس إلا فقد عمدت إلى تسفيه حجتها نهائيا وعلى نحو حاسم عبر إقرارها الانتدابين على سورية وفلسطين خلافا لأي من مبادىء الانتداب التي كانت هي بالذات قد وضعتها.‏

أود التوقف هنا لأن كيل المزيد من هذا الشجب يجعلني أحتدم غضبا, وهذا ما أريد تفاديه قبل خلودي إلى النوم, إنه حال يرهق الأعصاب ويؤذيها.. نحن ندعي بأننا نؤسس حكومة تنسجم مع رغبات الشعب. يا لنا من كذبة, وغدة, وأشرار. والآن, دعني أذهب إلى فراشي.‏

(أقسم بشرفي بأن العرب لديهم روح الصدق التي نفتقر نحن إليها).‏

إنه اعتراف جريء.. واضح يغني عن أي تعليق..‏

ملاحظة: نص الرسالة وارد في الصفحة (492) من كتاب (جيرتروود بيل- من أوراقها الشخصية) ترجمة نمير عباس مظفر‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية