مسلماًَ.. مسيحيا.. يهوديا. وثنيا
ايا كان اعتقادك تعال..
ما احوجنا الى هذه الدعوة التي أطلقها جلال الدين الرومي, والى العودة لفكره, في هذا الزمن الصعب-زمن الارهاب والتطرف.
جلال الدين الرومي عاش في عصر مضطرب-عصر الغزو المغولي, واواخر الحروب الصليبية اذ عانى الناس آنذاك ما عانوه من حروب مدمرة, حتى انهم كان يضطرون لترك اوطانهم مهاجرين في جنبات الأرض ينشدون الامن والاستقرار.
وعنه قال ايضاً د.عبد الكريم اليافي: ومن العجيب ان يبرز واحد من مثل جلال الدين الرومي في رفعة القدر وعلو المكانة وصفاء التعبير الروحي والمناداة بالحب والتسامح والتحليق في اجواء رائعة من الجمال والسلام, على الرغم من تلك الاعاصير المطيحة, والزلازل المخربة.
انه كان ينظر الى تلك العواصف والطوائح نظرة هادئة نافذة ليستخلص من خلال زيف الحروب وجحيم المطامع, وترويع الآمنين جوهر الانسان الاصيل وليشدو بأعذب الحان الحب والتعاطف الانسانية! لقد عالجت اشعاره شؤونا انسانية كثيرة.
كان يكره الظلم والطغيان والسيطرة والاستبداد والابتكار, ويدعو الى الحرية والتعاون والترفع فوق جشع المادة وعمى البصيرة!.
يقول ساخراً من الطغيان ( ان الذي حطّم بمخالبه الكثير من الرؤوس قد اكتسحته مكنسة الموت كما تكتسح القذارة.
بمناسبة مرور 732 عاما على وفاته أقيم حفل تأبين في مدينة قونية التركية في السابع عشر من الشهر الجاري والتي غصّت بالزوار من كل انحاء العالم.
وبسبب الازدحام الشديد في المدينة فقد اضطر الناس للحجز في مدن مجاورة, ورافق حفل التأبين نشاطات ثقافية تتضمن محاضرات واجتماعات وقدمت الى تقديم رسائل علمية حول فكر الشاعر الرومي من قبل المختصين الذين اتوا من اكثر من خمسين دولة وكانت سورية واحدة من تلك الدول المشاركة ممثلة بوزير الثقافة د. محمود السيد, فالاتراك يعتبرون ان الشاعر جلال الدين الرومي قاسم مشترك بين سورية وتركيا, ففي دمشق وحلب توجد حكايا له وفيهما الكثير من المحبين والمريدين وخاصة من ال المولوي .
ربما تساءل سائل لماذا هذا الهجوم على مدينة الشاعر ?! وما سبب هذه المشاركة الكبيرة من كل دول العالم في حفل تأبينه? ولماذا اصبح هناك اقسام ففي الجامعات الغربية تدرس فكره وفلسفته?
والجواب: ربما شعر هؤلاء انهم بحاجة الى الروحانية فجاؤوا ليغتسلوا وليطهروا من اوضارهم ففي تلك المدينة التي حركت اوتار القيثار في روح الشاعر وهو القائل:
(ان الروح ليس شعارها العشق الحق من الخير الا توجد, فليس وجودها سوى عار كن ثملا بالعشق .. فإن الوجود كله عشق
ومن دون العشق وشؤونه لا سبيل الى الحبيب)
هذ الحبيب هو الرمز الاعلى ( الله ) بالنسبة الى جلال الدين الرومي الذي يعتبر يوم وفاته ليلة زفافه إذ انتقل من حياة زائلة.. زائفة مؤقتة.. الى اخرى ابدية يقول :
يوم وفاتي...هو يوم عرسي
اذا ما مت سألتقي بمحبوبتي هناك .
حقا .. ان كل واحد منا بحاجة الى ذلك الصفاء الروحي , فهل سيفكر المتغطرسون والمتكبرون في العالم بالذهاب الى هناك? ليدركوا ( ان الظلم مرتعه وخيم) , هل سيفتح الغرب قلوبهم وعقولهم لتراثنا الاسلامي ليعرفوا أننا دعاة سلام .. لا ارهاب, خاصة وان الكثير من قصص جلال الدين الرومي مأخوذة من القرآن وفيها الكثير من الوعظ والارشاد , ام انهم سيعودون كما اتوا حاملين حقدهم على الاسلام والمسلمين فتكون رحلتهم سياحة فقط.