تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


على بساط الريح .. مع رفقة سيئة

ثقافة
الثلاثاء20/12/2005م
لينا هويان الحسن

كتب أحد الفلاسفة:

( ليس الإنسان إلا قصبة , الأضعف في الطبيعة.. لكنه قصبة تفكر..).‏

ولا بد أنه نسي بأنه قصبة ( شيطانة ) بالغة الدهاء كلما هزها الهواء تفتقت باختراع جديد وتكتيك خطير لعبت وحاولت وكانت النتيجة القرن الحادي والعشرين حيث ترف الاختراع بلغ الأوج ...الذروة.. أو هكذا نظن ربما هنالك ذروات أعلى في هذا المجال.‏

والترف التكنولوجي هو حتما مؤشر لمسح معالم التمايز بين البشر اي عولمة من نمط (ملعون) والتلفزيون هو الابتكار ( البطل) بكبسة زر نشرق ونغرب وندور سبع دورات مرورا بالقطبين ونحن جالسون على الأريكة نأكل ( الفوشار) لنكون زوارا عابرين للقارات وبين كبسة زر وأخرى تختلط الهلوسات البصرية بالهلوسات السمعية لصالح هذيان ( سعيد) هكذا يظن الملايين من البشر...‏

حتما نحن أمام ترجمة مباشرة سيئة برأيي الشخصي لبساط الريح السحري لكن:السياحة تكون بين سديم بالظاهر أنه ثري لكنه قائم على تحدي القدرة البشرية على الاستيعاب.... الاحاطة بالكم الهائل من البرامج وأفلام ومسلسلات و...!‏

يخشى أن يمر زمن طويل قبل أن يدرك البشر أنهم أمام اختراع ( جهنمي) يعمل على اخضاعهم معنويا تمهيدا لسحب الروح والنتيجة ستكون حالة من التوازي ..التساوي الإنساني مع الآلة... أي عولمة قبيحة تبشر بالدثور... شئنا أم أبينا إننا أمام حالة تجذر ( التلفزيون) في طقس حياتنا اليومي حيث يتربص بنا تطرف بصري يصاحبه تهويم متعمد خبيث لكل ما يعرض كأننا أمام ألبوم صور لا ينتهي نقلبه ( بريمونت كونترول) والمذيعون يقولون لنا: امضغوا جيدا?! ضمن ثرثرة غبية لمذيعة ترتدي (لانجري) من أفخر الماركات إلى مذيع مخنث تحتاج إلى بضع دقائق حتى تحسم حقيقة جنسه وفيما هو يتحدث يخلق فانتازيا (ميوعة) تثير الغثيان رغم ذلك العالم يتفرج..‏

رغم اعتراضات ( الذهنية) الناقدة لكن لم يكن بوسع العقلاء القلائل عرقلة سير عجلة الفضائل التكنولوجية بل أصبح من نافل القول..الاعتراض أو الذم أو اللوم وكأن حاسة البصر هي الوحيدة لدى البشر فيكفيهم الجلوس التمسمر أمام ( التلفزيون) لساعات طويلة والتقليب من محطة إلى محطة على نحو عشوائي طابعه بحثي انتقائي دون أن يكون المشاهد قد شاهد برنامجا بعينه.‏

يبدو أنه على جميع الفلاسفة مراجعة آرائهم بشأن حكمتهم وتحديدا ذلك الذي قال بأن ( اللغة هي زئبق العالم) قال ذلك دون أن يتنبأ له أحد بأن ثمة اختراعا قادما اسمه ( فيديو كليب) مثلا!!‏

أما ذلك الفيلسوف الذي بشر بفائدة الكتاب قائلا : ( أتمنى أن تسقط علي في كل يوم من السماء سلال مليئة بالكتب.. إن هذه الأمنية طبيعية وكم هي بسيطة هذه المعجزة أليست الجنة فوق في السماء مكتبة هائلة)?!‏

أما فرضية أن ( التلفزيون) يقضي على ملكة التخيل لدى الإنسان كارثة حقيقية?!‏

وياما أحلى الأيام التي كان فيها الدوران حول العالم في 80 يوما تحديا حقيقيا اسألوا (السبع المدهش)!?‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية