تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تركيا تسير في الاتجاه الخاطئ.. وأوروبا تساندها

عن الاندبندنت
دراسات
الأحد 8-11-2015
ترجمة: ليندا سكوتي

كان يوما أسود للكثير من الأتراك. لكنه ليس كذلك بالنسبة لأولئك الذين صوتوا في يوم الأحد الفائت لصالح رئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان، الذي لايشعر مؤيدوه (وفقا لما قاله سيركان دميرتاز مدير مكتب صحيفة حرييت ديلي نيوز في انقرة)

بأي حاجة لتحقيق المعايير الديمقراطية المعاصرة. بل كان يوما أسود لأولئك الذين يرغبون بتحقيق تلك المعايير ذلك لأنهم سيضطرون لتحمل حزب العدالة والتنمية أربع سنوات أخرى.‏

لا شك بأن جرعة هائلة من الإرهاب قد ساهمت في مساعدة الحزب الحاكم لاستعادة السلطة، بعد أن فشل في التمكن من تشكيل الحكومة بمفرده في انتخابات حزيران الماضي، حيث كتبت صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان «ذيل الكلب» بأن اردوغان جدد حربه على حزب العمال الكردستاني بهدف كسب التأييد لما يبتغيه من العودة إلى السلطة، وكان حزب العمال الكردستاني من السذاجة بمكان بحيث أتاح له تحقيق مآربه.‏

لكن بصيصا من الأمل قد ظهر في الانتخابات تمثل في عدم تمكن أردوغان من إخراج حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي يقوده محامي حقوق الإنسان صلاح الدين ديميرتاز وشريكه فيجن يوكسيكداغ، على غرار ما فعله مع العمال الكردي، حيث تمكن حزب الشعوب من الفوز بما يزيد عن 10% من الأصوات المطلوبة لاعادة انتخابه.‏

في مقابلة أجريت شهر آذار من السنة الفائتة مع عبد اللطيف سينر نائر رئيس حزب العدالة والتنمية السابق وعضو مؤسس للحزب قال « اعتقد بأن اردوغان يستعد لجر تركيا لحرب أهلية نتيجة تمسكه بالسلطة» ويبدو أنه كان محقا في رؤيته. وفي مختلف الأحوال، فإن الصراع المتجدد مع حزب العمال الكردستاني والتهجم على حزب الشعوب الديمقراطي يمكن أن يكون له انعكاساته على آلاف المنازل في كافة أرجاء تركيا.‏

ثمة شعاع ضوء وحيد يخرج من هذا النفق المظلم، هو أن حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على 317 مقعدا في البرلمان التركي من أصل 550 لم يحصل على 330 مقعدا المطلوبة لتمكنه من تحقيق تغيرات دستورية في موضوع الاستفتاء أو الحصول على الثلثين المطلوبة لتغيير القوانين في البرلمان، وهكذا حُرم أردوغان من الرئاسة التنفيذية التي كان يتوق لها.‏

إن سلوك الحكومة المؤقتة لحزب العدالة والتنمية قبل الانتخابات كان مثيرا للامتعاض على مستوى أي معيار من المعايير الديمقراطية. وبقيادة وزير الخارجية السابق والرئيس الحالي للوزراء احمد داود أوغلو الذي يعتبر ألعوبة بيد أردوغان، تم شن هجمات على ما تبقى من الصحافة الحرة بلغت ذروتها عندما تم الاستيلاء على مجموعة كوزا إيبيك الإعلامية، التي تضم اثنين من الصحف اليومية ومحطتي تلفاز، وذلك قبل خمسة أيام من الانتخابات، وتحويلها إلى منفذ دعائي للحكومة.‏

لا ريب بأن اسم الرئيس اردوغان سيُدرج في كتاب غينيس للأرقام القياسية باعتباره الرئيس الأكثر صفاقة في تاريخ البلاد، حيث أنه في شهر أذار الماضي ذكرت صحيفة سوزكو التركية اليومية بأن محاميي أردوغان قد تقدموا بشكاوى ضد 236 شخصا بتهمة الإساءة له منذ تبوءه منصب الرئاسة في شهر أب العام الفائت. أما الآن فقد تزايد هذا العدد وأضيف إليه عدد من محرري الصحف والصحفيين وأفراد من الشعب التركي.‏

القاضي التركي إسيل كراكاس، الذي يشغل منصب نائب رئيس محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، صرح بأنه «كان لتركيا صورة البلاد التي يتحمل شعبها الظلم. لكن هذه الصورة قد اختلفت كليا. وحل محلها صورة البلاد التي تفتقر لحرية الصحافة وحرية التعبير، فالانترنت محظور والدعاوى القضائية ترفع على نحو مضطرد بحق كل شخص يعتبر بأنه قد وجه الإهانة للرئيس»‏

ولا أحد في مأمن. إذ تبين بأن اثنين من الصبية تبلغ أعمارهم 12 و13 سنة يواجهون حاليا حكما بالسجن مدته سنتين لقيامهم بكسر بوسترات للرئيس وبيعها لتاجر خردة. وكما صدرت أحكام بحق 244 مشاركا في احتجاجات غيزي بارك عام 2013 في اسطنبول بالسجن 14 شهرا لدورهم في المظاهرات. ثمة مؤشرات تؤكد بأن الرئيس التركي مصاب بجنون العظمة على نحو واضح، إذ نراه يدعي بأن منظمات إعلامية عالمية تأخذ أوامرها من «العقل الأسمى» (ويقصد هنا اليهود) لمهاجمته وحزبه. وذلك ما يتماشى مع الفيلم الوثائقي الذي استمر عرضه مدة ساعتين بعنوان «العقل المدبر» الذي بثته قناة موالية لحزب العدالة والتنمية شهر أذار الفائت، وما يصرح من أن هناك «مؤامرة» مدعومة من «العقل المدبر الأعظم» خلف الدفاع البطولي الذي خاضه سكان كوباني.‏

لا ريب بأن ثمة دور خجول للاتحاد الأوروبي فيما يجري حاليا. بل أنه في محاولة لاسترضاء أردوغان، تم تأجيل نشر تقرير يقيم الوضع في تركيا من قبل المفوضية الأوروبية إلى ما بعد الانتخابات، وقبل أسبوعين من الانتخابات قامت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بزيارة إلى تركيا، والتي نظر إليها باعتبارها دعم تكتيكي لنظام أردوغان. وفي محاولة لوقف تدفق اللاجئين المتجهين نحو أوروبا، قدم الاتحاد الأوروبي عددا من الحوافز لتركيا نلخصها بما يلي: 3 بليون يورو كمساعدة، وإعادة تفعيل محادثات الحصول على العضوية في الاتحاد، والسفر دون تأشيرة إلى منطقة الشنغن منذ بدء عام 2016، ودعوة قادة تركيا إلى القمم التي يعقدها الاتحاد الأوروبي. وقد وصف مصدر أوروبي أردوغان بأنه «سور الحماية». وستخبرنا مستقبل الأيام ما سيقوم به الاتحاد الأوروبي لأجله.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية