وجهان مختلفان لعملة واحدة هي نحن ، الأول مستعار من قناعات الآخرين و قوانين المجتمع السائدة ،
و الثاني حقيقي لا مواربة و لا مجاملة فيه ، نخبئه بعيداً في أعماق ذاتنا نخشى أن تطوله أيد عابثة ، أو فضول أعين تهوى كشف النيات البشرية الكامنة وراء الأقنعة ، فنجهد بكل مهاراتنا و خبراتنا التراكمية، ومدخراتنا الوفيرة من تجارب اجتماعية سابقة ، في صناعة أقنعة متعددة الشخصيات بألوان متنافرة ، توائم قناعات اجتماعية و تواكب متطلبات أخلاقية دارجة و ربما قيماً مستحدثة.
قد نعجز عن ترويض ملامحنا النفسية الحقيقية لمقاربتها لنكون جديرين بالانتماء لمدينة فاضلة ، ونحظى برضى أفلاطون القرن الحادي و العشرين ، المتخبط في ركام ربيع عربي و خريف مبادئ و قيم ، و التائه في شتاء أخلاقي تعصف به رياح التغيير .
و بينما مبضع الجراح يعبث بملامحنا الحقيقية لتلامس مواصفات جمالية عصرية لا تمت لطبيعتنا بصلة ، لنسأل أنفسنا .. إرضاء لمن نخضع أرواحنا لعمليات تجميل ربما هي أقرب إلى تشويه تكويننا الأخلاقي الفطري ، و قيمنا التي تشكل أساس نمونا الاجتماعي ؟
كثيرون في زمن تخبطنا الفكري و الروحي آثروا أن يركبوا موجة التغيير ، و أن يلحقوا بموضة ارتداء الأقنعة و الإكثار من مساحيق التجميل و لوازم الإبهار الشكلي ، حتى تكاد تدفن خلفها الملامح الحقيقية ، تحقيقاً لمآرب شخصية و منافع مادية، أو سعياً وراء تلميع صورة تكسب تأييد الآخرين وتقارب قناعاتهم ، و بالمقابل هناك من فضل الظهور بوجه حقيقي لا مواربة فيه ليكسب احترام نفسه ورضى قيم أخلاقية تربى عليها ، فالأقنعة مهما برعنا في صناعتها سيأتي يوم تتساقط فيه ، فنكون بذلك خسرنا احترام من حولنا و تقديرنا لأنفسنا .