أهمية تدمر ومكانتها التاريخية
وللوقوف عند أهمية تدمر بمعالمها وآثارها وموقعها الاستراتيجي، أقامت المديرية العامة للآثار والمتاحف ندوة بعنوان «تدمر والتاريخ والآثار» في القاعة الشامية بالمتحف الوطني في دمشق، بمشاركة مجموعة من الباحثين في الآثار تحدثوا عن اهمية تدمر ومكانتها التاريخية والاثرية على مستوى العالم وما تتعرض له من حرب ارهابية تهدف إلى تدميرها وسرقة آثارها،
إضافة إلى ما تقوم به المديرية العامة للآثار من جهود وتنسيق مع الجهات المعنية والمنظمات الدولية في مجال حفظ الآثار وحمايتها.
وقد سلطت الندوة الضوء على مكانة تدمر وآثارها ومكانتها العالمية والقيمة الاستثنائية لها والخسائر التي لحقت بها جراء اعتداءات الارهابيين، كما اشار إلى ذلك الدكتور مأمون عبد الكريم مدير عام الآثار والمتاحف حيث أكد على ضرورة الوقوف عند هذه المدينة العظيمة التي تحولت إلى رهينة في أيدي الارهابيين وأنه إذا خسرنا تدمر سنخسر العاصمة الثقافية للعاصمة السورية.
إضافة إلى ضرورة وقوف الشعب السوري من مثقفين ومتعلمين ومهتمين بالتراث السوري صفا واحدا من أجل حماية تاريخنا وثقافتنا من الاندثار والسرقة من قبل الارهابيين والمجرمين الذين يحاولون تدمير الحضارة والهوية والتراث.
رمز الهوية السورية
لا شك أن القيمة الاثرية والحضارية لتدمر إضافة إلى أهمية مكتشفاتها التي تعتبر جزءا من تاريخ الانسانية، كما بين ذلك الدكتور علي القيم الذي أوضح أن المكتشفات الاثرية لم تتجاوز 20% من الكنوز الموجودة في تدمر، ويحاول الارهابيون التكفيريون تدمير مدينة زنوبيا لأنها رمز الهوية السورية، كما أن سرقة الآثار أصبحت المورد الثاني للتنظيمات الارهابية بعد النفط، وهناك شبكة دولية لتهريب الآثار من سورية والعراق، حيث يتعرض اليوم أكثر من 900 موقع أثري في سورية للسرقة والتنقيب السري.
ولا ننسى أن الشهيد خالد الاسعد الذي قدم لمدينته وبلده أعظم رسالة ونذر نفسه من أجل ايصال معارفه وعلمه وخبرته إلى العالم أجمع ومؤلفاته كانت مراجع اساسية في تاريخ وآثار وفنون مدينة تدمر ومحيطها الواسع وأبنيتها الفريدة.
شهيد تدمر
إن ارتباط الشهيد خالد الاسعد وحبه لها جعله خالدا كآثارها بفضل جهوده وخدمته للآثار السورية، كما أشار الدكتور علي أبوعساف مدير عام الآثار الاسبق إلى مكانة تدمر كواحة في قلب الصحراء، وأن ما تتعرض له من تخريب ممنهج على يد الارهاب لن يوقف دورها وحضارتها في تاريخ المنطقة.
ومن جهته بين وليد الاسعد مدير آثار متحف تدمر أن ما تتعرض له هذه المدينة لايمكن وصفه من أعمال تدميرية وتخريبية بحق أعظم مدينة في التاريخ وقد بدت تداعياتها من خلال تدميرهم المعابد والمدافن التي قل نظيرها على مستوى العالم وأبنيتها المتفردة في شكلها المعماري من أجل تدمير الهوية والقضاء على ماض عريق بهدف تدمير مستقبل تدمر.
كما أقام المجلس الوطني للإعلام بالتعاون مع كلية العمارة في جامعة دمشق والمديرية العامة للآثار والمتاحف ندوة بعنوان «مدينة تدمر الأثرية» في قاعة المعارض في كلية العمارة.
شارك فيها الدكتور محمود حمود، الدكتور يسار عابدين، نظير عوض، ابتسام المغربي، ادار الجلسة محمود الجمعات.
ولأهمية تعريف السوريين على اختلاف شرائحهم بالصرح الاثري القديم والاوابد الاثرية التي تميزت بها تدمر أكد الدكتور محمود حمود مدير آثار ريف دمشق على ضرورة الاهتمام بهذه الصروح وحمايتها من الارهاب التكفيري الذي دمر ابنية فريدة مثل معبد بيل وبعل شمين وقوس النصر داعيا إلى محاسبة الدول المتوطة في دعم الارهاب لما اقترفته أدواتها من جرائم بحق الارث الانساني والحضاري العالمي من جرائم بشعة.
ولفت إلى تسمية كوكب باسمها دليلا على أهميتها عالميا وكونها ملهمة الادباء والشعراء والكتاب والفنانين والباحثين من مختلف أنحاء العالم لما تحمله من سحر الشرق.
المحافظة الذهبية
ومن وجهة نظر تنموية بين الدكتور يسار عابدين عميد كلية العمارة سابقا أن منطقة تدمر من أهم المناطق التي تقع في مركز سورية، تدمر مدينة مكتملة لكنها لم تأخذ حقها من الاهتمام وهي جديرة بأن تكون قطبا تنمويا بالنسبة لسورية، ويرى أن تكون منطقة حرة تستثمر فيها الشركات العالمية ورجال الاعمال من كل انحاء العالم ويكون لها مطار خاص وعوائدها تعود للدولة، إضافة إلى القيام بمهرجانات كسباق الخيل والهجن والطيران الشراعي والتزلج على الرمال لتستقطب روادا اثرياء.
وفي هذه المنطقة التي تشكل نبعا من الطاقة يمكن استثمارها من الشمس ومسارات الرياح إضافة إلى النفط والمعادن، فهي مدينة متكاملة فيها المياه المعدنية التي تساعد على قيام منتجعات صحية ومعالجة بالاملاح والرمال وإنشاء مزارع للتمور والكمأة وغنم العويس ومزارع الاسماك والاستفادة من الاعشاب الموجودة فيها إضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز الذي يساعد على قيام مستودعات مركزية للقوافل التي تمر بها لأنها صلة وصل بين العراق، تركيا، والمرافئ السورية، لبنان والاردن من خلال شبكة سكة حديد، هذه الامتيازات جميعها تؤهلها أن تكون أحد أعمدة التنمية في مستقبل سورية.
حديقة أثرية وطنية
صدرت قرارات عديدة ومراسيم متعلقة بالحفاظ على هذه المدينة وآثارها منذ العام 1929 كما بين نظير عوض مدير المباني في مديرية الآثار ومن أوائل هذه القرارات تسمية المنطقة الاثرية بتدمر بالحديقة الاثرية الوطنية وقرار تسجيل المدينة والحفاظ على آثارها واستملاك الاراضي حول الاثار وتسجيلها أيضا على قائمة التراث العالمي عام 1980.
وقد لفتت تدمر المستشرقين إليها لأنها مدينة متكاملة لها دور اقتصادي وتاريخي وحضاري غاية في الأهمية.
وقد رافق الندوات معرض ضم صورا متسلسلة عن تدمر وأوابدها وخصوصا التي تم تدميرها من قبل الارهابيين، والاساءات التي تعرضت لها هذه الآثار وضرورة مناشدة الجهات المعنية والمنظمات الانسانية لوقف هذا التخريب والدمار.