لإعادة خلط الأوراق من جديد، وهذا ما يتضح من خلال ارتفاع منسوب الدعم الأميركي للتنظيمات الإرهابية «المعتدلة»، والتي لم تتجرأ واشنطن حتى اليوم على الكشف عن ماهيتها، وكأنها جزء من أسرار أمنها القومي!.
وفي غمرة البحث عن ماهية «المعارضة المعتدلة» التي يمكن أن تكون شريكا في الحوار، تتسابق الدول الداعمة للإرهاب فيما بينها على إظهار كل واحدة منها للتنظيم الذي تدعمه على أنه جزء من تلك المعارضة، للتحاور باسم مصالحها، دون الاتفاق حتى الآن على تحديد هوية الفصائل المدرجة على قائمة الإرهاب، وتلك التي يمكن أن توضع بخانة «الاعتدال»، علما أن الإرهاب هو واحد في كل زمان ومكان، وعمليات الإجرام والقتل الممنهج قاسم مشترك للإرهاب «المتطرف والمعتدل».
حتى الآن هناك إجماع دولي عام في العلن على أن «داعش» تنظيم إرهابي، حتى وإن كانت أميركا وأجراؤها يقدمون له بالخفاء كل ما يلزم لاستمرار ديمومته وبقائه، ولكن بالنسبة «لجبهة النصرة» وما ينضوي تحتها من فصائل إرهابية بمسميات كثيرة فإن الأدوات الإقليمية كنظام أردوغان ومشيخة قطر وآل سعود ما زالت تتشبث به على أنه جزء من «المعارضة المعتدلة» على اعتبار أن جرائمه بحق السوريين والإنسانية أكثر رفقا من تلك التي يرتكبها «داعش» ؟ ليتضح أن المنظومة العدوانية تريد من وراء الحديث عن الحل السياسي غطاء للاستمرار في دعم الإرهاب وتعطيل الحلول.
أميركا تستخدم اليوم ورقتها الأخيرة قبل الإعلان عن هزيمة مشروعها في المنطقة عبر البوابة السورية، ولكنها تصر في الوقت ذاته على مواصلة حربها الإرهابية لاستنزاف قدرات جيوش المنطقة، وأعطت الوكالة الحصرية بذلك لآل سعود، أصحاب «الكار» في القتل واستهداف الشعوب، فبعد أن استماتت في تدمير البلاد العربية لمصلحة الكيان الصهيوني، تحاول عبثا اليوم إطفاء جذوة المقاومة، والقضاء على كل صوت حر يعبر عن تطلعات شعوب المنطقة. وما تفعله بحق قناة الميادين، بالتزامن مع اشتداد وتيرة الانتفاضة الفلسطينية، وما فعلته من قبل مع الإعلام الوطني السوري لنفس السبب، يعطي جوابا واضحا على هوية آل سعود، وإرهابييهم «المعتدلين».