تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تشـــــي.. رمـــــــز قيمـــــــــــة

ثقافة
الاثنين 9-11-2015
 عقبة زيدان

يظهر فيلم (تشي) الذي عرض على (mbc max) منذ أيام، العقلية الأمريكية المجرمة ضد كل من يريد أن يحرر أرضه من الاستعمار، أو ضد كل من يفكر بحياة حرة وكريمة.

تلاحق المخابرات المركزية تشي جيفارا، وتجند لذلك قوات بوليفية وتشتري ذمم الفلاحين الفقراء أو تهددهم، وتمد الجيش البوليفي بالسلاح والمعلومات للقبض على تشي ورفاقه الذين يناضلون في سبيل تحرير بوليفيا من الاستبداد والقمع.‏

الفيلم من إخراج ستيفن سوديربيرغ. ولعب دور تشي الممثل بينوتشيو ديل تورو. وللوهلة الأولى تجد نفسك بعيداً عن تقبل الشخصية البديلة، وليس لذلك علاقة بالممثل الموهوب، وإنما لأن أسطورة جيفارا أكبر من أن تعاد لا في الحياة العادية ولا على الشاشة.‏

يدخل تشي القرى البوليفية، ويجلس مع فلاحيها، وكونه طبيباً يعالج مرضاهم ويقدم لهم المساعدة الغذائية. ويقدم نفسه لهم على أنه سيحررهم من العبودية والاستغلال. في كل جولاته يظهر الإنسان الكبير والمدافع عن الفقراء والمظلومين. إلا أن الفلاحين الذين يغرقون في الخوف والرعب من الجيش البوليفي، يشون به مع أول استجواب أو سؤال لهم عن مكان وجوده.‏

في الجهة الشمالية من أمريكا اللاتينية - أي الولايات المتحدة الأمريكية - تكون المخابرات المركزية تجمع المعلومات عن تحركاته، وتعطي أمراً بالقضاء عليه وإعدامه في حال تم القبض عليه. هو إرهابي في نظر الأمريكان، لأنه شيوعي ويواجه العنجهية الأمريكية في كل مكان يتوجه إليه.‏

يراسل تشي بعض كتاب العالم وفي مقدمتهم جان بول سارتر وبرتراند راسل، من أجل حشد رأي شعبي بشرعية نضاله لتحرير القارة من الاستبداد. ولكن الفيلم لا يظهر رد فعل على نداءاته.‏

يتم حصار تشي في إحدى غابات بوليفيا، ويتم القبض عليه وإعدامه رمياً بالرصاص. وهنا تنتهي الأسطورة جسدياً، ويبقى جيفارا رمزاً لم يشهد له التاريخ.‏

يبرز الفيلم الإنسانية المفرطة عند تشي وعلاقته المميزة برفاقه المحاربين. ويبرز أيضاً العنف الوحشي للمخابرات المركزية، التي هز أركانها مناضل مع بضع عشرات من أنصاره. ويتوضح أن هدف جيفارا لم يكن سوى إقامة العدل في هذه القارة وفي العالم أيضاً. وهدف الولايات المتحدة قتل كل من يريد إشادة عالم خال من العنف والقهر.‏

ورغم ما روجت له الولايات المتحدة عن تشي، فإنه إلى اليوم، الشخصية الأكثر تبجيلاً بين مناضلي العالم. شخصية لا تريد لامالاً ولا جاهاً، وإنما تناضل من أجل القيمة، قيمة الإنسان. وهذا يكفي. وبينما يزداد جيفارا وهجاً يوماً بعد يوم (توفي في تشرين الأول 1967)، تزداد صورة أمريكا بشاعة كل دقيقة.‏

خطب جيفارا في الأمم المتحدة مهاجماً قادة الولايات المتحدة في عقر دارهم: «هم الذين يقتلون أطفالهم ويميزون بينهم كل يوم بسبب لون بشرتهم، الذين سمحوا لقتلة السود بالبقاء أحراراً، وقاموا بحمايتهم، وإضافة إلى ذلك عاقبوا السود لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة بالعيش كرجال أحرار، من هم أولئك الذين جعلوا من أنفسهم حراساً للحرية».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية