تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تـرامـــب يضيّـــق الـخـنـــــاق على غـــزة

بقلم: أنوشكا كاناغارتنا
The Independent - الثورة
أخبــــــــــار
الثلاثاء 11-9-2018
ترجمة ليندا سكوتي

خلافا لكل أقرانهم في العالم نجد شبان غزة عاجزين عن تقرير ما يمكن أن يؤولوا إليه في المستقبل، ذلك لأن ثمة احتمالا قائما باستمرار على أن تقوم القوة الغاشمة المسيطرة على اعتقالهم في أية لحظة. ويضاف إلى ذلك، أنه في كل يوم نجد المزيد من القيود تفرض على تزويدهم بالاحتياجات الأساسية الأمر الذي يجهض خططهم ويخيب آمالهم المستقبلية. ومما زاد الطين بلة، لجوء الولايات المتحدة إلى وقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الأمر الذي جعل مستقبل أولئك الشباب يزداد غموضا.

ويبدو بأن الشباب المنضمين إلى منظمة كريستيان إيد التي تسمى «جمعية الثقافة والفكر الحر» لم يعد بإمكانهم الوقوف مكتوفي الأيدي حيال ما يجري لاسيما أن قطع التمويل لا يطول الحاجات الضرورية والأساسية فحسب بل يعطل الفرص، حيث يقول أولئك الشباب «لقد ضاعت أحلامنا وليس في مقدورنا حتى التفكير بما يؤول إليه مستقبلنا».‏

قبل بضعة اسابيع، اغتيل المسعف الثالث ويدعى عبد الله القططي على يد القوات الإسرائيلية خلال «مسيرة العودة الكبرى» التي تمثلت بسلسلة من المظاهرات شارك بها أكثر من 30,000 شخص في كل مرة على مدى الأشهر القليلة الماضية، وامتدت على طول غزة أمام المنطقة المحظورة التي تحول بين تواصل السكان مع العالم الخارجي وتحول أيضا دون حصوله على فرص تأمين متطلباته الحياتية. وكان القططي البالغ من العمر 22 عاما الطالب في كلية علم النفس واحدا من الذين كرسوا أنفسهم لمعالجة الجرحى خلال المظاهرات الذين أُجهضت أحلامهم وسُرقت طموحاتهم.‏

لقد حل ذلك عقب وفاة المسعفة رزان النجار البالغة من العمر 21 عاما والتي تطوعت لمصلحة منظمة كريستيان إيد الخيرية لتعمل في مجمع الإغاثة الطبي الفلسطيني، ولحق بها ذات الذي جرى للقططي حيث أطلقت القوات الإسرائيلية النيران صوبها عندما كانت تقدم المساعدة الطبية للمتظاهرين الذين أصيبوا بالذخيرة الحية والغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. علما بأن رزان كانت تؤمن بمقولة «دون سلاح وبالوسائل السلمية.. يمكن تحقيق كل شيء».‏

دأبت رزان على المثابرة بعملها التطوعي في المظاهرات التي قامت في كل أسبوع على الرغم من إصابة قدمها بطلقة من الرصاص المطاطي في إحدى المسيرات وإصابتها بالصدر جراء إطلاق الغازات المسيلة للدموع في مسيرة أخرى. فقد أبدت وزميلها القططي ثباتا وشجاعة في وجه هذا العنف وتفانيا في مساعدة الآخرين ولا غرو فإنها سمات يتمتع بها المسعفون وأهالي غزة بشكل عام.‏

إن قتل شابين في مقتبل العمر لأنهما أبديا تفانيا وشجاعة لمعالجة المصابين يمثل دليلا على أن أي خيار مماثل أو مغاير يمكن أن يكون سببا للقتل في غزة، كما يعطي مؤشرا عن الطريقة المتبعة في القضاء على أحلام وآمال شباب غزة في تقرير مصيرهم بأيديهم. فقد كانت رزان تحلم بأن تصبح ممرضة لكن الظروف الاقتصادية التي سببها الحصار حالت دون تحقيقها هذا الحلم. كما أن عدم قدرة الشباب على التحكم بحياتهم وتقرير مصيرهم ومستقبلهم كانت نتيجة وجودهم في سجن كبير يدعى غزة ذلك الأمر الذي يعتبر واقعا ليس باستطاعتهم الفكاك منه. وعلى الرغم من ذلك فهم قادرون على إيصال صوتهم للعالم.‏

لقد تعاون 60 شابا مع جمعية الثقافة والفكر الحر على مدى الأشهر الماضية بهدف تصوير ما يتعرضون له وذلك في محاولة لتحدي المنظور العام الذي تصوره وسائل الإعلام التي تروج لأعمال العنف والدمار وتصوير المعاناة المستمرة التي يعيشها هذا الشعب. وجاء هذا الفيديو الذي قاموا بإنتاجه ثمرة لسلسلة من الحوارات والنقاشات جرت مع شباب وكبار تختلف تجاربهم وطموحاتهم، لكن تحدياتهم أمام الاحتلال كانت متشابهة وحادة.‏

اشتد عنت الاحتلال الإسرائيلي على غزة في الـ 11 سنة الماضية حيث فرضت إسرائيل حصارا بريا وبحريا وجويا (وحالت دون مغادرة الناس أو دخولهم هذا القطاع الصغير). كما وأن الحصار يقيد بشدة حركة الواردات والصادرات، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاقتصاد وتزايد معدلات البطالة ونقص في البضائع الأساسية التي يحتاجها السكان البالغ عددهم ما ينوف عن مليوني نسمة. فالحصار يحول دون توفير الحاجات الضرورية للعيش والعمل بالنسبة للسكان مما يحد من الخدمات المحلية، كما أن الأمور تزداد تعقيدا نتيجة الخلافات القائمة بين إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية والسلطات في غزة.‏

لقد خرج المتظاهرون احتجاجا على الظروف التي أرغموا على العيش بها وكجزء من مهمتهم فهم يعملون على خلق قناعات جديدة، لذلك اتخذ الشباب المنضوون في جمعية الثقافة والفكر الحر قرارا بتوثيق الأجواء الإيجابية والملهمة التي لمسوها في المظاهرات الأمر الذي غيبته تغطية وسائل الإعلام.‏

لقد صور هؤلاء الشباب تاريخ الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه. فالأطفال الذين لم يعرفوا سوى غزة يعلمون تماما موطنهم الحقيقي وبيوتهم التي ضاعت وقراهم التي أتوا منها.‏

وفي هذا الفيديو تظهر النباتات التي زرعت في عبوات الغاز المسيل للدموع، كما يصور الأشخاص المحاصرين في غزة وهم يواصلون حياتهم الطبيعية ويحدوهم الأمل بمستقبل أفضل. وإزاء ما شهدنا من وقف الولايات المتحدة تمويلها للأونروا وتهديد حياة السكان الأبرياء في حال استمرار الوضع الراهن يتعين على العالم أجمع الوقوف بصلابة لرفع الحصار وإعطاء الفرصة للشعب في غزة لتحقيق مستوى حياة أفضل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية