حط وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو رحاله في لندن لتمهيد الطريق نحو تقارب تجاري مع الحليف «التاريخي» لواشنطن في مرحلة ما بعد «بريكست», في وقت تشهد فيه العلاقة توتراً بين الطرفين واختلافاً في وجهات النظر حول عدة قضايا.
وقبل استقباله من رئيس الحكومة أمس بدأ بومبيو زيارته بلقاء نظيره دومينيك راب.
وقال بومبيو في تصريحات أدلى بها أثناء وجوده في الطائرة التي أقلته إلى لندن: إنه توجد الكثير من المواضيع المطروحة للنقاش مع المملكة المتحدة, انطلاقاً من لحظة دخولها مرحلة جديدة مما سماها «السيادة». وتحدث وزير الخارجية الأميركي أيضاً عن «قضايا تجارية كبرى» وكذلك «قضايا أمنية مهمة».
وترغب المملكة المتحدة في إبرام اتفاق تجاري طموح مع الولايات المتحدة يكون رمزاً لاستعادتها حرية النشاط, لكن هذا التقارب الاقتصادي مع حليفها التاريخي تعقده عدة ملفات حاضرة في جدول نقاشات الزيارة.
من أبرز تلك الملفات, الدور الذي منحته بريطانيا قبل أيام لهواوي في شبكة الجيل الخامس رغم تحذيرات واشنطن التي ترى أن الشركة مقربة أكثر من اللازم من الحكومة الصينية، مع ما يثيره ذلك من «مخاطر تجسس».
وأثارت ملفات أخرى توترات بين البلدين، مثل المشروع البريطاني لفرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة، واختلاف وجهات النظر حول الملف النووي الإيراني، ما يدفع جونسون لأن يوازن العلاقة مع الأميركيين والأوروبيين في الملفات الدولية الكبرى.
من جهته, اتهم حزب العمال المعارض بوريس جونسون بالتفاوض سراً مع الولايات المتحدة لفتح النظام العام للتغطية الصحية أمام شركات الأدوية الأميركية في إطار اتفاق تجاري.
وكان النواب البريطانيون قد ودعوا أول من أمس البرلمان الأوروبي بعد مصادقته على اتفاق «بريكست», واعتبر بعض هؤلاء النواب أن ذلك «ليس إلا فراقاً مؤقتاً»، كما ارتدى بعضهم أوشحة تحمل ألوان علمي بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
أما النواب المساندون لبريكست، وعلى رأسهم النائب الشعبوي نايجل فاراج، فهم يستعدون للاحتفال أمام مقر البرلمان البريطاني مساء اليوم.
من جانبه, صرح وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير بأنه يرى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمثابة فرصة لأوروبا.
وكتب ألتماير في مقال لصحيفة «زاربروكر تسايتونج» الألمانية في عددها الصادر أمس, أنه على الرغم من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعد نقطة فاصلة صعبة، إلا أن ذلك سيعزز التكاتف داخل الاتحاد الأوروبي من جديد، نظراً أيضاً لأن الجميع يعلمون ما المخاطر الوشيكة.
وأضاف الوزير الألماني أنه حتى بعد إتمام «بريكست»، سيكون هناك تعاون وثيق وكثير من الأمور المشتركة مع بريطانيا.
ومع خروج بريطانياً نهائياً من الاتحاد الأوروبي، فإنها ستسارع إلى حليفها الأميركي بحسب مراقبين، وسيكون لها دور مختلف عن بقية الدول الأوروبية، حيث المواقف البريطانية مختلفة دائماً عن الاتحاد الأوروبي، كما حدث عندما رحبت بريطانيا «بصفقة القرن» فيما كان للاتحاد الأوروبي ملاحظات على الخطة وتحفظ عليها، كما رفضتها بعض دوله.
وسعت بريطانيا للوقوف في الصف الأميركي فيما يتعلق بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، حيث أميركا تعتبر بريطانيا بمثابة حدودها مع الاتحاد الأوروبي، كما أن بريطانيا تعتبر أميركا ظهرها وحليفها الأكبر، لذا فالعلاقة البريطانية الأميركية بالتأكيد ستقوى بعد التوافق في المواقف السياسية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وخاصة أن الولايات المتحدة وعدت بريطانيا بالعديد من اتفاقات التجارة الحرة.
وبحسب مراقبين فإنه رغم التوافق السياسي الكبير في المواقف السياسية بين واشنطن ولندن إلا أن ثمة تململاً أميركياً في بعض الالتزامات التي قطعتها على نفسها تجاه بريطانيا، لكن ربما ستكون زيارة بومبيو حالياً هي لتوضيح الأمور، والاتفاق بشكل واضح على ما سيحدث في المستقبل القريب.
من جانب آخر, لن يتمكن نحو 400 ألف مواطن بولندي من الحصول على حق البقاء في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وذلك وفق ما أفادت به صحيفة «دزينيك غازيتا برافنا».
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن «بريكست»، لا يشكل كارثة لمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا، وذلك لأن هناك فترة انتقالية مدتها 11 شهراً، سيتم الاحتفاظ خلالها بحرية تنقل الأشخاص بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.