تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قادرون على قيادة المرحلة القادمة باقتدار

شباب
الأحد 12-5-2013
 غــانــم مــحــمــد

على مرمى شهر من امتحانات الثانوية العامة، وعلى وقع مستجدات كثيرة متسارعة سياسياً وميدانياً، يعيش الشاب العربي السوري مرحلة التحديات الحقيقية والتي تصعب على الكثيرين سواه لكنه قبلها وسار بها دون أي أخطاء كبيرة ومؤثرة، واستطاع هذا الشاب أن يكون الشهيدَ والمقاتلَ ورجلَ الأمن والمنتجَ زراعياً وصناعياً والمحللَ السياسي، وطالبَ العلم المجدّ، والمشرفَ على الفعاليات الوطنية والاجتماعية، وناشرَ الوعي ولابسه..إلخ.

تُرى هل نبالغ في هذا التصوير أم أن الشاب السوري امتلك ميزات مختلفة نفتّش عنها في شباب الوطن العربي فلا نجد منها إلا القليل؟‏

بحكم عملنا الإعلامي زرنا أكثر من بلد عربي وتواصلنا مع شرائح من شبابها وبإمكاننا لو أردنا أن نجري مقارنات واسعة في هذا الصدد ولكن سنكتفي بالإشارة إلى بعض أساسيات هذه الفوارق لنؤكد من خلالها ما نحن بصدده وهو اختلاف الشاب السوري عن معظم أقرانه العرب ومن حقنا أن نفتخر بهذا الاختلاف..‏

منذ السنوات الأولى في العمر ندرّب أبناءنا على فهم المسؤولية والقدرة على تحمّلها، فنعلّمهم كيف يعتمدون على أنفسهم في الدراسة وكيف يرتّب الصغير فراشه وكيف يأخذ حاجته بيده، وكلما كبر شبراً كلما ألقينا عليه مزيداً من “الأعباء” التي تصقل تربيته فيذهب اليافعون مع ذويهم إلى الحقول في الريف وإلى الورش والمحال التجارية في المدن فيعرف هذا اليافع أن “الدنيا تؤخذ غلابا” ويشبّ على هذا البناء العقلي السليم “مع بعض الاستثناءات القليلة” أما في دول الخليج على سبيل المثال “وقد زرنا معظمها” فإن الطفل ومنذ ولادته هناك من “يخدمه” ويقوم بالنيابة عنه بكل عمل، فعندما يذهب إلى المدرسة هناك من يحمل حقيبته عنه وعندما يكبر شيئاً فشيئاً هناك من يقوم بعمله بالكامل حتى كأس الماء هناك من يملأها له ويوصلها إلى مشارف فمه، وفي العمل ينزل من سيارته ليجد من يركنها بالنيابة عنه ومن يحمل أوراقه ومن يبدّل له القلم الذي يكتب فيه والخلاصة هي توالد أجيال لا تعرف ما هي المسؤولية ولا كيفية تحمّلها وكل ما يشفع لهم وجودهم في مواقع الإدارة أو الإشراف هو ما يملكونه من مال!‏

سأتوقف في مقارنتي عند هذه النقطة فقط ولن أزيد في الكلام عن الآخرين بل سأقصر ما يلي من كلام على شبابنا العربي السوري المتميز بكل شيء والحمد لله، فالتربية الأسرية عندنا وضعت أبناءنا أمام حقيقة دورهم في الحياة، وطالبتهم بالدفاع عن هذه الحياة بالجدّ والاجتهاد والتفاني في العمل وتحمّل المسؤولية مع أن الكثيرين منّا يستطيعون أن يؤمنوا لأولادهم حياة سهلة لا تعب فيها ولا مسؤولية ولكننا وحسب أعرافنا وقيمنا الاجتماعية فإن من ينشأ على هذه القيم المتكاسلة غير جدير بالاحترام ولو امتلك مال قارون وهذه نقطة أولى ساهمت بصقل شخصية الشاب السوري بالشكل الأمثل، نرددها في مجالسنا العامة والخاصة: “ فلان بدأ حياته من الصفر، بدأ بائعاً على عربة جوالة ومن ثم استأجر محلاً صغيراً وشيئاً فشيئاً أصبح تاجراً كبيراً، وفلان هو لأب وأم أميين لا يعرفان القراءة ومع هذا تعلّم وأصبح طبيباً أو أستاذاً جامعياً” وقس على ذلك..‏

هذه الخصلة في التربية قادتنا إلى نتائج كبيرة في حياتنا اليومية وظهرت بشكل واضح في سنتي الأزمة الماضيتين، وبإمكان أي مؤسسة إحصائية أن تتأكد من دقة ملاحظتنا وهي أن 80% وربما أكثر من أبناء سورية القادرين على المساهمة في تعزيز صمود البلد يقومون بدورهم على أكمل وجه، فمنهم من حمل السلاح بوجه الإرهاب، ومنهم من أصرّ على متابعة الإنتاج الزراعي والصناعي، ومنهم من اتجه إلى مبادرات تعزّز صمود الجيش العربي السوري وتساهم في تعويض ما سببته الأزمة من خسارة وهكذا.. لم يتوارَ أحد عن أنظار المسؤولية ولن يفعل أحدنا ذلك في المرحلة القادمة الأكثر صعوبة من هذه المرحلة وهي مرحلة إعادة البناء وتأهيل ما دمره وخرّبه الإرهاب..‏

هذا جانب من جوانب تميّز السوريين وسنأتي على جوانب أخرى في وقفاتنا القادمة لكن ما نريد أن نختم به هذه الوقفة هو التأكيد على أن كل ما قام به الإنسان العربي السوري على وشبابه الفاعل على وجه التحديد هو محط تقدير واحترام الجميع دولة ومجتمعاً وإعلاماً وهذا الدور سيكون جواز سفر هؤلاء الشباب لقيادة المرحلة القادمة بثقة واقتدار..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية