التي انطلقت مؤخراً تجعلنا نقف أمام مفارقات و تناقضات بين الواقع و المأمول, حيث تنادي بملء الفم عن رغبتها بضم عناصر شابة إلى صفوفها, في حين معظمها لا تقدم لهم خطاباً فكرياً أو حتى لا تخصص لهم أي منصب داخل لجان الحزب المتفرعة عنها, ما يوحي أن الأحزاب تريد من الشباب رفع عدد المنخرطين ليس إلا !!..
لماذا التجاهل ؟
رامي علي تحدث فقال: نحن شباب مهمش مسلوب الإرادة و مصادر الرأي, مللنا الحديث المكرر و التنظير عن الشباب و أهمية دورهم, و لكن في الواقع لا نرى شيئاً يتحقق, ولذلك عندما ُنتهم بالسلبية و اللامبالاة لدينا أعذار لا حصر لها, في حين يتم تجاهل دورنا و أهميته في الحياة السياسية, فنحن نملك أفكاراً بناءة كفيلة بحل مشكلاتنا, و لكن للأسف لا تجد طريقها إلى أرض الواقع.
في حين لفت خالد زاهر إلى أن الكثير من الشباب انصرفوا إلى بعض مؤسسات المجتمع المدني للانخراط بالعمل التطوعي كتعويض عن الفراغ وتجاهلهم في الحياة السياسية كعنصر شاب يملك الكثير من الطاقة والأفكار المتجددة التي يمكن أن تحل مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية, في حين انحرف آخرون عن جادة الصواب و وجدوا بالعنف اللا مبرر لغة للتعبير عن أنفسهم و التخبط الذي يعيشونه, فكانت الكارثة التي نعيشها و نكتوي بها.
وأشارت نور عسقول إلى أهمية قيام وسائل الإعلام بالتعريف بالأحزاب السياسية الجديدة وكيفية الانتساب إليها و تقديم الدعم لانتشارها بين أوساط الشباب, وقالت: سمعنا عن كثير من الأحزاب في الآونة الأخيرة المحدثة دعماً للتعددية السياسية و المشاركة في صنع القرار, و لكن كيف لنا أن نتعرف عليها و نطلع على الدور الذي تقوم به و المبادئ التي أنشئت من أجلها و أهدافها أو حتى عنوان مقرها, فنحن كعنصر شاب من حقنا المشاركة فيها و اختيار ما يناسب توجهاتنا لا أن تكون حكراً على الكهول.
كيف يمكن أن يشاركوا في الحياة السياسية و ما أهمية ذلك.. وهل للتنشئة الاجتماعية دور في ذلك ؟
عناصر شابة لأدوار قيادية
المشاركة السياسية للشباب هي العملية التي يلعب بها الفرد دوراً مهماً في الحياة السياسية و المجتمعية و يسهم في صنع الأهداف العامة في المجتمع و تحديد أفضل الوسائل لإنجازها, و هي تأتي في إطار عملية الإصلاح التنموي, كما أنها مطلب أساسي تسعى الدولة إلى تحقيقه بمؤسساتها المتعددة, استناداً إلى ضرورة المرحلة الراهنة ومتطلباتها في ظل عملية الإصلاح السياسي الذي تمر به الدولة, وضرورة مشاركة الشباب باعتبارهم الشريحة الأوسع بالمجتمع, فلا بد من استثمار الطاقات و القدرات الشبابية و توظيفها, هذا ما قاله الدكتور علي بركات مدرس في قسم علم الاجتماع بكلية الآداب.
المشاركة جزء من عملية الإصلاح
وأرجع د. بركات اهتمام الشباب بالمشاركة السياسية لعدة أسباب منها إن الشباب يحمل طاقة جسدية و فكرية تؤهله للتحدي في مواجهة الإرهاب, و مرحلة الشباب تتطلب العمل ضمن جماعات سياسية, لامتلاكهم صفة الميل للتجديد و التغيير و اندماجهم في العمل السياسي يشكل عاملاً مهماً في عملية الإصلاح, أما بالنسبة للمعوقات التي تحد من مشاركتهم فترجع إلى تدني الثقافة و الوعي السياسي لديهم, كما أنه لا يتوفر لهم الوقت الكافي للمشاركة السياسية بسبب انصرافهم للدراسة و الأنشطة الاجتماعية و من ثم للاستقلالية الاقتصادية, إضافة إلى أن التغطية الإعلامية غير كافية لتعريفهم بالنشاطات السياسية التي تهمهم.
التعويض بين السلبية و الايجابية
و لغياب المشاركة السياسية للشباب بعض الآثار السلبية أشار إليها د.بركات بميل الشباب إلى العنف كسلوك ناتج عن التهميش و التسلط والعنف الذي يمارس عليه بدءاً من الأسرة و من ثم المجتمع من مدرسة ومجتمع مدني ما يخلق فجوة تشعره بعدم الأمان ما يدفعه إلى العنف ليتخلص من التهميش و العنف الممارس عليه من أجل إثبات ذاته, و هذا يفسر انتشار ظاهرة العنف و الذي يأخذ تجاه العنف تجاه الآخرين أو الذات أو ضد الوالدين, و قد يتصف باللامسؤولية و الكسل أو الشعور بالغربة, كما أن عزوف الشباب عن المشاركة السياسية دفعت بالعديد منهم لاتخاذ موطئ قدم لهم داخل مؤسسات المجتمع المدني و الانخراط بالعمل التطوعي كبديل كون هذه المؤسسات تقترب من قضاياهم و مشاكلهم الاقتصادية و الاجتماعية كما توفر لهم فرصة لإبراز مواهبهم وتفجر طاقاتهم و إثبات ذاتهم.
إكسابهم الثقافة السياسية
و أخيراً لا بد من الإشارة إلى دور الأسرة في بناء الأفكار و زرع الانتماء السياسي في نفوس الأطفال, وأهمية دور المدرسة في تثقيف الطالب سياسياً و إكسابه الانتماء الوطني عن طريق الحوار الهادف.