تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إعلامنا السوري ... مقاوم ووطني وقومي

مجتمع
الأحد 5-1-2013
فراس الطالب

قد يرى البعض أنّ الدور الذي يحتلّه الإعلامُ في حياتنا المعاصرةِ ليس ضرباً من ضروب المبالغة، أو جنوحاً لتصوير الواقع على نحوٍ غير حقيقيٍّ، تفعل فيه العاطفة المنحازة فعلَها في تغيير معالمِ هذا الواقع بصورةٍ شبهِ كليّةٍ.

لكنّ في الحقيقة التي لا نملك بدّاً من التسليم بوجودها لأننا نسمع ونشاهد ونلمس هذا الوجود هو أنه لم يكن لوسائل الإعلام المقروءة والمكتوبة والمرئية دورٌ مؤثّرٌ على العلاقاتِ القائمة بين الدول كما هو حالها اليوم، والسبب الأساسيّ الذي يقف وراء ذلك هو الانفتاح الفضائيّ الذي فرضته التطوّرات التقنية في عالم اليوم عالم القرية الكونيّة الواحدة التي يصلك فيها الحدث ساخناً طازجاً بعد برهةٍ قصيرةٍ من الوقت لم نعد نشعر بها، وصار الحديث عن الفضاء الرمزيّ الذي تجاوز الفضاء الواقعيّ الذي كان يتحكّم إلى حدّ ما بالمساحة الجغرافية التي تتحرّك وفقها وسائل الإعلام على مستوياتها المختلفة، صار حديثاً يومياً نتداوله فيما بيننا دون أن نشعر بغرابة هذا المصطلح ، لأننا ببساطةٍ شديدةٍ اعتدْنا عليه وأصبح كائناً حياً يعيش فيما بيننا كفرْدٍ من أفراد الأسرة.‏‏

و لا بدّ من التأكيد على أنّ الحديث عن فضاء مغلق منكمشٍ على نفسه زماناً ومكاناً بات حديثاً ينتمي إلى الماضي أو لنقلْ بدقّةٍ إنه حديثٌ متوهَّمٌ يعيش في جزيرة نائية عن الواقع، منبتّ الصلة مع هذا الواقع وضروراته ومقتضياته ومع وجود المنع الذي يمكن أن يصيب عالم حركة الصحافة؛ إلاّ أنّ شبكة الانترنيت ( الشابكة) قد أزاحت كلّ إمكانية لمنع تداول وانتشار الصحافة المحمّلة رقمياً عبر مواقعها على الرغم من وجود آليات تقنية للحجبّ أو المنع.‏‏

هذه الحرية الإعلامية التي يمكن تسميتها حرية الانتشار بقوة التقانة جعلت العالم بحقّ قرية كونية إلكترونية ، وعلى هذه الحقيقة أشار المفكّر السياسيّ المعروف ( كلوفيس مقصود) قائلاً: إنّ تطوّر وسائل الإعلام في العالم جعلنا ندركُ ونعرف ما يجري في نيويورك وغيرِها دون أن نعلم ما يجري في شقّةٍ مجاورة.‏‏

لهذا ومن هنا كان تأكيدنا على هويّتنا الثقافيّة، وحرصنا الشديد على أن تكون وسائل الإعلام في وطننا موجّهة لتحيي انتماءنا الفكريّ إلى أمتنا العربية الواحدة وثقافتنا العربيّة الأصيلةِ، لتكون هذه الوسائل عناصرَ قوّة تشدّ قوافلنا بالعزيمة والإيمان بشخصيّتنا العربيّة التي لن تتركها العولمة بمعزل عن تأثيرات ريحها العاتية التي تهبّ صرصراً محاولة اقتلاعَ كلّ شيءٍ يجرؤ على الوقوفِ في طريقِها.‏‏

واليوم في سورية التي تتعرّض لحملاتٍ إعلاميّةٍ غايةٍ في الشراسة والضراوة، تقودها فضائيّات تملك تأثيراً إعلامياً قوياً على الجماهير، نشدّد على أنّ وسائل إعلامنا لن تسقط أمام تلك الأعاصير الآتية من صوب تلك الفضائيّات بل ستقف موقفاً ندياً في وجهها تردّ الكذبَ بالصدق وتدفع التهويلَ ببسطِ الحقائق، وستظلّ ذلك الجنديّ الشديد القويّ الشكيمة الذي يصرّ على الدفاع عن حدود سورية، بل والأمة العربية لغة وثقافة وحضارة، وتبقى وسائل إعلام وطننا الغالي تفخر بهويّتها التي لن تستبدلها إرضاءً لهذا الطرف أو ذاك.‏‏

إن المنظومة الإعلاميّة في سورية تشكّل درعاً محكم النسج في الدفاع عن شخصيّة الأمة العربيّة، وتحصين الثقافة العربيّة،وهي جزء لا ينفصل عن السياسة السورية التي تدعو للتضامن العربيّ وهو صيغة أو أسلوب عمل يبدأ بإزالة كافة أسباب التوتر والقطيعة بين أبناء الأمة العربية وينتهي إلى أعلى شكل من أشكال التنسيق.‏‏

ورغم كل هذا الهجومِ الإعلاميّ واشتداده الذي يستهدف سورية فإنّ وسائل إعلامنا لم تتخلّ عن طبيعتها القوميّة التي لاتفرّق بين المصلحة الوطنية والمصلحة القوميّة، بل ترى المصلحة الوطنية جزءٍاً لا ينفصم عن المصلحة القوميّة.‏‏

الإعلام السوري إعلام مقاومٌ ووطنيٌّ وقوميٌّ، ويلتزم بميثاق شرف عربيٍّ مهنيّ وأخلاقيّ.‏‏

لذلك نستطيع القول إنّ الإعلام السوريّ ينهض بمهمّة يحرصُ على المضيّ في أدائها بعيداً عن الانجرار إلى معاركَ إعلاميةٍ هامشيةٍ لا يستفيدُ منها في النهاية إلاّ أعداءُ الأمةِ العربيّةِ.‏‏

لقد عُرِفت الأمة العربيّة عبر تاريخها الزاهر بالانفتاح على الثقافات الأخرى، وقامت حركة تلاقح بين ثقافتنا وتلك الثقافات نتج عنها تقديم إرث فكريّ رائع مدّ ظلاله الوارفة على البشرية جمعاء، فنعمتْ بتلك الظلال أمداً ممتداً في الزمان والمكان.‏‏

هذه الحقيقة التي يستلهمها إعلامنا العربيّ السوريّ هي التي ستجعله على الدوام ليس بإعلام الإثارة بل إعلام الإنارة ، ولئن كان قد حمل على كاهله عبءِ الدفاع عن مصالحِ الأمة العربيّة فإنه لم يشكُ يوماً من ثقلِ هذا العبءِ، ولن يعيد النظر في قرارهِ الذي اتخذهُ ولن يتراجعَ عنه، ولن ينسى أنّ سورية كانت وستبقى قلبَ العروبةِ النابضَ.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية