التي لم تستطع كل الحواجز والعوائق ان تقف بوجهها واندفاعها نحو الابداع الادبي السكاكيني امراة من لبنان ومن سورية عاشت في مصر ردحا من الزمن ثم اتت لتستقر في سورية وهي المشغوفة بالابداع الوطني الذي يعنى بالمراة هما انسانيا اننا اليوم ونحن نحتفي بذكرى رحيلها انما نحتفي بقامة وطنية شامخة لها حضورها الادبي والاجتماعي وقد تناول النقاد والمبدعون ما قدمته بالدراسة والتحليل ولعلنا هنا نقف عند محطات هامة قدمها الدكتور نضال الصالح في دراسة له عنها نشرت عام 2011 في اوتار اليوم واعادت مواقع الكترونية كثيرة نشرها والاقتباس منها ومن هذه المواقع موقع النورس يرى الصالح انه بعد:
نحو ثلاثة عقود من صدور رواية: «أروى بنت الخطوب» أفصحت وداد سكاكيني عن دوافع كتابتها للرواية بما تصدّر من قول لسكاكيني نفسها، وبما يبدو جهراً بمقاصد السرد في نتاجها القصصي والروائي والفكري جميعاً، بل بما هو دالّ ومباشر على أنّ ثمّة مؤرّقاً مركزياً كان يشغلها في مجمل ما أنجزت في حقول الإبداع والنقد والفكر معاً. أي تعرية الوعي البطريركي الشائك الذي يعوّق تحرّر المرأة العربية، ويحدّد حركتها ووجودها في هوامش ضيّقة، وينظر إليها بوصفها هامشاً في، أو استكمالاً لمعادلة التقدم والتطور الحضاريين، لا طرفاً أساسياً أو متناً فيها.
ولم تكن سكاكيني، في هذا المجال، نسيج وحدها من النساء اللواتي سبقنها إلى الحياة في نهاية القرن التاسع عشر، أو اللواتي ولدن معها في الربع الأول من القرن العشرين، فالمعارك التي خاضتها كانت امتداداً لمعارك التنوير التي كانت كوكبة من النساء قد أسهمن فيها جنباً إلى جنب المنوّرين العرب آنذاك، أمثال: ماري عجمي، وسلمى صائغ، وهند نوفل، وملك حفني ناصيف، ولبيبة هاشم.
بدأت سكاكيني، سنة 1935، قاصة، واستطاعت في وقت قصير أن تسطّر اسمها في سجل كتّاب القصّة العرب، إذ حازت، وهي لم تتجاوز النصف الأول من العقد الثاني من عمرها، جائزة مجلة: «المكشوف»، التي شارك فيها تسعة
ولعلّ أبرز ما ميز نتاجها القصصي، والروائي بآن معا التزامها بقضايا المجتمع، وقبل أن يتعرّف الأدباء العرب إلى فكرة الالتزام، أي «بوحي من ذاتها وإحساس صادق بحاجات المجتمع العربي» حسب وصف محمد مندور لها. وقد مثّلت قضايا المرأة العربية ومشكلاتها مكوّناً مركزياً في معظم موضوعات ذلك النتاج وأسئلته، بوصفها قضايا المجتمع ومشكلاته لا قضايا المرأة وحدها، ولاسيما الحرية، والكرامة، والحقوق، والواجبات، التي تحرّر الوعي من العادات والقيم الاجتماعية المعوّقة للتطور والتقدم، والتي تسهم في بناء مجتمع متحضّر جدير بانتمائه إلى العصر.
وإذا كان من المهمّ الإشارة إلى أنّ مجموعاتها القصصية الستّ هي أقلّ من خمس في الواقع، لأنّ بعض النصوص التي كوّنت عدداً من المجموعات كانت القاصة أعادت نشره في مجموعات تالية، فإنه من المهم أيضاً الإشارة إلى أنّه يمكن عدّ تلك المجموعات مجموعة واحدة، أو نصاً قصصياً واحداً، بسبب حفاوة القاصة بموضوع واحد، هو العادات والتقاليد الاجتماعية، الذي تناسل عبر تلك النصوص على شكل مؤرقات متعددة حكائياً، وموحّدة دلالياً، أو على مستوى مقاصد القصّ ومغازيه.
ومهما يكن من أمر ما انتهى اليافي إليه في هذا المجال، فإنّه لا يمكن تجاهل الدور الريادي لوداد سكاكيني في التجربة القصصية السورية، كما لا يمكن تجاهل دورها في التأسيس للحضور النسوي في تلك التجربة التي كانت، حتى بداية عقد.
ولا تكتسب وداد سكاكيني أهميتها ومكانتها من ذلك الدور الريادي للصوت النسوي في تلك التجربة فحسب، بل، أيضاً، من كونها إحدى أبرز قاصات عصرها، على المستوى العربي، في إخلاصها لقضايا المرأة ومشكلاتها، وفي محاولات استنهاضها، عبر الكتابة القصصية وسواها من فنون القول الأخرى التي مارستها سكاكيني نفسها، من حال العطالة التي ظلّت المرأة العربية ترزح تحت نيرها الغاشم لعقود طويلة من الزمن، والتي أمعنت، بآن، في توثين الذكر، وتهميش الأنثى، تحت دعاوى لا رصيد لها في الأصول التي كانت القوى الكابحة لتحرر المرأة تنطلق منها، أو تصدر عنها.
وقد عزّزت سكاكيني ذلك في نتاجها الروائي أيضاً، الذي يمكن عدّه تنويعاً على نتاجها القصصي على مستوى الموضوعات خاصة، إذ ظلّت مشكلات المرأة العربية وقضاياها الهاجس المركزي لمجمل أسئلة السرد في نصوصها الروائية، كما في روايتها: «الحبّ المحرّم» التي قدّمت فيها نموذجاً للمرأة المثقفة المغلولة إلى أصفاد الأعراف والقيم الاجتماعية الرثّة. فعلى الرغم من بلوغ «نديدة»، بطلة الرواية، مستوى معرفياً يحصّنها ضدّ تلك الأعراف والقيم، فإنها تواجه إخفاق علاقتها ب«سهيل» بالتردّد على المشعوذين لتستجديهم كتابة الرقى والتمائم والتعاويذ، معللة ذلك بقولها: «لئن كنت فتاة مثقفة ومعلّمة، فإنّ عالم الروح يستهويني ويناديني».
لقد كان لتعدّد اشتغالات سكاكيني في غير جنس أدبيّ، وفي غير حقل كتابيّ، ولمواقفها الناجزة من العالم حولها، دور مركزيّ، في تقديرنا، في عدم إتقانها لنصّها على المستوى الفنّي، شأن معظم كتّاب العقود الخمسة الأولى من القرن العشرين، الذين دأبوا على استثمار مختلف أشكال القول للجهر بآرائهم وأفكارهم في قضايا الوجود والحياة، وفي آليات تقدّم مجتمعاتهم وتطوّرها، وإلى حد تجلّت أعمالهم الأدبية معه بوصفها معرضاً للأفكار أكثر من كونها أعمالاً أدبية بالمعنى الدقيق للتعبير من جهة، وبوصفها وسائل للجهر بتلك الأفكار أكثر من كونها أسئلة من جهة ثانية. ولعلّ ذلك ما يعلّل امتلاء نصّ سكاكيني السردي، قصاً ورواية، شأن أولئك أيضاً، بحوارات مطوّلة تفصح عن رسالة النصّ أكثر ممّا تبدو منبثقة من داخل النصّ نفسه، أو من حركة الأحداث والشخصيات فيه.
لم تكن سكاكيني، فيما كتبت في حقل الإبداع القصصي والروائي، تُعنى بتقنيات السرد، بل كان جلّ ما يشغلها الرسالة التي يجب أن يؤديها نصها السردي، ولذلك ظلّ إبداعها أسير تقاليد وقيم فنية كلاسيكية، تتقدّم فيها مقاصد السرد، وغاياته، وأهدافه، على وسائل صوغها الفني لذلك كله. ولذلك أيضاً لا يمكن اكتشاف أيّ تطوّر في تجربتها في هذا المجال، بل ما يمكن عدّه عطالة فنّية تستجيب للوظيفة التي يجب أن ينهض النص بأدائها، لا للبناء الذي يتجلّى ذلك النص معه ومن خلاله بوصفه إبداعاً قبل أن يكون فكراً.
وبعد، ومهما يكن من أمر القيمة الفنية لإبداع سكاكيني، والقيمة العلمية لنقدها، فقد شغلت، طوال ستة عقود من حياتها الأدبية، القرّاء والمبدعين والنقّاد والمفكّرين الذين وجدوا في نتاجها جميعاً ما يليق به من أسئلة وأسئلة مضادة. ومهما يكن أيضاً من أمر اتفاق أولئك، أي: القرّاء والمبدعون والنقّاد والمفكّرون حول دورها ومكانتها وأهميتها في الحياة الثقافية العربية خلال ما يزيد على ستة عقود، أو اختلافهم، فإنّه من الإنصاف تثبيت ما وصفه وديع فلسطين بها، في كتابه: «وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره»، أي قوله إنها في «صدارة الصدارة من المشتغلات بالأدب في عصرنا الحديث»، وبأنها كانت عربية العقيدة والاتجاه، وإنسانية النزعة، والحفيظة في جميع كتاباتها على مكارم الأخلاق ومفاخر المبادئ ومناقب الضاد وقيم الدين.
لقد أقضّت سكاكيني مضاجع الجهل والتخلّف والتهميش، التي كانت تهدهد واقع المرأة العربية، طوال نصف قرن من الزمن، ولم تأبه لمحاولات نفيها خارج فردوس الإبداع، بل تحدّت مجمل ما كان يعترض مسيرتها من عقبات، وتابعت الكتابة والنشر إلى أن وجدت نفسها، من دون إرادة منها، رهينة منزلها لنحو عقد من الزمن.
**
بطاقة
• ولدت في صيدا (لبنان) عام 1913
• تخرجت في الكلية الاسلامية ببيروت، وعملت في التعليم عشر سنوات، ثم تفرغت للأدب.
• عملت في التعليم أوائل حياتها، ثم نشرت انتاجها الأدبي في مجلة «المكشوف» البروتية، ورحلت إلى مصر وخاضت معارك أدبية عديدة دفاعاً عن بنات جنسها.
• عضو جمعية القصة والرواية.
• مؤلفاتها:
1- الخطرات- بيروت 1932.
2- مرايا الناس- القاهرة 1945.
3- أمهات المؤمنين- دراسة- القاهرة 1945.
4- أروى بنت الخطوب- رواية - القاهرة 1946.
5- بين النيل والنخيل- رواية - القاهرة 1947.
6- الحب المحرم- رواية - القاهرة 1947.
7- انصاف المرأة- دراسة- دمشق 1950.
8- الستار المرفوع- قصص- القاهرة 1955.
9- نفوس تتكلم- قصص - القاهرة 1962.
10- سواد في بياض- مقالات- دمشق 1959.
11- نساء شهيرات من الشرق والغرب- دراسة- القاهرة 1960.
12- نقاط على الحروف- دراسة - القاهرة 1960.
13- مي زيادة في حياتها وآثارها- دراسة- القاهرة 1970.
14- قاسم أمين- دراسة- القاهرة 1971.
15- عمر فاخوري- دراسة- القاهرة 1972.
16- أقوى من السنين- قصص- دمشق 1978.
17- شوك في الحصيد- مقالات- دمشق 1981.
18- سطور تتجاوب- مقالات- دمشق 1987.
19- بنات الرسول صلى الله عليه وسلم.
20- سابقات العصر دعياً وسعياً وفناً.
• توفيت سنة 1991.
Yomn.abbas@gmail.com