تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سيلفيا بلاث حياة قصيرة من الشعر

ملحق ثقافي
2018/9/4
ترجمة:نور طلال نصرة

سيلفيا بلاث: شاعرة أمريكية مواليد عام 1932م، تزوجت من الشاعر البريطاني تيد هيوز 1956م، عاشت سيلفيا حياة أليمة وكئيبة،

تبدأ رحلتها مع الألم بوفاة والدها عام 1940 وهي في الثامنة من العمر، حيث شكّل الموت هاجساً لديها، وتعيش حياتها غارقة في نوبات الاكتئاب. بدأت بكتابة الشعر وهي في السابعة عشرة من عمرها، ولها رواية وحيدة سردت فيها محاولتها الانتحار ودخولها في انهيار عصبي ثم مصحة للأمراض النفسية؛ حيث تعرضت للصدمات الكهربائية، تنهي سيلفيا مشوارها في هذه الحياة بانتحارها عام 1963م، وذلك بعد طلاقها من تيد هيوز بأشهر قليلة.‏

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

فتاتان داخل المنزل‏

إحداهما جالسة والأخرى تمتنع.‏

يتناوب بينهما‏

طوال اليوم‏

ثنائي من ظل ونور.‏

تقوم الأولى‏

في غرفتها الخشبية المعتمة‏

بحلّ مسائل الرياضيات‏

على الآلة الحاسبة،‏

في لحظات جافة اتسم بها الوقت.‏

وحالما انتهت من جمع التكلفة‏

لهذه المغامرة العقيمة‏

اقترب جرذ خبيث من طرف عينيها‏

وتسمّر ممتقعاً أمام جسدها الهزيل.‏

بينما تستلقي الفتاة الأخرى‏

بلونها البرونزي كالأرض،‏

تُنصتُ إلى تكتكات الذهب المنتفخ‏

كغبار طلع في هواء صاف.‏

وقد ركَنت قرب مرج لأزهار خشخاش‏

تتمعّن كيف تتوهّجُ خيوط بتلاتها الحمراء‏

وتحترقُ مكشوفة لنصل الشمس.‏

**‏

عند ذلك الهيكل الأخضر‏

أصبحت عروساً للشمس،‏

وبحرية تامة،‏

اضطجع العشب في ألم كبريائها،‏

فأنجبت ملكاً.‏

بينما يتكاثر الآخرون بفعل النسل.‏

انقلبت الفتاة الأخرى‏

كامدة وشاحبة كأية ليمونة،‏

عذراء، ساخرة للأبد،‏

ذاهبة للقبر بلحم مدفون هدراً‏

في علاقة زوجية منخورة‏

وامرأة غائبة حتى الآن.‏

**‏

دار الغرور‏

في طقس جليدي كثيف،‏

تمشي هذه الساحرة منزوية،‏

تطوي أصابعها كما لو أنها‏

التمست خطراً مُحدقاً‏

أدركت أن استمراره كفيل‏

بأن يؤدي إلى حتفها.‏

وبطرف عين حاسدة‏

طبعَت أقدام الغراب عروقَها‏

على ورقة الشجرة الملطّخة،‏

وخطفت النظرة الباردة لون السماء،‏

بينما استحضرت جلبة الأجراس أرواحاً رهيبة.‏

مظهرها المشحوذ لا تنافسه أية مدية‏

ردّها السليط على الغراب الأسود‏

اخترق الهواء الغاضب‏

فوق ركام جمجمتها،‏

متكهنّة بالخيال الذي يخالج‏

الفتيات البسيطات الذاهبات للكنيسة.‏

وما يتوق القلب لنسجه‏

يُثري خيالات كل عاشق أبله‏

مستعد للقيام بأية تفاهة‏

كي يُبدّد ساعات الشؤم على فراش من أجمة،‏

الإنسان كائن خطّاء.‏

**‏

وضعت الساحرة‏

ما يكفي من المرايا‏

أمام العذراء المتضرعة‏

كي تصرف عنها الأفكار الجميلة‏

وكي تُلهي المُلتاع عن أول أغنية حب‏

فالزهو يجعل الفتاة تصدّق‏

أنّ لا نار أشد من لهيب القلب،‏

كما لم يُبرهن أي كتاب‏

أن الشمس تعلي شأن الروح‏

بعد أن تُرخي الجفون ثقلها‏

لذلك أوصت بكل شيء للملك الشرير.‏

ذلك القذر الأدرأ‏

يراود أفضل ملكة‏

لتكون زوجة الشيطان على الأرض‏

صرخت العرائس ملء أفواههنّ،‏

بعضهن احترق سريعاً‏

والبعض الأخر تلظى طويلاً‏

في غرور المشعوذات‏

**‏

أغنية متّقدة‏

خُلقنا باللون الأخضر‏

في هذه الحديقة المتصدّعة،‏

ولكن بين أوراق الأدغال المنقّطة‏

يتسلل بحقدٍ، ذلك الحارس‏

المثألل كضفدع الطين،‏

ناصباً فخّه،‏

يصيد الظبي، الديك والسلمون،‏

وكل هذا الجمال‏

عرضةً لأن يسيل في الدم المسفوك.‏

**‏

ما يتوجّب علينا الآن هو أن نخترق‏

هذا المظهر الملائكي‏

وأن نعرّيه من نزقه البدائي‏

الذي يستره بمظهر جليل‏

فكل ما يفعله منحرف جداً‏

ولا يمكن كشفه بطريقة سويّة.‏

يمرّغ بدهائه‏

كل فعل جميل لنا‏

معيداً إياه‏

لطينه الأول‏

تحجبهُ سماء متجهمة.‏

**‏

لوَت النكهات العذبة‏

عنق الأعشاب الضارة‏

التي اجتزناها‏

قاصدين نهاية هذا الطريق الكريه.‏

تكبدنا ثقل الصوّان المتكوّر‏

مسفوعين بالشمس اللاهبة،‏

ومدمين الأوردة بالأربطة الشائكة.‏

وأنا.. كل ما أريده حباً مقداماً،‏

حلماً جميلاً،‏

لا ينفذ إليه الماء،‏

كلهب مُتقّد‏

يتكئ على جرحي‏

يحرقه، يكويه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية