تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشاعر عبد الكريم الناعم : يموت الشعر حين ينعدم الجمال

ثقافة
الأربعاء 14/9/2005
سهيلة اسماعيل

الشاعر عبد الكريم الناعم من الشعراء المعروفين ليس في حمص فقط وانما في سورية والوطن العربي, وهو غزير الانتاج وقد اصدر حتى الآن ست عشرة مجموعة شعرية, وكتابين في النقد الأدبي. بالاضافة الى انه يكتب الزوايا والمقالات الصحفية في الصحف المركزية وفي جريدة حمص المحلية.

( الثورة ) حاورت الشاعر حول بعض القضايا التي تخص الشعر وتخص تجربته الفنية.‏

س1-ثمة عدد كبير لا يرضيه الشعر الحديث, فما رأيك بالحداثة الشعرية وهل هي استجابة لتغيرات الحياة..‏

-يهتم بالشعر- عادة- من لديهم درجة من الثقافة والاطلاع ويحملون الكثير من الحساسية والرهافة لالتقاط بث القصيدة, وانا هنا اتحدث عن الشعر لا عن ما يتشبه بالشعر او يشبهه, من هذا المنظور, يمكن القول: ان الشعر يحتاج الى جمهور نخبوي, اضيف الى ذلك , الفاصل الكبير بين القصيدة العربية الحديثة وما وصلت اليه من حيث الرمز والصورة والدلالات والانزياح. وما يدرس في مدارسنا بدءاً من المرحلة الثانوية وانتهاء بالجامعة, فالحقول التدريسية مقصرة وبعيدة جدا, وحتى معظم الاساتذة الذين يدرسون يحتاجون الى تأهيل للدخول الى عوالم القصيدة الحديثة, كما ان وسائل الاعلام في برامجها الثقافية مقصرة في تسليط الضوء على هذه النقاط المحددة, هذا كله يجعل الشعر بعيداً عن العامة, والعلة ليست في الشعر, واذكر ايضاً بأن الركام الغث الذي تنشره الصحافة اليومية, وبعض الأسبوعيات والدوريات الاخرى, هذا الركام الذي يفتقر الى ابسط مقومات الشعر قد اساء لما نسميه القصيدة العربية الحديثة .‏

اما بالنسبة للحداثة, فالموضوع اشكالي جدا.‏

ترى عن اية حداثة نتكلم ? الحداثة الاوروبية هي نتاج الفكر الاوروبي ونتاج تطوراتها المجتمعية ومتصلة بتطلعاتها . ويبدو اننا قد ذهبنا الى ذلك المخزن لنأخذ منه لباساً ليس على قدنا.‏

ليس في العالم حداثة واحدة, الحداثة حداثات, فالحداثة التي تطمح اليها الصين او الهند مثلا تختلف عن الحداثة في تطلعات وتطبيقات اوروبا, وتختلف عن الحداثة التي نطمح في وطننا العربي, وتلتقي هذه الحداثات في منظومات ومفاهيم عامة تصلح لكل زمان ومكان كنشدان الحق والخير والجمال, وتختلف في الجزئيات وفي معطيات الواقع المعاش والذي لا شك فيه ان الحداثة الاصلية غير المأخوذة من مواقع اخرى هي التي تستجيب لتطلعات المجتمع الفكرية والحياتية لأوسع مدى لهما.‏

س2-ما العلاقة التي تربط بين الادب والحياة?‏

هذا السؤال شغل بال المدارس الادبية ونظريات فلسفية فتطرف بعضهم واراد ان يكون الشعر في برج عال مصفى, لكي لا يتلوث بالهموم الصغيرة كما يسمونها, وتلك مدرسة الفن للفن, وهناك المدرسة الماركسية التي وقفت على الضفة الاخرى, وركزت على الايديولوجيا, غير ان واقع الحياة ووقائعها, وما بين ايدينا من شعر عربي جميل لشعراء حقيقيين لا يختلف في قيمتهم الشعرية يؤكد انه ليس من الممكن فقط بل المطلوب تحقيق المعادلة الصعبة بين ان تكون الكتابة ذات التزام مبدئي حياتي وان تكون جميلة وشعرية في الآن نفسه, وفي رأيي انه لا يمكن الفصل بين اي نص ادبي جميل مهما بدا ا نه مغرق في ذاتيته اوفي نشدانه لما يسمى الشعر المصفى والواقع الحياتي نحن ابناء هذه الارض, ابناء الواقع, ابناء المجتمع, كيف يمكن ان نفصل بيننا وبين هذا البستان الارضي الجميل بما فيه من سكان وأزهار,على الرغم مما يعتريه من عولمة متوحشة ليست من جوهر الانسان, كيف نفصل بين هذا البستان الجميل ومن يجلس في ظل شجرة فيه .‏

س3-ما جدوى الكتابة بكل انواعها ?‏

تتعدد الاجابات على هذا السؤال, وهو بطبيعته يحتمل هذا التعدد, ولعل السؤال الذي طرحه نزار قباني يحمل شيئا من الجواب في ان الحسون يجد نفسه امام صوته او مع صوته ,الكتابة طاقة روحية ولا بد للطاقة من التفتح ولا شك لا بد من التفريق بين ان تتفتح تفتح الازاهير وبين ان تذهب الى المواقع التي تشيع السم والخراب.‏

اذاً الكتابة -جوهرياً- يفترض ان تكون مع الحق والخير والجمال, والا فهي كتابة شيطانية.‏

الكتابة بالنسبة لي على المستوى الشخصي الضيق اضافة لما ذكرت تسند الروح من الانكسار, واعتقد انها لا تسند روح كاتبها فقط, بل وتسند الآخر المتلقي, تحضرني ا لآن حادثة , ما زال صاحبها حياًً, فقد كان يدرّس في الجزائر ومر بأزمة قاسية جداً, قرر خلالها الانتحار وكما كتب لي وحدثني شفهياً, فإنه اشترى مصادفة مجلة المعرفة السورية فوجد لي فيها قصيدة, ونحن قبل ذلك اصدقاء- فقرأ القصيدة فمنعته من الانتحار.‏

س4-هل يموت الشعر?‏

الشعر على مستوى العالم -كما نقرأ- يعاني من ازمة وثمة متابعات تقول: ان هذا العصر هو عصر الرواية.‏

وانا لا اشك لحظة ان قراءة الرواية لا تحتاج الى قارئ نوعي, ويمكن ان يفتح ابوابها متوسطو الثقافة,وهذا يجعل جمهورها اكبر, والشعر الذي يقول عنه البعض انه ملك الملوك يحتاج لقارئ نوعي كما ذكرنا.‏

قد ينحسر الحضور الشعري بهذا القدر اوذاك, لكن الشعر لا يموت الا اذا مات الحق والخير والجمال في العالم.‏

س5-هل قيمت تجربة الشاعر عبد الكريم الناعم ونال حقه من النقد?‏

-حتى أكون صادقاً وازعم انني لست مغروراً ولا مدعياً, لم تدرس تجربتي الشعرية الدراسة التي تحيط بها ,ثمة دارسون وعددهم قليل كتبوا مقاربات نقدية عميقة وجديرة بالانتباه,وثمة آخرون بدوافع لا علاقة لها لا بالنقد ولا بالأدب عموماً كان لهم كتابات تقع على الجانب الآخر, وثمة من تجاهل هذه التجربة, وهذه الرؤية لا تخصني وحدي, فهي ظاهرة على مستوى الوطن العربي, ولكنني آخذ سورية نموذجاً, فالذين حظوا بكتابات واسعة من ابناء جيلي الشعري هم الذين اهتمت بهم بعض الحركات السياسية او التشكلات الشللية او التكوكب حول مسألة ما. فسلطت الأضواء على اناس اصبحت شهرتهم اكبر من شعرهم بكثير, وهذا دليل على ان النقد الشعري في هذا القطر ليس بخير, ويحتاج الى اعادة تقييم ومراجعة جريئة وصادقة, تعتمد على النص الادبي, لا على الاسم ولا على الايديولوجيا, ولا على الصداقات الشخصية.‏

س6-ما الفرق بين الكتابة الصحفية والكتابة المختصة ضمن اطار محدد?‏

-لا شك ان الصحافة كما هو معروف او العمل في الميدان الاعلامي يأكل الكثير من وقت من يعمل فيه وانا واحد منهم, وكم كنت اتمنى لو انني تفرغت او لو كنت قادراً على التفرغ لكتابة الشعر اما هو في مستوى الشعر ولقراءة ما اختاره انا لا ما تفرضه طبيعة العمل.‏

نعم العمل في الصحافة يستهلك الكثير من الوقت والاعصاب وحتى الاحلام .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية