تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التعلم لدى الأشخاص المعوقين ذهنياً..برامج رعاية مختلفة يحملها مؤتمر الأولمبياد

مجتمع
الأربعاء 14/9/2005
ميساء الجردي

حضارة الأمم تقاس بمدى اعتناء أهلها بالمعوقين -فكلما قدمت خدمات في مجال رعاية وإعادة تأهيل المعوقين كلما زادت هذه الدول سمواً في سلم الحضارة.

والاعتناء بأصحاب ذوي الحاجات الخاصة في كل دول العالم لا يقع عادة على عاتق الحكومات وإنما تقوم به جمعيات تطوعية جماهيرية موجهة من قبل الجهات المسؤولة المتخصصة.‏

وتعتبر سورية قد قفزت قفزات نوعية في إعطاء المعوقين الاهتمام الكامل وقد عملت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على دعم العدد الكبير من الجمعيات التي تقوم بالاعتناء بالمعوقين ووضعت في سلم الأولويات الأشخاص المصابين بالشلل الدماغي نظراً لخصوصية هذه الاعاقة.‏

التوافق الاجتماعي‏

ولإعطاء فكرة عن كيفية الرعاية التي تقدم لهذه الفئة من المعوقين التقينا الأستاذة أليسار فندي عضو مجلس إدارة في جمعية رعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي التي حدثتنا عن التعاون بين الجمعية ومعهد التنمية الفكرية وما يقدمه من خدمات طبية علاجية تحت اشراف اختصاصيين وبالتعاون مع مديرية صحة دمشق بالإضافة إلى المعالجين الفيزيائيين والاختصاصيين الاجتماعيين.‏

تقول: يوجد في المعهد كادر تعليمي للاهتمام بالمواد التعليمية والمهارات اليدوية للأشخاص المعوقين ذهنياً وهم موظفون من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.‏

ولا تقتصر الرعاية على تقديم المعلومات الأولية في القراءة والكتابة والهجاء والمبادىء الأساسية في الحساب والمعلومات العامة التي لها وثيق الاتصال بحياتهم اليومية بل إنه بجانب هذا الهدف التعليمي هناك هدف آخر لايقل أهمية وهو كيف نستطيع عن طريق التربية أن نعلم هؤلاء الأطفال المواءمة الاجتماعية أو التوافق الاجتماعي.‏

وهذا لا يعني إخضاعهم للنظام بطريقة آلية حازمة, بل المقصود هو أن نوجد في هؤلاء الأطفال القدرة على التكيف مع المواقف المختلفة بطريقة استقلالية معتمدين على أنفسهم.‏

لماذا يبدون هكذا?‏

وتشير فندي من خلال حديثها إلى حقيقة علمية مهمة وهي عدم ارتباط الشلل الدماغي بالتخلف العقلي فهناك عشرات الآلاف من المصابين بالشلل الدماغي والذين هم على درجة عالية من الذكاء وهم بحاجة قبل كل شيء أن يتفهم المجتمع طبيعة مرضهم وطبيعة حركاتهم وطبيعة مظهرهم وبدانتهم ولماذا يبدون هكذا.‏

فإذا تفهم المجتمع طبيعة اصابتهم أدرك كم هم بحاجة إلى رعاية وعناية, وقبل كل شيء إلى الحنان والاهتمام كي نأخذ بيدهم.‏

وقد يتساءل البعض كيف يتعلم الطفل المعوق ذهنياً? وفي الحقيقة هناك ثلاثة عوامل أساسية يجب أن تتوفر للطفل ليتمكن من التعلم, فإذا لم يتوفر أحدها أصيب الطفل بصعوبات التعلم.وهو ما يعاني منه الطفل المصاب بالشلل الدماغي بحالته الطبيعية إذا لم تتوفر له الظروف التعليمية المناسبة.‏

فهو بحاجة إلى وقت أكبر وصبر وتدريب مستمر, ويحتاج إلى فهم إعاقته والمشكلات التي يعاني منها, وبالتالي إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلات, وقد يحتاج إلى أجهزة مساعدة للحركة والتنقل وطرق ووسائل خاصة لتعليمه.‏

الإبداع للمعوقين ذهنياً‏

وبعد هذا العرض لكيفية التعاون بين الجمعية والمعهد لرعاية الأشخاص المصابين بالشلل الدماغي تقدم الباحثة نموذجاً يبين ثمرة الاهتمام بهؤلاء الأطفال وهو الشاب علاء صايمة الذي نجح بالثانوية العامة فرع أدبي بمجموع 190 درجة.‏

ويقال الناجح يرفع يده, هذه الأغنية المحببة لدى كل الناجحين في الامتحانات, إلا أن الشاب علاء لا يستطيع أن يرفع يده بثبات لأنه مصاب بشلل رباعي ناتج عن أذية دماغية منذ ولادته.‏

قاوم علاء وأمه معه وجمعية رعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي بدمشق جميع الصعوبات حتى تخطى وبشكل جيد مراحل الدراسة وتم الاحتفال بنجاحه.‏

شعار المؤتمر‏

هذه التجربة ليست الوحيدة ولكنها درس مهم يعلمنا أن الاعاقة لا توقف مسيرة الحياة وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشعار الذي يرفعه المؤتمر الاقليمي الأول للأولمبياد الخاص بالأشخاص المعوقين ذهنياً, ما هو إلا مبادرة طيبة ونقطة تحول متميزة للاهتمام بالمعوقين بما يحمله من دليل عمل متكامل يصل بهذه الشريحة من المجتمع إلى شط الأمان خلال رحلة معاناتهم الطويلة.‏

وهو مؤتمر يجتمع فيه علماء وأطباء واختصاصيون اجتماعيون من 16 دولة مشاركة خلال فترة 13-15 الشهر الحالي في دمشق لمناقشة نظرة هذه المجتمعات للأشخاص المعوقين ذهنياً وقضايا التعليم والتدريب والرياضة والدمج.‏

بالإضافة لوضع السياسات المتعلقة بالرعاية الاجتماعية والصحية لهؤلاء الأشخاص وذلك من خلال ست ورش عمل متكاملة مضافاً إليها ورش أخرى خاصة بتدريب الكوادر وتطوير برامج الرعاية ودور المنظمات غير الحكومية في دعم قضايا الأشخاص المعوقين ذهنياً.‏

ويأتي المؤتمر وفق خطة اقليمية للبرنامج الصحي في المنطقة والرامية إلى تعميق المبادرات الخاصة بالأولمبياد الخاص والمتعلق بالرعاية الصحية والاجتماعية للمعوقين ذهنياً إضافة إلى الأنشطة الرياضية تدريباً وألعاباً ومسابقات.‏

وتعتبر استضافة سورية لمثل هذه المؤتمرات وجهاً حضارياً يعكس مستوى النضج والوعي حول مختلف القضايا الإنسانية, وسعيها المستمر لما فيه خير المجتمع وسلامته.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية