في استثمار المياه في سورية و هي - أي الدراسة - مقال معد للنشر يقدم معلومات علمية هامة في رد على ما صرح به سابقا المدير العام لمؤسسة الصناعات الغذائية حول صناعة و تجارة المياه المعبأة في سورية و ما سميته في مقالين سابقين الاجتياح المائي لسورية .
هذه الدراسة سأدفع بها قريبا للنشر .. و إضافة لها تلقيت على بريدي الالكتروني مجموعة من الرسائل التي بعثها قراء مهتمون بما قلته عن الاستثمار للمياه في سورية . هذا يعني أن ثمة اهتماما حقيقيا في الامر .. و لا أنسى أنني عندما توجهت للكتابة في الموضوع مرة وأخرى .. إنما ساهم في توجهي هذا تحريض من الصديق و الزميل الصحفي ( غسان الشامي ) الذي أوجعه أن يرى مياها من مصادر لا مياه فيها تجتاح الوطن السوري وطن المياه و الفيافي الخضراء .
هذا يعني بشكل أكيد أن الموضوع يثير هموم و اهتمامات شرائح كبيرة من الناس شغلها دائما السؤال :
- أي انقلاب جرى في العالم كي تستورد الشام المياه من الربع الخالي و الخليج العربي ?!.
أنا تشجعت للكتابة تحت وقع هذا السؤال , و ما سبق .. علما أنني رفضت مرة فتح الباب للكتاب في إطار من فقد احتكار الدولة لتعبئة المياه .. و دون شك فإن هذا السؤال دفعني لإعادة حساباتي حول اعتبار المياه ثروة وطنية لا يجوز تمليكها لأحد ..
وذكرت في المادة الثانية..
أن مصادر المياه تبقى ملكية عامة, لكن ذلك لايمنع الاستثمار من منتجها أو حصادها الذي هو المياه.. مثل ذلك أن يفتح امرؤ بئراً في أرضه فيستخرج من المياه الجوفية ما يستثمره.. دون أن يمتلك الحوض الجوفي.. وعلى هذا الأساس اقترحت أن تتوسع الدولة في استثمار تعبئة المياه أو تشارك عليها أو تترك للقطاع الخاص فرصة الاستثمار فيها..
وفي أكثر من رسالة على البريد الإلكتروني.. ذكرني القراء بأن مقاومة الاجتياح المائي ( كما وصفت) يحتاج السرعة والعمل الاسعافي, وهذا لن يكون, إذا استمر احتكار الدولة ممثلة بمؤسسة الصناعات الغذائية لهذه المهمة.
وأورد هنا نصا من بريدي الالكتروني ارسله الأخ روند سيور كما ورد حرفيا ثم اتابع:
السيد أسعد عبود المحترم:
مقالتك حول الاجتياح المائي لامست كابوسا اعيشه الآن بسبب مياه الآبار المعبأة في العبوات والتي تباع عندنا وتلقى اقبالا من المطاعم والفنادق ربما بسبب مميزاتها التسويقية وربما لارضاء ذوق روادها.
اقوم حاليا بتجميع لصاقات العبوات المتوفرة في سورية وانوي القيام بالمقارنة فيما بينها (مع قناعتي بأن مياه اي نبع لدينا تضاهي معظمها) ولكن الفرضية اساس الخطأ لندرس ونرى.
لدي اعتراض واحد على ما ذكرتم في سياق مقالكم حول اعطاء الاولوية للدولة ثم المشترك ثم الخاص في الاستثمار في مشاريع المياه واعتقد هذا هو السبب الذي اوصلنا الى هذا الحال.
لا يوجد مستثمر شريف يرضى بالاستثمار في سورية بسبب الفساد والبيروقراطية فكيف تشارك من لا يقدم لك سوى العصي في العجلات? فليفتح باب الاستثمار بشفافية ووضوح ولتجبى الضرائب بشفافية ووضوح ولتنفق بشفافية ووضح عندها سنلمس الفرق.
أشكر جهودكم
تحياتي
الحقيقة انني اوردت النص كما هو تقديرا مني لجهد صاحبه واهتمامه الواضح بالمسألة .. ولا يعني ذلك بالضرورة انني اؤيده فيما ذهب اليه بشأن الاستثمار في سورية لأنه عمم رؤيته وهذا لا بد ان يوقع بالخطأ .. فرغم كل شيء ورغم الفساد والبيروقراطية ها هي كبريات المصارف العربية وشركات التأمين العربية والدولية تهرع الى السوق السورية.
صحيح ان ذلك لوحده لا ينفي ما ذهب اليه السيد سيدو لكنه بالتأكيد يخفف من غلوائه..
اعود الى قضية الاستثمار في المياه لأقول:
ان اي شكل من اشكال الاستثمار تقرره وتتبعه الدولة خير الف مرة من ترك الحبل على غاربه لكل من يقدر على ايصال المياه المعبأة لنا والطريقة المثلى لمقاومة هذا الاجتياح المائي تتمثل بإقامة الحواجز المائية اي ان ننتج نحن للسوق السورية وغير السورية ما يمكنه ان ينافس فيشكل حاجزا مائيا في وجه الاجتياح المائي.
اما اولوية الدولة في الاستثمار الخاص بها او المشارك قبل القطاع الخاص فمرده لطبيعة الاستثمار في المياه وامكانية ان يحل الاشكال الحقوقي حول ملكية المياه وتأمين فرصة دخل للدولة لا سيما وانه كما يقولون (شريك الماء رابح) فإذا كانت استثمارات الدولة المباشرة او المشاركة ستقود الى البيروقراطية او الفساد او ستنضوي تحت يافطة ما يجري اليوم في مؤسسة الصناعات الغذائية من الشركات المباعة ككونسروة جبلة وغيرها الى الشركات التي لن يشتريها كألبان حمص فأنا بالتأكيد اصر على اولوية القطاع الخاص ونحن بذلك لا نقرر خروجا على منطق الدولة وتوجيهاتها فهي التي اعلنت عن قيادة القطاع الخاص لعملية النمو الاقتصادي والتي قالت عن اقتصاد سوق ولو كان اجتماعيا.
فإذا كان الخاص على استعداد وفق الاصول القانونية السليمة ان يسرع الى نجدة السوق وايقاف الاجتياح المائي لها فنحن مع ولسنا ضد .. واعتقد ان ثمة طلبات لدى الدولة بهذا الخصوص اي تطلب الموافقة على مشاريع تعبئة مياه .. ونرى ان لا يترك امر القرار فيها لمؤسسة الصناعات الغذائية .. ونتمنى عدم الاهمال والتريث.