د. هاني مرتضى وزير التعليم العالي حدثنا عن أهمية التقانة في إغناء الارث الحضاري في سورية فقال: الحقيقة أننا كنا دائما ننظر إلى التطوير واستعمال العلم والتقانات الحديثة لمصلحة سورية في التطوير والتقدم . حيث إن استعمال أحدث التقنيات الحديثة لدراسة الإرث الحضاري وبيان عمقه وقيمته التاريخية التي تنعكس حتما على سمعة سورية الحضارية والأثرية والعلمية فهذا شيء متميز . اليوم لم نعد نستطيع الاعتماد على الكفاءات المحلية فقط رغم وجودها فلنعترف أن الكفاءات السورية الأكثر عددا هي خارج سورية. فنحن نستقطب كفاءاتنا السورية وهؤلاء السوريون بدورهم يستقطبون كل الكفاءات العلمية المتميزة بدول كثيرة والتي لها خبرات كبيرة باستعمال التقنيات الحديثة بالنسبة لاكتشاف الآثار وقيمة هذه الآثار ووضعها التاريخي وغيرها من أمور. وهذا شيء أساسي لأن الأمم التي لا تحافظ على تاريخها وعلى عمقها وعلى ماضيها ليس لها مستقبل. نتمنى في الحقيقة أن يكون هذا المؤتمر متميزا لأنه يجمع عددا كبيرا من الجامعات المتميزة وعددا كبيرا من العلماء الذين لهم دور كبير باستخدام التقنيات الحديثة في موضوع الآثار والمعطيات التاريخية.
انعقاد المؤتمر في دمشق:
جامعة دمشق جامعة عريقة وتحوي خبرات متميزة ولديها أيضا علماء في الخارج وأساتذة مقيمون يعملون في الخارج . ونحن نشكر الجهود الاغترابية التي لا تزال تساهم في بناء وطنها والمساهمة بكل نشاطاته العلمية . نحن لا نفرق بين عالم مقيم في سورية يساهم في التعليم أوعالم مقيم في فرنسا أوألمانيا أوأمريكا فجميعهم علماء سوريون يؤدون دورا إيجابيا داخل أوخارج الوطن.
العلم يوحد الجهود:
دوماً ننظر للعلم والممارسات العلمية والمؤتمرات العلمية والنشاطات وتبادل الأساتذة أوالطلاب بوضع مفصول تماما عن السياسة. فكوننا مختلفين بآرائنا السياسية مع بعض الدول لا يعني أبدا أن علاقاتنا العلمية ستتوقف . على مر التاريخ , كانت جامعاتنا تستقبل علماء وأساتذة وطلاباً من كل دول العالم بغض النظر عن علاقاتنا السياسية. والآن ومع خلافاتنا السياسية مع بعض دول العالم بالنسبة لتوجهاتنا والمحافظة على كياننا كبلد وإيماننا بعروبتنا بتاريخنا بمنطقتنا ما زلنا نستقبل علماء أمريكيين وفرنسيين وألمانيين وغيرهم من أصحاب الكفاءات على اختلاف جنسياتهم والتي تساهم بتقدم وتطوير جامعاتنا من جهة أوفعاليتنا العلمية التي تنعكس على مستقبل هذا البلد من كل النواحي . وهذا توجه من القيادة السياسية ومن السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد الذي كان دوماً يقول علينا أن ننفتح على العالم من الناحية العلمية وألا ندخل الأمور السياسية بالعلم على الإطلاق.
دعوة:
أتمنى على كل العلماء وأساتذة الجامعات وكل المغتربين في الخارج أن يساهموا مثل زملائهم في هذا المؤتمر أن يضعوا ضمن برامجهم زيارات دورية إلى سورية ليقوموا بجزء من واجبهم الوطني فكونهم خارج البلاد لا يعني أنهم انفصلوا عن وطنهم الأصلي ويقومون بزيارات دورية ويساهمون قدر الامكان بكفاءاتهم العلمية . فسورية ليست بحاجة لدعم مالي ولا اقتصادي. سورية بحاجة إلى دعم علمي لكفاءات خسرناها وكان مفترضاً أن تكون هنا ولكن هذا جيد فالسوري يستطيع أن يصل بطموحه إلى أعلى المستويات ولكن دون أن ينسى تقديم جزء من الخدمة لبلده الذي علمه وأعطاه الشهادة ولا يزال يحتفظ به كمواطن عربي سوري .
د . وائل معلا رئيس جامعة دمشق أشار في كلمته ان دمشق أقدم عاصمة في التاريخ لامتلاكها فناً حضارياً وتصميماً معمارياً متميزاً فسورية تعتبر أغنى دول العالم بمواقعها الأثرية ذات الطابع المعماري المتميز الأمر الذي جعل الاختيار يقع عليها هذا العام لعقد المؤتمر العلمي العالمي حول التقانة لإغناء الإرث الحضاري.
وبين ان المؤتمر سيساعدنا على ادخال المعلوماتية واستخدامها في مجالات الإرث الحضاري السوري من حيث التصنيف والأرشفة لكافة المواد الثقافية والحضارية.
< كيف فكرت بمعرض من هذا النوع?
أعمل أستاذا في جامعة تشرين في اللاذقية فقد أسست الكلية وكنت عميدها لمدة سبعة عشر عاما. وكانت اهتماماتي الأولى في الكلية أن نعمل على إنشاء برامج تعليمية سليمة والاهتمام الآخر هوالنظر إلى ما يحدث في مدننا التاريخية والمواقع الأثرية . خطرت في بالي فكرة الحفاظ على هذه المدن فأسست لجنة حماية في اللاذقية وكنا في صراع دائم بين الإدارة والاقتصاد وما يشعر به الأستاذ الجامعي من حساسية تجاه التراث الذي بدأ يصبح منسيا . فلجأت خلال ست أوسبع سنوات إلى جمع أفلام هذه الصور من مصادر عديدة. وقد ساعدتني جهات فرنسية وأولها وزارة الخارجية الفرنسية وأعطوني الأفلام التي كانت على قطع بللورية باعتبار أن التصوير قديم حيث كان الطيران الفرنسي آنذاك يقوم بعمليات مسحية لبعض المدن السورية الهامة . وبدأت أعالج هذه الصور وأدون عليها الأحداث التاريخية التي مرت عليها وبدأنا بانطاكية - اسكندرون اللاذقية - أوغاريت - جبلة - بانياس - طرطوس - صافيتا وهي مدينة تعود إلى قرون بعيدة ثم اتجهنا جنوبا إلى طرابلس - جبيل - بيروت - صيدا - صور - بعلبك. حيث ركزت على مدن شرق البحر الأبيض المتوسط إذ لم تكن هناك حدود سياسية بين هذه المدن في عام 1930 فكنت أعمل دون أي هوية سياسية وأطلقت عليه مدن وعمارة حوض البحر المتوسط الشرقي. تذكرنا حصيلة هذا المعرض بالحنين لتراث ماض معظمه خرج من الحياة. سألني بعضهم لماذا لا تأخذ الصور نفسها من الزاوية نفسها من الارتفاع نفسه. فأجبت أنني أخجل أن أصور هذه المدن بالحالة الراهنة فليقم شخص آخر بتصويرها وليستعن بمعرضي ليقارن بين ما كنا عليه وإلنا إليه.
ترافق المعرض والمؤتمر:
إقامة المعرض مع المؤتمر هوحالة من الاستذكار وحالة من إطلاع السادة المحاضرين الأجانب كيف كانت عليه المدن السورية أوبعض منها في حقبة الثلاثينات بطائرات بدائية وعدسات بدائية أكثر. وقد تمنيت في حقبة ثانية أن أدخل في عمق سورية فأعمل على حلب وحماة وحمص ولكن هذا جهد يتطلب أموالا طائلة وأنا جامعي فقمت بهذا المعرض بجهد شخصي.
وكان لنا لقاء مع أحد منظمي المؤتمر الأستاذ الدكتور خلدون زريق في جامعة كان في فرنسا:
فكرة عن المؤتمر:
بدأ هذا المؤتمر في عام 1988 وكنت أول من نظمه. وهذه الدورة العاشرة ولأول مرة تركنا أوروبا لأننا أحببنا أن نعمل دوما على العمارة وعلى تخطيط المدن وعلى الهندسة المدنية. وقد مضى وقت نعمل على ما يسمى التعلم من المعلومات . وعندما يهتم المرء بالعمارة وتخطيط المدن, يجد أن الأماكن الأثرية هنا ليست مزدحمة وأسعارها معقولة فاكتشفت أن تخطيط المدن بالعمارة فيها أشياء رائعة ويمكن أن تمكننا التكنولوجيا الحديثة لنكمل بناءها ونستخلص معلومات مهمة منها تساعدنا في مجال البيئة والنقل والتلوث والكوارث . والجدير بالذكر أن عدد المنظمين الذين شاركوا في تحضير المؤتمر وصل إلى سبعين دولة تقريبا.
الصعوبات:
في الإعلام العالمي يعطون صورة سلبية عن سورية وهذا ما جعل البعض يتردد في قبول الدعوة ولكننا نتفهم هذا التردد إذ لدينا مشكلة واضحة في الإعلام . كانت فيزا المحاضر صعبة لأنها تتطلب مزيدا من الإجراءات ولكن فيزا السائح سهلة ومعاملة سفاراتنا في الخارج لطيفة عموما.