هذه مفردتك العاشرة بعد المئة:
- احذروا تمويل الضحك الأسود والكلمات السوداء والعلاقات الفاحمة المحترقة.. احذروا أن تمتد ألسنة الأحقاد الى قلوبكم فتحرقها كما تحرق النار الغاضبة الغابة الخضراء..
- وكيف بوسعنا أن نحتمي من جنون رساميل الكراهية والقتل؟!
يضحك قليلاً ، حتى تبين ملامح أسنانه المشلّعة كباب سور من خشب وحطب واهتراء وتعب؟!
ويتابع: من أين لكم بهذه المفردة (رساميل)؟
- هل أعجبتك؟
- سأعتني بها بعد كأسين أو أكثر..
(الرساميل) شغلتها شغلة .. ورنة حروفها كرنة خطوات جارتنا الفارعة القادمة...
في الحانة كلمات مبعثرة وأحلام بنكهات وأحلام بلا نكهات .. وعلى الطاولات العديد من الجمل الاعتراضية والإسمية والاستفهامية، لكنها جميعها فاقدة الصلاحية والرفع والنصب والضم .. الحركة الوحيدة المتاحة هي الكسرة.. ولعلها تدخل الى الحانة وتتناول كأساً أو العديد من الكؤوس ، ولا تدفع مقابل ذلك سوى الكسر أو الجزم الطارئ والسكون الذي من ( ماركة) استكان يستكين استكانة؟!
مجنون حكي عرقوب ومجروح حلمه هذه الظهيرة، رساميل الكراهية أقبح ماعند الإنسان .
ولايباركها الله العلي القدير، لكنه يفسح المجال أمام المعتلين عقلياً ليمولوا حقداً هنا وأحقاداً هناك ..
الدم فضيلة خلقية يتماشى بها ومعها الأمل والعيش.. ورأسمال القتل يدّمر الدم وفضيلة الخالق والمخلوقات ..
ردّ أحد الندامى على عرقوب:
- تبّاً وبؤساً للكارهين ومموليهم !!؟
- الله عليك ياأفندي الكأس والإحساس ..
من أين لك بهذه الـ«تباً» والـ«بؤساً»
سأستعين بهما على التعبير والتفكير ..
الحانة كأنها مكان لاحدود له ، وكأن الطاولات أقاليم وأناس بأفكار...
وآخرون بشرود، وقبائل بعضها بمضارب وحدائق وبعضها هائمة على وجه المدى والردى..
عرقوب يضغي أكثر كلما أمعن بالأنخاب ذهاباً وجيئة ، وتتماهى ملكاته الروحية حتى يرى البعيد والغائب ويسمع الهمس والمسكوت عنه..
في إحدى البريات حيث تبدو الأحلام المشاكسة والكلمات المعاكسة تلوح في الآفاق جمال تحمل أكياساً وأكداساً... وعقولٌ ظمأى لقطرة معرفة وبرق معلومة ونسمة فهم؟!
هذه أموال تخصّ القبيلة الهائمة على رزق الخراب. وبعد هذه تجيء الأفكار السيئة والنوايا الخبيثة .. وتحضر الكوابيس .. والى جوارها العقول العطشى اليابسة المداسة بالأفكار المحلّة بقوانين الألفة والخلائق والحقائق؟!
في الأيام التالية ظهرت بوادر قتل الغابة العالية.. لكنها صمدت وتحدت وضحكت ، رغم مرّ البكاء.. ومرة بعد مرة وكسرة بعد كسرة تعالت أصوات عقل الحقيقة والرؤى الرشيقة والأحلام الصديقة؟!
قال الفهيم:
- ألم أقل لكم: تمويل الكراهية يؤدي الى القتل؟! وتمويل السوء يسوق الى التناحر؟!
- وتمويل غير هذا الى ماذا يؤدي؟!
- فطرة الحبّ تحتاج الإنسان .. والمؤامرات القاتلة تحتاج أولئك الخرفين والمسكونين بلهجات الكذبة وأبّهة الجهل..
الحب فطنة الكون الحالم بإنسانية الحياة..