تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الوعي في مواجهة الفوضى...

مجتمع
الخميس 5-12-2013
ملك خّدام

تنتعش في أجواء الأزمات سلوكيات غير مألوفة في أعراف المجتمع بشكل عام ...ومن أخطر هذه السلوكيات إشاعة ثقافة الفوضى والعنف بين الناس..

فبالأمس القريب أدمى قلوبنا نبأ وفاة ابن الجوار ذي الخامسة عشرة على يد أقرانه في الحارة التي يسكن فيها في مشادة عابرة , استخدم أحدهم فيها - سكين- نعم سكين استقرت طعنتها الأولى في قلب المغدور مباشرة.‏‏

وما إن مرّ أسبوع الفتى المغدور حتى صُدمنا بتكرار الحادثة الفاجعة في مدرسة , ذهب ضحيتها كذلك - تلميذ- ما يطرح السؤال:‏‏

هل بدأت تنسحب متوالية الدم من ساحات الأزمة لتغزونا في الأسرة والمدرسة والشارع...‏‏

ما يقرع ناقوس الخطر أمام مجتمع تحصّن بمكارم الأخلاق ألا تضعنا هذه - الطفرات - أمام تحدّي إعداد جيل ما بعد الأزمة بالمزيد من الحرص والرعاية والتأهيل لتجاوز ما علق في بنيته النامية من طحالب وأشنيات مستنقع الأزمة التي خاضت سورية غمارها لمدة تجاوز السنتين...‏‏

فهل من المألوف أن يشهر حارس البناء ( سكيناً) في خلاف عابر مع زوجته , لينسحب ذات السلوك على ابنه الذي أشهر ذات السكين على أخته الأصغر فالعنف في علم الاجتماع لا يولد إلا العنف ... وسوف ينعكس آجلاً أم عاجلاً على علاقات الأفراد ما لم يتم صقل وتهذيب بنيتهم النفسية والأخلاقية بالتوعية والإرشاد ... وإلاّ احتجنا إلى ( الشرطة المدرسية) بدل المرشد الاجتماعي , واستبدلنا المدرسة بدور لرعاية الأحداث الجانحين من المؤكد أنا لا أرى النصف الفارغ من الكأس , وإنما أحاول تشخيص حالة مرضية أفرزتها الأزمة في سلوكيات بعض الأفراد...‏‏

وإذا لم تتكاتف الجهات المعنية لبلسمة جراح ما بعد الأزمة .. ربما وجدنا أنفسنا منجرفين حتى القاع في ثقافة الفوضى التي لن تجر علينا سوى الخيبات في درب الآلام....‏‏

فعودة الوعي في مواجهة ثقافة الفوضى ضرورة تحتّمها علينا آليات الخروج من الأزمة نفسياً وأخلاقياً واجتماعياً قبيل الخروج منها سياسياً واقتصادياً....وفي هذا النطاق لا ينفع العمل منفردين إذ ثمة حلقة وصل متكاملة ما بين الأسرة والمدرسة والشارع والمؤسسة التي من شأنها عقلنة المجتمع وإعادة تأهيل وإرشاد الابن الضال ... فهذا الجيل أمانة في أعناق الجميع , وإذا لم نستوعب نزواته وطفراته في جوّ الأزمات ....فلن نرجو منه أبدا إعادة إعمار البلاد....‏‏

فالوطن لا يبنى فقط بالحجر , وإنما يؤسس ويبنى عليه بالبشر...‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية