ومستمراً بسياسة القمع الممنهج التي تطول كافة الشرائح والفئات حرصاً منه على تفشي الجهل بين السكان العرب, وسياسة العزل الإعلامي إحدى الطرق التي دأبت السلطات الصهيونية على نهجها كأحد أبرز مرتكزاتها الاستراتيجية في تحييد الجولان إعلامياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً عن الوطن الأم سورية.
ولهذا كله تقوم بين الفينة والأخرى بحملة اعتقالات تشمل أصحاب الفكر والرأي والمناهضين للاحتلال ومن هؤلاء الأشخاص الذي اعتقلتهم الأسير السابق الإعلامي عطا فرحات من قرية بعقاثا والناشط السياسي يوسف شمس من مجدل شمس واللذان أمضيا قبل أيام عامهما الأول في الزنازين الإسرائيلية, حيث تمت مداهمة منزلي شمس وفرحات بطريقة همجية قلبوا فيها الأثاث وحطموا أبواب الخزائن وصولاً إلى الزوايا وتمت مصادرة أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة والأرضية لكليهما وفتشوا منزلي ذويهما سعياً للحصول على أي وثائق يمكن أن تسهل فبركة أي تهمة قد تلصق بالأسيرين وأي تهمة يمكن أن تلصق بهما سوى حبهما الكبير لهذا الوطن والانتماء المشرف إليه.
حيث يعتقد أن خلفيات عملية الاعتقال التعسفية بحق السوريين فرحات وشمس تكمن بالنشاط الإعلامي والسياسي لهما في مواجهة الاضطهاد والظلم الإسرائيلي الذي لم يقتصر على احتلال الأرض وتهجير السكان بل جاء أيضاً في محاولة لتركيع ما تبقى من هؤلاء السكان وتهويدهم وطمس ثقافتهم وانتمائهم ومحو تاريخهم, الأمر الذي أثار حنق سلطات الاحتلال التي ضاقت ذرعاً بعدما عبر كلاهما عن ازدرائه للتهديدات المتتالية التي وجهت إليهما من قبل الإسرائيليين لوقف نشاطهما الإعلامي مع الصحف السورية داخل الوطن وخاصة الجانب المتعلق بواقع الجولان المحتل عموماً والأسرى في سجون الاحتلال خصوصاً والذي صوروا فيه التجاوزات الخطرة والانتهاكات الجسيمة التي تمارس بحق أهالي الجولان وإنهاء علاقتهم مع ذويهم في باقي المحافظات السورية.
وبالنسبة للأسير فرحات ابن الخمسة والثلاثين عاماً وخريج قسم الصحافة من جامعة دمشق عام 2000 وأثناء عودته للجولان قبل عدة أعوام حاملاً شهادته الجامعية قامت (إسرائيل) باعتقاله عند معبر القنيطرة وحكمت عليه بالسجن عاماً كاملاً ولازمه القيد الصهيوني لعدة أشهر وبعد خروجه جدد فرحات نشاطه الإعلامي مراسلاً للتلفزيون السوري في الجولان وأسس موقعاً الكترونياً وكتب في صحيفة الوطن وله نشاطات واسعة مع طلبة الجولان وتناول الاحباط الإسرائيلي في حرب تموز 2006 وعشية إنجازه ندوة تلفزيونية عن الأسرى على مشارف قرية مجدل شمس عاودت سلطات الاحتلال الغاصب اعتقاله من جديد.
كذلك حال المناضل يوسف شمس وعمره 55 عاماً وكانت السلطات الإسرائيلية قد اعتقلته في العام 1973 وحكمت عليه بالسجن 17 عاماً وتنقل لأكثر من خمسة أعوام بين سجون الاحتلال ومعتقلاته بتهمة الانتماء لتنظيم سري مناهض للاحتلال وعندما جدد نشاطه أيضاً وتولى مسؤولية رئيس لجنة تسويق التفاح للوطن وبسبب حرصه من خلال عمله على فك الحصار الإسرائيلي المفروض على ثمرة التفاح اعتقلته سلطات العدو.
الآن وبعد مرور عام على اعتقال فرحات وشمس وبسبب مماطلة إدارة السجون ومحاكمها الصورية التي تكررت لأكثر من سبع محاكمات دون توجيه أي تهمة سوى الانتماء وتضامناً مع الأسرى السوريين في سجون الاحتلال ومن بينهم الزميل فرحات اعتصم عشرات الصحفيين السوريين الثلاثاء الماضي أمام مقر الأمم المتحدة بدمشق وذلك في ذكرى مرور عام على اعتقال فرحات وسلموا بياناًَ موجهاً للأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون عبّروا فيه عن القلق من استمرار اعتقاله وتضمن البيان التصعيد الخطير والمستمر لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد السكان السوريين في الجولان وبشكل خاص ضد الأسرى في السجون وطالب البيان بالتدخل الفوري وتحمل المسؤولية لوضع حد لهذه الانتهاكات وغيرها انسجاماً مع الاتفاقيات الدولية, ويبقى السؤال أمام التجاهل الإسرائيلي لهذه الاتفاقيات والأعراف والمواثيق وخاصة اتفاقيتا جنيف ولاهاي هل سيقف المجتمع الدولي إلى جانب هؤلاء لرفع الظلم والجور عنهم وإطلاق سراحهم أم سيبقى في موقف المتفرج على كيان غاصب يتلذذ بمناظر التعذيب والإرهاب.