تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السلام بمقاسات إسرائيلية

ترجمة
الأثنين 4/8/2008
ترجمة: حسن حسن

ستون عاماً وإسرائيل في حرب دون هوادة ضد الفلسطينيين وتهديد دول الجوار, فتحت ذريعة إمكانية إلحاق الدمار بها, وترويج هذه الأكذوبة عمدت إلى بناء قدراتها العسكرية وامتلاك القوة النووية حتى غدت الوحيدة المالكة لهذا السلاح في المنطقة, هذا الكيان الصهيوني المدعوم أميركياً يقوم في كل يوم بسحق المدنيين الفلسطينيين.

الأخطر من ذلك هو ما أدلى به ( يحزقيل درور) استاذ العلوم السياسية المتقاعد في الجامعة العبرية في القدس, والعضو في لجنة فينوغراد للتحقيق في الحرب الإسرائيلية ضد لبنان صيف عام 2006 بالقول:‏

(إن مقتضيات الوجود يجب أن تتبوأ سلم الأولويات وأن تتقدم على غيرها من الاعتبارات الأخرى, بل هي أهم من القيم التقدمية والإنسانية أو حتى دعم حقوق الإنسان وعملية الدمقرطة) متخذاً من الوضع الاقليمي حجة لاعتماد مبدأ الدفاع عن النفس وكوسيلة لتوقع ما هو أسوأ.(بالطريقة ذاتها يتوجب على الزعماء اليهود التشدد في اتخاذ التدابير الصارمة ضد الإرهابيين الذين يملكون قدرة تعريض حياة اليهود للخطر.وإذا ما كان الخطر داهماً ومستفحلاً يغدو مبرراً إذا ما لجأت إسرائيل إلى استخدام سلاح الدمار الشامل, إذ سيكون من الواضح أنه ضروري لضمان بقاء الدولة ولا يهم عندئذ عدد الضحايا المدنيين الأبرياء الذين سيسقطون نتيجة استخدام هذا السلاح).‏

إننا نعتقد أنه يحلم فهو يبرر مسبقاً موت عدد هائل من الناس ويقول إن ذلك ليس هاماً, بل يبدو كأي أمر ثانوي مثله في ذلك كمثل من يرفس خلية نحل فتزعجه اللسعات, عندها يحرق كل شيء بالنابالم, إنها بلا شك حماقة اللهم إلا إذا كان النحل كائنات بشرية.‏

دعونا نعود بالتاريخ قليلاً إلى الوراء أي إلى ما قاله الراحل ياسر عرفات وقد أعاده مرتين: (إننا نتنازل عن أي شكل من أشكال العنف الفردي والجماعي ونحن ملتزمون بالسلام ونريد أن نعيش في دولتنا الفلسطينية, نريد أن نعيش وأن ندع الآخرين يعيشون (إسرائيل) ). فما كان من اسحاق شامير إلا أن قال إن عرفات لم يعترف بإسرائيل و( عندما قال ذلك قاله من طرف لسانه), شامير غرز مسماراً وسدد ضربته (إننا لن نتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية تحت أي ظرف كان). في الوقت ذاته قالت شالوميت آلوني وزيرة التربية آنذاك:(إنكم تفسدون شبيبتنا بإرسالهم لقتل الأطفال »أثناء ذلك عرض شريط فيديو يظهر جنوداً إسرائيليين يقومون بكسر أذرع أطفال فلسطينيين) وتابعت قائلة: في سن الثامنة عشرة أ ي عندما يبلغون سن الرشد تستخدمونهم لتطبيق قوانين استعمارية.‏

وفي حين استخدمتم في الكويت القوة لتطبيق القرارات الأممية وإخراج العراق تتركون إسرائيل مطلقة اليدين في فلسطين, جيمس بيكر وزير الخارجية الأميركي آنذاك وبعد الانتصار الأميركي واعترافه »بسقوط مئات الآلاف من الضحايا العراقيين) قدم خطة سلام في فلسطين لكن ما الذي حدث بعد ذلك? لا شيء أمر آخر في عام 2006 حدث أن فازت حماس بالانتخابات وبطريقة حرة ونزيهة وديمقراطية , والمعروف أن الديمقراطية هي قيمة القيم عند الأميركيين , وقد خاضت حرباً لنشرها في العراق والمنطقة, وبها قام الفلسطينيون باختيار ممثليهم لكن الذي حصل أن العالم كله رفض النتائج ولا أحد يريد الاعتراف بنصر حماس, إسرائيل تأففت واستبعدت إجراء أي مفاوضات مع حماس لماذا? لأن حماس اشترطت وقف الاستيطان للبدء في التفاوض وهذا ما لا يمكن أن تتخيله إسرائيل, كما أن الولايات المتحدة سعت وبكل الوسائل لتضع على رأس السلطة الفلسطينية زعيماً وفريقاً حاكما خاضعاً كلياً لمشيئة واشنطن.‏

الجدار أيضاً يقف حجر عثرة في وجه السلام فهو يتوغل في عمق الأراضي الفلسطينية كما أن المصادر المائية ترتب أيضاً أعباء مالية كبيرة ستقع على كاهل الأجيال الفلسطينية القادمة, إذ يحظر حفر أي بئر دون موافقة السلطات الإسرائيلية, ويلاحظ أن الاستهلاك الوسطي والسنوي لإسرائيلي واحد 357 متراً مكعباً أي أعلى بأربعة أضعاف مما يستهلكه فلسطيني واحد في الضفة الغربية 84,6 متراً مكعباً والمستوطنات تروي 60% من أراضيها الصالحة للزراعة مقابل 45 % في إسرائىل وفقط 6% في الضفة الغربية حتى آذار 2003 ومنذ بداية الانتفاضة الثانية, يمكن حصر الخسائر في الأراضي المحتلة بالآتي: 151 بئراً , 153 نبعاً 447, صهريجاً52, صهريجاً متحركاً, 9128 صهريجاً سطحياً, 14 خزاناً, 150 كم أقنية تروي أكثر من 78000 منزل.‏

لكن النقطة الأكثر خطورة والتي تحول دون تحقيق السلام هي تلك المستوطنات المزروعة في عمق الضفة الغربية , وكما قال ياريفاأوبنهايمر الأمين العام لحركة السلام الآن إن هذه الورشات القائمة في الضفة الغربية »ستهدد إلى أبعد الحدود فرص نجاح مؤتمر أنابوليس)وإذا ما استمر هذا الأمر فلن يكون لدينا دولة فلسطينية وإنما دولة مستوطنين.‏

الأدهى هو ما تحدث عنه يوري افنيري أن كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تعمل من أجل الهدف ذاته وهو الحصول على أكبر قدر من أرض إسرائيل وتحويلها إلى دولة يهودية, هذه الأرض تمتد من البحر المتوسط إلى نهر الأردن.‏

لا شيء ولا أحد يمكنه أن يحد من هذه الاندفاعة وإيران النووية التي أقامت حالة من التوازن في المنطقة ستتحمل مزيداً من الأعباء المادية للوقوف في وجه هذه النزعة المهيمنة الإسرائيلية. باختصار لا تريد السلام بل تريد سلامها هي وحدودها هي وبطريقتها الإحادي, صحيح أنها تقيم اعتباراً لتنامي القوى الاقليمية ولنتائج قرارتها السابقة, إلا أنها أي إسرائيل منغمسة في مزايدة قاتلة بلا انقطاع وبلا جدوى بل إنها بذلك تذكي نار الحقد الجماعي ضدها.‏

عن الانترنت ALTER INFO‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية