نعم يشعرون بالأسى ويعتبرون الموسم خاسراً هذا العام أو على الأقل غير رابح إذا ما بقيت أبواب التصدير مغلقة والأسعار تتراجع يوماً بعد يوم, ونستطيع الوقوف على معاناة مزارعي البندورة, وتحديد الأسباب التي تقف وراءها من خلال هذا الاستطلاع.
ولنبدأ من حساب تكاليف زراعة الدونم الواحد, حيث يقول المزارعون الذين قابلناهم في نوى وطفس وغيرهما من المناطق المشهورة بزراعة البندورة الصيفية بالمحافظة: إن كلفة زراعة الدونم بلغت نحو /45/ ألف ل.س وتتضمن ثمن البذار وأجور حراثة الأرض وزراعتها وتسميدها.
وغير ذلك من الخدمات الزراعية, في حين أكد السيد عثمان النعمة رئيس مكتب الشؤون الزراعية في اتحاد فلاحي درعا إن الكلفة تراوحت بين 35 -40 ألف ل.س بحسب نوع البذار ومستوى الخدمات الزراعية المقدمة لحقول البندورة, ويمكننا القول من خلال مقاطعة هذه المعلومات إن متوسط كلفة زراعة الدونم من البندورة بدرعا وصلت هذا الموسم إلى /40/ ألف ل.س. وننتقل الآن من حساب تكاليف البندورة, ومنهم محمد ناجي الجندي وعقلة الناطور على أن زراعة الدونم الى حساب المردود المادي لإنتاجه, حيث أجمع مزارعو إنتاج الدونم يتراوح ما بين 8 -10 أطنان من البندورة. وإذا ما اعتبرنا ان إنتاج الدونم هو /10/ أطنان بحسب رأي اتحاد فلاحي درعا وأن سعر الطن حالياً /3/ آلاف ل.س كما هو رائج الآن في سوق الهال بدمشق يكون مردود الدونم المزروع بالبندورة /30/ ألف ل.س وقد يصل في أحسن الأحوال إلى /40/ ألف ل.س إذا تم التسويق في أسواق المحافظة حصراً.
وهكذا... نستنتج بكل بساطة أن فاتورة زراعة البندورة خاسرة بدرعا هذا العام, وخاصة بالنسبة للمزارعين الذين لا يملكون الأرض ولا اليد العاملة ودفعوا كل مستلزمات مشاريع زراعة البندورة.
ويبقى السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في ضوء ما تقدم من معلومات وأرقام, ما أسباب الخسارة... ومن المسؤول?.
في الواقع هناك عدة عوامل مرتبطة ببعضها البعض, ويأتي في مقدمتها زيادة الإنتاج هذا العام بسبب نجاح مزارعي المحافظة بزراعة البندورة وجودة البذار, واستخدامهم للري الحديث من جهة.
وبسبب اتساع المساحة المزروعة بمحصول البندورة هذا العام والتي فاقت الخطة المقررة من جهة ثانية ففي حين تقوم خطة زراعة البندورة الصيفية هذا الموسم على زراعة /15730/ هكتاراً, فإن المساحة الفعلية التي زرعت بالبندورة بلغت /20023/ هكتاراً, وهذا ما أدى بدوره إلى وفرة الإنتاج بالمحافظة والذي قدر بنحو /225/ ألف طن.
وبما أن حاجة المحافظة من هذه المادة لا تزيد عن /75/ ألف طن في الموسم الواحد, فهذا يعني أن هناك فائضاً بالإنتاج وزيادة في العرض مقابل نقص في الطلب وصعوبة في التسويق الأمر الذي يؤدي في النتيجة إلى هبوط الأسعار وتحكم تجار أسواق الهال بأثمان المادة بشكل عام, وهذا الوضع هو الذي جعل سعر الكغ من البندورة يتراوح هذه الأيام بين 2,5 - 3 ليرات سورية في حين أن إنتاجه كلف حوالي /4/ ليرات .
ومن العوامل الأخرى التي وقفت وراء خسارة مزارعي البندورة بدرعا, إغلاق معمل الكونسروة في مزيريب منذ عدة سنوات, حيث كان المعمل يستوعب جزءاً كبيراً من إنتاج المحافظة.
أما الآن وفي ظل غياب تلك المنشأة فقد زادت معاناة مزارعي البندورة في تصريف المادة, واشتد تحكم معامل القطاع الخاص والتجار بأسعار المادة.
وذكر السيد ماجد الشحادات رئيس اتحاد فلاحي در عا عدداً من الأسباب الأخرى التي ساهمت في خسارة مزارعي البندورة ومنها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة وحراثة وقطاف ومحروقات, وخاصة ارتفاع سعر المازوت الذي حصل في وقت صعب أي في منتصف الموسم وهذا ما انعكس سلباً على أجور السقاية ومن ثم نقل المنتج من الحقل إلى الأسواق.
ولعل العامل الأهم في كل ذلك والذي له الدور الكبير في خسارة المزارعين, والنتائج غير المنتظرة لموسم البندورة هذا العام هو عدم وجود أسواق خارجية لتصدير المادة وتصريفها ما أدى إلى إغراق الأسواق المحلية بالمادة وتراجع أسعارها يوماً بعد آخر, فهل تتحرك شركة الخزن والتسويق وغرف الزراعة وغيرها لتأمين طرق مناسبة لتصريف إنتاج المزارعين بأسعار مجزية, وحمايتهم من جشع التجار حرصاً على مصالحهم والتعويض عن أتعابهم.