وهذه الطروحات التشكيلية بإطارها الجمالي الحديث والمعاصر تبرز قدرة العمل الفني على تحويل المساحة اللونية التلقائية الى فسحة للحوار والتأمل والمناقشة ,فهو حين يترك اللون يسيل من اعلى اللوحةالى اسفلها ,فإنه يجعل المشاهد العادي يطرح تساؤلات حادة , كذلك الحال في بحثه الدائم عن جماليات اظهار الكثافة اللونية والسطوح الناتئة والحركات الارتجالية البعيدة كل البعد عن الإبهار البصري والمساحات الصافية و العقلنة الهندسية المنضبطة .
فالتشكيل هنا هو احساس بالقدرة على بناء اجواء اللوحة بتحوير العناصر الانسانية وإضفاء المزيد من السطوح والملامس العفوية , التي تعطي المشاهد احياناً ايهامات طباعية , اي تظهر وكأنها منفذة بتقنية الطباعة الحفرية , علاوة على استخدامه لتقنية رش اللون في اماكن متفرقة من اللوحة , واحداث المزيد من الحفر والتشطيب على السطح التصويري في خطوات كسر اناقة المساحة اللونية والايقاعات الزخرفية والاشكال المنتمية الى الفنون القديمة والحديثة في آن واحد.هكذا تصبح اللوحة و كأنها مدخل ثقافي بألوانها وبمعالجتها التقنية الخطرة والجريئة, يعمل قبل اي شيء آخر على الاحساس بجمالية اللمسات والمساحات الاقرب الى ملامس الجدران القديمة وماتحمله من رؤى عفوية وتلقائية زاخرة بامكانيات التنويع التشكيلي الفطري كما ان اللوحة التي يقدمها نهاد كولي هذه المرة لها علاقة بذاكرة الاضاءة القوية المفتوحة على بريق اللون المحلي المشبع بالضوء . ولهذا فهو يقدم معرضه الجديد تحت عنوان ( كائنات من ضوء ) .
يذكر ان نهاد كولي من مواليد العام 1968م ولقد اقام عدة معارض منفردة في الداخل والخارج. كما ترافق معرضه في المركزالثقافي الفرنسي ,بعرض بعض لوحاته في صالة اتاسي في دمشق علاوة على مشاركاته الدائمة والمتواصلة في المعارض الجماعية الرسمية والخاصة.