بانسحاب القوات الأميركية من العراق، وإخلاء كافة القواعد المنتشرة على أرض العراق الموحد، سنكون على هذا المستوى على الأقل أمام مشهدية جديدة تحسم الجدل نهائياً حول وحدة الموقف العراقي من الوجود العسكري الأميركي وما فيه من تأثيرات على المستوى الاقتصادي وكافة المستويات، ما يعني أن إيران التي حسمت موقفها كلياً ليست مضطرة للتدخل في العراق ضد هذا التواجد إلا بما تتطلبه الظروف الميدانية واللوجستية. وأنها ماضية ليس فقط في عملياتها الثأرية وإنما أيضاً في تطوير برنامجها النووي بعد أن أعطاها الجنون الأميركي فرصة للتحرر من الاتفاق القديم الذي كان يقيدها.
ومع بدء انتهاء سورية من حربها التحريرية ضد الأوكار الإرهابية المدعومة أميركياً في إدلب ومنطقة الجزيرة، وتبديد الأطماع التركية بقضم أراضٍ تقيم عليها المنطقة الآمنة المزعومة، ونهاية حلم الميليشيات النفصالية بتحقيق أجنداتها.
وفي إطلالة على اليمن نرى أن الشعب اليمني سيجني ثمار صموده في وجه العدوان السعودي - الإماراتي في وقت قريب.
إذاً فإننا في محور مقاوم مؤثر وقادر قد أصبح في جهوزية تامة يضم المقاومة في لبنان لتجديد حلف واضح، ولن يكون بمقدور أميركا مواجهته إلا بدفع تكاليف باهظة ليست مستعدة لها في هذه الفترة لما تشهده الإدارة الأميركية من اهتزازات تصل إلى عزل ترامب وإدارته وإخراجه من البيت الأبيض (بعد إقرار الكونغرس بمحاكمته لكن من المتوقع أن ينقذه مجلس الشيوخ ذو الأكثرية الجمهورية).
وفي كل الأحوال فلقد ارتكب حماقته الأخيرة باغتيال الشهيدين الفريق (قاسم سليماني) و (أبو مهدي المهندس) ولاقى ما لقيه من ردود لم تكن إلا بداية الطريق الطويل في حرب تحرير غرب آسيا من أي نفوذ أميركي وما يلتحق بها من تواجد أوروبي وأذناب عربية.
وإذا نظرنا إلى شرق آسيا فإننا نرى أن الوجود الأميركي في كوريا الجنوبية قد أصبح مهدداً، بمؤازرة روسية وصينية سوف تتوسع المشهدية إلى الشرق، ما يعني أن آسيا جديدة بدأت تلوح في الأفق خالية من الأميركيين.
إذاً فإن القول بأن أميركا تعيش أسوأ ظروفها منذ الحرب العالمية الثانية صحيح وهي على وشك الانهيار إذا لم تتلاحق الدولة العميقة في أميركا نفسها، وتحسم أمرها بشأن الأرعن ترامب الذي لم تعد تنفعه الاتفاقات التجارية المرحلية والمؤقتة التي يقوم بتوقيعها مع الصين بهدف مغازلتها وتخفيف اندفاعاتها في الأسواق العالمية.
وهذا الوضع المتردي يطاول الربيبة المدللة (إسرائيل) التي أصبحت مكشوفة وبلا غطاء أو ستصبح كذلك في حال قيامها بأي عملية استعراضية -من النوع الذي تقوم به عادة بعد هزيمتها المذلة في عام 2006 - ضد محور المقاومة. لا شك أن مسار حرب التحرير من الوجود الأميركي سيكون طويلاً وصعباً لكنه ليس مستحيلاً إذا ما بقي العزم على القيام بهذه الحرب كما هو ولم يخفت بمرور الوقت أو بحصول مستجدات قد تغير في المسار، تسريعاً أو تأخيراً لكن أي شيء لن يحرفه عن أهدافه، بعد أن تحول في فرصة لن تتكرر من الدفاع إلى الهجوم بفضل الدماء الزكية للقائدين الشهيدين ورفاقهما.
وإن غداً لناظره قريب...