كل ذلك يحصل في معظم قرى ريف دمشق.. والتي تقوم مديرية المصالح العقارية فيها بعمليات إزالة الشيوع والتجميل..
إلا أن الذي يحصل هو العكس تماماً..حيث نصت المادة الأولى من قانون التجميل وإزالة الشيوع الصادر بالمرسوم التشريعي/166/ لعام 1967 والمعدل بالمرسوم التشريعي 322 لعام 1969 وبالقانون /5/ لعام 1973 أن الهدف من أعمال تجميل الأراضي هو إفراز الأراضي الزراعية الشائعة بين مالكيها أو تجميل الأراضي الزراعية المجزأة تجزئة مفرطة بإعطاء المالك قطعة أرض واحدة أو أكثر بدلاً من القطع العديدة المتفرقة وذلك لتسهيل استثمار الأراضي واستصلاحها.الوضع في ريف دمشق -قرية الزريقية نموذجاً- يختلف كلياً عما جاء في نص القانون إذ إنه ومنذ أكثر من خمس سنوات قامت مديرية المصالح العقارية بريف دمشق بتكليف فرقة مساحية للتجميل وإزالة الشيوع إلا أن الفرقة المذكورة لم تراع الغاية..
هذا ما اتضح بعد اعلان المخططات الأولية بتاريخ 22/1/2008 وكانت المفاجأة بوجود مقاسم بكاملها لم تسطر (السكا -البركة) والتي تقدر قيمتها بعشرات الملايين.. حيث أبقتها اللجنة تحت تصرف شخص بعينه علماً أن جدول الملكية الصادر بتاريخ 28/6/2006 قد بين لكل مالك مساحة ملكيته.. ما يطرح تساؤلات فيها كثير من الشبهة والريبة..?!
المفاجأة الأخرى هي تبديل المواقع على غير ما تم رفعه من قبل الفرقة المساحية اثناء العمل على الواقع بحضور كافة الفلاحين إضافة إلى التلاعب في الأعماق على الطريق العام والطرق الرئيسية في كثير من المقاسم.. إذ تم تسطير بعض المقاسم على أعماق متباينة من حيث الطول على الطريق العام خدمة لبعض الأشخاص المقربين من الفرقة المساحية ومكتب التحسين العقاري والخبير..كإعطائه واجهة تساوي أضعاف واجهة الفلاحين الآخرين.. مع أخذ العلم أن الأرض كلما قصرت وزاد عرضها على الطريق العام زاد ثمنها والعكس صحيح وهذا مخالف تماماً لقانون التجميل وإزالة الشيوع..
حرارة الظلم..
لا أخفي تفاجئي عندما وصلنا إلى تلك البلدة الواقعة على أطراف ريف دمشق بتجمهر المواطنين.. رجالاً ونساء وأطفالاً.. خاصة أن الطقس كان بارداً جداً.. إلا أن حرارة الظلم.. والغبن الذي لحق بهم أنستهم برد الشتاء القارس..!!
تقدمت مني تلك المرأة العجوز التي تغطي وجهها بشال صوفي عساه يرد قليلاً عنها بعض لفحات الهواء البارد.. يا ولدي أنا أرملة.. فقيرة.. لا معيل لي..
أملك ثلاثة أسهم وبدلاً من أن يجمعوها لي في عقار واحد وزعوها على 19 مقسماً.. يرضيك ذلك.. وهل يرضي المسؤولين.. هل من المعقول أن أرضي بعد تجميلها يكون عرضها 35 سنتمراً وطولها 300م.. ماذا أستفيد منها..!!
تدخل المختار.. عفواً يا سيد, أرض قريتنا قسمناها ووزعناها بالتراضي منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. وبعد أن جاءت المساحة لتجميل أراضينا وإزالة الشيوع اتفقنا نحن الأهالي أن يبقى كل مواطن بأرضه بشرط أخذ الملكية بعين الاعتبار.. وقمنا بانتقاء خبير هو أكبرنا سناً.. إلا أن الذي حصل هو تسطير الأراضي وفرزها جاء خدمة لذلك الخبير وأولاده المقربين منه.. حتى إنني تعرضت للضرب والتهديد أكثر من مرة خاصة بعد أن اعترضت على أعمال الفرقة المساحية الظالمة للعدد الأكبر من المواطنين..!!
ودون سابق انذار قطع حديثنا العم خلف النادر.. أنا من أكبر ملاكي الزريقية.. إلا أن التوزيع جاء بشكل انتقامي.. تصور يا عم أن تكون حصة مواطن قطعة أرض عرضها 5سم بطول 500م.. خربوا بيوت الناس..
أما السيد نادر النادر فأكد أن اللعب الأكبر كان في انتقاء المواقع عبر تسجيل الأراضي المخدمة والجيدة موقعاً واستصلاحاً باسماء أولاد الخبير وبعض المقربين المدعو فيصل النادر ولم يتوان السيد محمد إبراهيم النادر عن اتهام الفرقة المساحية ومكتب التحسين العقاري بالتواطؤ مع الخبير, مشيراً إلى أن هناك موقعين هما(السكا- البركة) مساحتهما حوالى 200 دونم لم تسطر.. بل تركت خدمة لشخص الذي يضع يده عليها ويستثمرها..!!
وبالعودة إلى خلف النادر أكد أن الخبير وأولاده أخذوا الأراضي القريبة من المخطط التنظيمي ورموا بالمالكين الآخرين إلى الخارج.. مؤكداً أن الرشوة لعبت دوراً في ذلك متسائلاً.. كيف تمت زيادة عدد العقارات من /8/ إلى /19/ ومؤكداً بنفس الوقت أن هناك أراضي مستثمرة منذ عشرات السنين مزروعة بالزيتون ومستصلحة ومحفور فيها بئر ماء وفيها منازل سكنية.. يتفاجأ صاحبها بنقل ملكيتها إلى شخص آخر..?!!
المحامي صايل النادر.. أكد أن الملكية مرتبطة بالأرض.. الغالية على قلوب الفلاحين.. المفاجأة كانت هي عند صدور جدول المالكين زيادة عدد العقارات من الثمانية إلى العشرين عقاراً الأمر الذي شتت الملكيات وجزأها بشكل كبير.. الأمر الذي ألحق أضراراً كبيرة بغالبية الفلاحين.
الشيء الآخر أن التوزيع تم بغض النظر عن جودة الأرض وعمقها وعرضها.. وهنا للمصالح الشخصية دور كبير..
السيد رئيس البلدية أكد أن وجوده ليس مرتبطاً لكونه رئيس بلدية بل كمالك.. فهناك مقاسم لم تسطر ولم تمسح.. رفعت أراضي نزاع.. والنزاع ليس موجوداً بين المالكين..إضافة إلى الخبير وأولاده والمقربين منه أخذوا معظم الأراضي المطلة على المخطط التنظيمي. .
السيد تشرين النادر أكد أن موقع الأراضي تغير عند صدور المخططات خلافاً لما تم رفعه من قبل الفرقة المساحية وتسجيلها باسم آخر.. علماً أن الأراضي مزروعة ومشغولة وموقعها إلا أن الطمع والظلم.. لم يستثن أحداً من الفقراء لصالح بعض المتنفذين..!!
الواقع يؤكد
في جولة اطلاعية على الأراضي التي تم تجميلها وإزالة الشيوع عنها.. لاحظنا أنها بعيدة كل البعد عن اسمها.. ولاحظنا مدى الظلم الذي لحق بمعظم المواطنين نتيجة اتفاق بين مكتب التحسين العقاري والخبير والذي أكد معظم الأهالي أنه عندما جاء إلى القرية لوضع المخططات اختار مكان إقامته مع كمبيوتره المحمول عند مروان النادر ابن الخبير.. بدلاً من المدرسة أو البلدية.. وهنا يؤكد الفلاحون أن التلاعب حصل وتغيير المواقع تم..
قنوات قانونية..
السيد محمد درموش مدير المصالح العقارية أكد أنه لن يسمح بالظلم أن يقع على أحد.. مشيراً إلى أن هناك قنوات قانونية إذ شعر المواطنون بغبن وظلم.. فنحن عملنا هو ايصال الحقوق ورفع الحيف..!!
عمل دقيق وانتقام
عندما تكلمنا مع السيد محمد درموش مدير المصالح العقارية أبدى تعاوناً مشكوراً عليه ووجهنا بأن نقابل القاضي العقاري ورئيس مكتب التحسين العقاري والفرقة المساحية.
وفعلاً توجهنا إلى القاضي نعمة دحدل الذي أبدى تعاوناً وفهماً مميزين..مؤكداً أنه عندما استلم مهامه كانت أعمال المسح والتسيطر قد انتهت..حيث تغير أكثر من قاض إلا أنني ادركت عند استلام مهامي أن هناك اشكالات عديدة في تلك البلدة من خلال الاعتراضات المقدمة.
بعضها واضح العمل الانتقامي في آلية تسيطر الأرض ومسحها إلا أن القاضي دحدل عاد وأكد أن شكاوى المواطنين من الخبير أثارت تساؤلات كثيرة.. وأشار إلى أن المواطنين كان يجب عليهم المطالبة بتغييره.. إلا أنه استدرك ربما الجهل وعدم العلم بالقانون هو الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد..
وعند سؤالنا عن تغيير بعض المواقع وتسطير الأراضي بشكل عشوائي عكس ما ترمي إليه عملية التجميل و إزالة الشيوع وكذلك عدم تسطير بعض الأراضي..
قال نعمة: نحن فتحنا باب الاعتراض واعلنا عن استقبال الاعتراضات.. وبعد انتهاء الاعلان سننظر بكافة كتب التظلم وأؤكد لك بأنني لن أسمح بأن يقع الظلم على أحد مهما كان السبب أما بالنسبة للموقعين ( السكاو البركة ) اللذين لم يسطرا من قبل الفرقة المساحية أكد نعمة أنه إذا جاءني المواطنون بكروكي وموافقات الأهالي فإن تسطيرهما ومسحهما يتم فوراً.
ولم ينس السيد القاضي بأنه اتصل مع السيد يوسف بربور في مكتب التحسين العقاري وبالسيد محمود الخطيب رئيس فرقة المساحة طالباً منهما المساعدة والتعاون معنا.. وفعلاً كان لقاؤنا معهما سريعاً.
وسؤالي الأول كان لماذا لم يتم تسطير عقاري السكاو البركة.. فأكدا أن هناك عملية وضع يد من قبل محمد جاسم النادر وهناك تنازل من قبل الأهالي له على أن يعطيهم في مكان آخر.
السؤال الثاني كان لماذا تم تغيير بعض المواقع على المخططات النهائية بعدما كانت الفرقة المساحية سجلتها بأسماء مالكيها.
هنا نفى الاثنان وفتحا الدفاتر وتبين فعلاً أن العمل مطابق.. إلا أنني لم أدرك أن المخطط الذي فتحوه أمامي غير معتمد !!
وعندما عدت إلى المكتب وفتحت المخطط الذي بحوزتي لاحظت أن العقارين الواقعين في منطقة وعر السمسم والذي أكد لي السيد بربور أنه لم يتم تغيير واقعهما.. والعائدين للأخوين تشرين ونيسان النادر قد تم تغيير مواقعهما والسيد بربور بنفسه أكد أن العقارين رقمهما 652 - 653 وهما مطابقان بين دفتر المساحة والتحسين العقاري إلا أن المخطط كذب الغطاس وتبين تغيير المواقع فسجل العقار 653 باسم محمد جاسم النادر وتحولت ملكية تشرين النادر إلى العقار 638!!
حينها اتصلت بالسيد يوسف بربور متسائلاً عن سبب ذلك ولماذا أخفى الحقيقة.. ولماذا عرض عليّ أموراً مضللة بالتعاون مع السيد محمود الخطيب .. فكان جوابه.. سقط سهواً.