تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العامل الديني في الانتخابات الأميركية

جون افريك
ترجمة
الأربعاء 6/2/2008
ترجمة: دلال ابراهيم

يرتبط اختيار المرشحين للرئاسة الأميركية دوماً بالإرث التاريخي للبلاد,مثل قضية الزنوج, وبالتعارض مع ذلك, يرتبط أيضاً بالقيم الأخلاقية,

التي تحدد (الكتلة) الانتخابية الثابتة نسبياً. والسؤال, ما دور العامل الديني في الانتخابات الرئاسية الحالية? في هذا السياق, صدر كتابان حديثان يغوران في عمق العلاقة الوثيقة القائمة بين الدين والسياسة, المبنية على أساسها الهوية القومية الأميركية منذ ثلاثة عقود. الكتاب الأول بعنوان- الدين في أميركا- للباحث الفرنسي دينس لاكورن, والثاني بعنوان- الولايات المتحدة- أمة منقسمة- للباحث السياسي الكندي هانز جورج بتز.‏

والقاعدة الأولى التي انطلق منها المؤلف لا كورن في كتابه هي نتائج استطلاع للرأي أجرته محطة سي. بي. اس نيوز في نيسان من عام 2005 يدور حول (مدى وأهمية التدين والإيمان) وجاءت نتائجه كالتالي:‏

-بلغت نسبة الشبان الأميركيين الذين أعربوا عن إيمانهم بالله 82%.‏

-والذين أعربوا عن اعتقادهم بوجود قدرة عظمى 9 %.‏

- أما الذين أعربوا عن عدم اعتقادهم لا بهذا ولا بذاك 8% . علماً أن هذا التدين ترافق مع رفض للنظرية الداروينية. إذ وحسب استطلاع آخر للرأي أجرته نفس المحطة في آذار عام 2005 حول مسألة التفسير الأكثر قبولاً للعقل حول أصل الحياة البشرية على الأرض, أهي نظرية الارتقاء والتطور أم الرواية التوراتية عن الخلق? وكانت النتيجة تأييد 57% من الأشخاص الذين طرح عليهم السؤال الرواية التوراتية بينما 33% رجحوا نظرية الارتقاء. (10% ليس لديهم أدنى فكرة عن ذلك).‏

وتقاطعت تلك الأجوبة مع استطلاع أجرته مؤسسة غالوب لمصلحة يو.إس.إس توداي ومحطة سي. إن. إن في أيلول من عام 2005 أظهر أن 66% من البروتستانت في أميركا يؤمنون أن الله خلق الكائنات البشرية بشكلها الحالي تماماً كما جاء في كتاب التوراة.‏

ويصعب جداً إجراء تقسيمات دقيقة بين مختلف الكنائس والاعتقادات الدينية. ولكن الظاهرة الأساسية هنا هي الأهمية التي تولى للإنجيليين, أي الكنيسة الإنجيلية, ويعود تاريخ أولئك إلى ثورة مارتن لوثركينغ عام 1734 أو ما يدعوه (الصحوة الكبرى).‏

تلك التي ترسخت وتأصلت في المشهد الأميركي بدءاً من منتصف القرن التاسع عشر. وأصبحوا الأكثر شيوعاً, والغالبية العظمى من السكان. والقاسم المشترك لجميع الإنجيليين هو اعتقادهم بالحقيقة الحرفية لما جاء في التوراة والقدرة المخلصة للسيد المسيح (إنهم مسيحيون اختبروا الولادة الثانية) إثر لقاء شخصي لهم مع المسيح. ويطلق عليهم اسم (المسيحيون المتجددون) ويمثل البيض ثلاثة أرباعهم, بينما نسبة الأفروأميركيين فهي 15% والهسبانيك 5%. وفي استطلاع للرأي أجرته محطة فوكس نيوز في تشرين الثاني ,2005 أظهر أن 15% من الأشخاص المستطلعين يعتقدون بضرورة استبعاد الدين عن الحياة السياسية, بينما أعرب 91% من الإنجيليين عن قناعتهم المناقضة لذلك, كما جاء في كتاب بتز.‏

وأشهر أولئك المسيحيين المتجددين هو الرئيس جورج دبليوبوش وقبله ربما الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر, الذي كان يصلي 25 مرة في اليوم, ويعطي دروساً في التثقيف الديني. ويذكر لاكورن أن فوز كارتر السهل عام 1976 كشف ضرورة وأهمية استمالة الناخب الإنجيلي الأبيض, والمعمداني والمحافظ من أجل الوصول إلى أعلى السلطات في الولاية, وهو درس لم ينسه خصومه الجمهوريون.‏

وفي عام 2000 مكن خبراء استراتيجية الانتخابات في الحزب الجمهوري للرئيس جورج بوش الحصول على 76% من أصوات الإنجيليين البيض, مقابل 24% للرئيس آل غور. وبعد أربع سنوات, وخلال الانتخابات الثانية, وصلت نسبة الأصوات من أولئك لمصلحة بوش إلى 77,5 % مقابل 22,5 لمصلحة الديمقراطي جون كيري.‏

وذكر لاكورن أن الحزب الجمهوري استخدم (نشر قيم بعض الظلامية الذين لا يحبذون نشر المعرفة) والخلط بين الأغراض الدينية واعتبارات سياسية بغية جذب الناخب من المسيحيين المتجددين. وبفضل (تسييس منهجي لمشكلات المجتمع, مثل قضية الإجهاض, ومثليي الجنس, الصلاة في المدارس, التمويل العام للمدارس الدينية ومنع التمييز في المدارس تخلى الإنجيلي اليميني عن جذوره الديمقراطية القديمة.‏

وهذا التحول حصل منذ العام ,1964 ففي ذلك العام لم يحصل المرشح الجمهوري بيري غولدواتر سوى على 38,5% من الأصوات (مقابل 61,1% لمصلحة ليندون جونسون) رغم أن غولدواتر انتصر عليه في خمس ولايات جنوبية بأكثرية بلغت 55%. ويعود السبب في ذلك إلى التوقيع عام 1964 على قانون يتناول الحقوق المدنية, والذي إلى جانب حظر التمييز العنصري في جميع أماكن العمل والأماكن العامة, فإنه يحرم الأموال الفيدرالية للمستشفيات والمدارس والجامعات التي تمارس التمييز على أساس العرق. وعلق التكساني ليندون جونسون حينها بالقول (أعتقد أننا سلمنا الجنوب إلى الحزب الجمهوري) والواقع أنه وبعد ثلاثين عاماً من هيمنة الديمقراطيين على الجنوب, اخترقها لفترة بسيطة الرئيس ايزنهاور, سيطر الجمهوريون.ما عدا جيمي كارتر وبيل كلينتون المعروف باعتداله.‏

ويعود تاريخ ترسيخ دعم اليمين الإنجيلي للحزب الجمهوري إلى عهد رونالد ريغن, الذي حصل عام 1980 على 60% من أصوات الإنجيليين البيض و80% بعد أربع سنوات ومعروف عنه أن مسافة طويلة تفصله عن الدين, ولم يكن مكترثاً به في حياته الشخصية. ولكنه استفاد من الدعم الحاسم (الغالبية الأخلاقية) للداعية المتطرف جيري فالويل. وفرس سباقه كان: مناهضة الإجهاض (المشرع من قبل المحكمة العليا عام 1973 وإعادة الصلاة إلى المدارس, وكذلك نقض الممارسات (العلمانية) للنخبة الليبرالية. وفي عام 1989 أمسك القبضة بقوة التحالف المسيحي للقس بات روبرتسون. ومنذ ذلك التاريخ والحزب الجمهوري يمتلك لدى تلك الشريحة من الرأي العام قاعدة مضمونة. ورغم هزيمته عام ,1992 نجح الرئيس جورج بوش الأب في الحفاظ على الغالبية العظمى في سبع جمهوريات جنوبية.‏

وبالمقابل, لم يصمد أمام شعار بيل كلينتون (إنه الاقتصاد, أيها الأبله) أولئك الذين أحاطوا بعدل وإنصاف الاهتمامات الأساسية للأميركيين عشية الانتخابات قبل خمسة عشر عاماً. وطرح الإثنين الأسود في 21/كانون الثاني المنصرم, وكذلك المخاوف من الانكماش الاقتصادي عودة الاعتبارات الاقتصادية لقلب الحملات الانتخابية. وهذه المرة, ليس أكيداً أن يجد الإنجيليون مكاناً لاستعراضهم هنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية