على تقريرها الأولي حول إخفاقات الحرب على لبنان 2006 فكان العنوان الأبرز في هذا التقرير هو أن حرب تموز شكلت إخفاقاً كبيراً وخطيراً وكأن زلزالاً ضرب ( اسرائيل ) سيكون له تداعياته في الكيان الصهيوني لفترات ليست قليلة.فعلى المستوى اللبناني جاء التقرير رداً واضحاً على كل الذين راهنوا على انتصار المقاومة في لبنان وخصوصاً قوى السلطة التي لم تعترف إلى الآن بانتصار المقاومة رغم اعتراف العدو الإسرائيلي بهزيمته وتقرير فينوغراد بهذا الانتصار التاريخي. الثورة في بيروت التقت عدداً من الباحثين وسجلت لهم هذه المواقف والآراء:
رئيس الوزراء الأسبق الدكتور سليم الحص
لقد أكد تقرير فينوغراد أن الحرب الإسرائيلية على لبنان كانت مدّبرة ومعدّة مسبقاً وأن المقاومة ألحقت هزيمة قوية بجيش الاحتلال ولكن اللافت في هذا التقرير أنه لم يلق الصدى الذي كان متوقعاً بين المسؤولين العرب حيث لم نسمع منهم أي تعليق أو تقدير لما كان لتلك الحرب من أثر على ميزان القوى بين العدو الصهيوني والعرب, لقد أثبتت هذه الحرب أن (اسرائيل ) رغم ماتمتلكه من تكنولوجيا متميزة حازت عليها من أكبر دولة ( أميركا ) فإنها عجزت ولم تستطع مواجهة المقاومة سواء في لبنان أو فلسطين ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نتوجه إلى العرب جميعاً لكي يعمدوا إلى تنمية وترسيخ حركة المقاومة العربية وثقافتها لمواجهة العدوان الصهيوني.
الخبير بالشؤون الاستراتيجية الدكتور أمين حطيط
إن تقرير فينوغراد شهد بشكل قاطع وبعيداً عن أي شك بأن (اسرائيل ) بادرت إلى حرب وحددت أهدافها فواجهتها المقاومة ومنعتها من تحقيق هذه الأهداف وفي المنطق العسكري هو هزيمة للمهاجم الذي عجز عن الوصول إلى أهدافه ونصر للمدافع الذي كسر إرادة العدو في منعه من تحقيق أهدافه وبما أن الذي انتصر المقاومة فهذا يؤكد أن نهج المقاومة في هذا السياق هو النهج الوحيد والجوهري الذي يجب أن نتمسك به ونفعله على كافة الأصعدة, مقاومة عسكرية وفكرية واجتماعية لمواجهة عدو غاصب للأرض والحقوق.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية حلمي موسى
أعتقد أن تقرير فينوغراد هو بمثابة لائحة اتهام قوية للمجتمع الإسرائيلي ومؤسستيه العسكرية والسياسية حيث كشف هذا التقرير أن الجيش الإسرائيلي خلافاً للصورة التي كانت توصّفه بأنه جيش لايقهر إلا أنه كان جيشاً غير مستعد كما يتطلب ولم يستطع تأمين الحماية للمدنيين الإسرائيليين داخل الأرض المحتلة وإخفاقه في تطبيق نظرية الأمن الإسرائيلي في نقل الحرب إلى خارج حدوده والأهم من ذلك لقد اعتبر التقرير أنه داس على القيم العامة للجيش في تخطيطه وأدائه وكان يتصرف كجيش خائف مذعور بسبب الخشية من وقوع إصابات في صفوفه.
وباعتقادي إن جملة من الحقائق خلقت في هذا التقرير نوعاً من الاتهام الواسع للمؤسسة العسكرية وبالتالي فإن القيادة السياسية بضعفها أسهمت إسهاماً كبيراً في ظهور هذا التقصير والإخفاق.
الباحث في الشؤون الفلسطينية صقر أبو فخر
من الممكن وصف تقرير فينوغراد بأنه هزة أرضية في اسرائيل لكنها هزة متوسطة القوة وارتداداتها ستكون قليلة الفاعلية أما الهزة فلأن التقرير اعترف بصراحة بفشل حرب تموز 2006 فشلاً مخزياً وأن رجال المقاومة في لبنان حققوا إنجازاً ميدانياً مشهوداً في المعارك وأن الحرب كلها كانت فاشلة ,ومن المؤكد هو أمر واحد أن الجيش الإسرائيلي ماعاد جيشاً يرهب العرب, بل صار جيشاً يخشى مواجهة المقاتلين العرب من طراز رجال المقاومة في لبنان.
رئيس التجمع الوطني لدعم المقاومة الدكتور يحيى غدار
لقد وجه تقرير فينوغراد صفعة كبيرة للمشككين في انتصار المقاومة في لبنان وانكسار المخطط الصهيوني وعجز اسرائيل وجيشها الذي بني على أساس أنه جيش لايقهر وبالتالي لقد أثبتت المقاومة وبإمكانياتها القليلة أنها تستطيع أن تكسب المعركة معركة التحرير التي سطرها دم الشهداء والجرحى في حرب تموز 2006 خرج خلالها جيش العدو مهزوماً مقهوراً يجر وراءه ذيول الخيبة والخذلان ولهؤلاء الذين طالبوا في لبنان بتنفيذ القرار 1559 الذي رأت فيه لجنة فينوغراد حاجة اسرائيلية وقد دخلت اسرائيل الحرب لتنفيذ هذا القرار كما القرار 1701 الذي وضعه بعض العرب وأمريكا وهو إنجاز إسرائيلي كما تقول اللجنة الإسرائيلية.
لذلك نقول لقد شكلت حرب تموز درساً لهؤلاء الذين يسعون وراء مخططات التسوية متناسين بأن السلام العادل والشامل لايمكن أن يتحقق إلا من خلال موقع القوة والممانعة لأمتنا العربية.
مسؤول الشؤون العبرية في قناة المنار ( حسن حجازي )
ما خلص إليه تقرير فينوغراد هو انكشاف اسرائيل أمام مخاطر غير معهودة ينبع جزء منها من تحطم منظومة القيم التي نشأت عليها المؤسسات السياسية والعسكرية فالمستوى السياسي يمارس نوعاً من المراهقة السياسية وتحكم توجهاته ألاعيب السياسة الضيقة دون الأخذ بالاعتبار المصالح العليا للدولة العبرية وإن كان التقرير حاول التعمية على هذه الحقيقة ماعرضه لانتقادات حادة أما المستوى العسكري فقد وسمه التقرير في مرحلتيه بالغرور وعدم أخذ العدو بجدية والاغترار بالقوة النارية ذات التكنولوجيا المتطورة دون أخذ قدرة الخصم على مواجهة ذلك بعين الاعتبار, لقد وضع التقرير مصير اسرائيل على المحك إذا لم يتم التنبه للمخاطر التي كشفت عنها الحرب والتي تجلت بالإخفاق الصارخ للمستويين السياسي والعسكري محذراً من عدم أخذ العبر وتشغيل الفكر الإبداعي لمواجهة المخاطر المحتملة ولعل أهم إشارات الإنذار شديد الخطورة التي أطلقها هي قول فينوغراد إن اسرائيل لم تستطع الانتصار على منظمة صغيرة شبه عسكرية واسرائيل هي الدولة الأقوى عسكرياً في الشرق الأوسط والأكثر تفوقاً على المستوى التكنولوجي.
أستاذ القانون الدولي بالجامعة اللبنانية ( الدكتور خليل حسين)
ثمة الكثير ممايقال في التقرير وأهدافه وخلفياته إلا أن أهم مافيه هو تداعياته المحتملة اسرائيلياً وإقليمياً فالائتلاف الحكومي القائم حالياً لن يستمر طويلاً بفعل الاتهامات المتبادلة والاستثمارات السياسية الواضحة في السلوك السياسي لرئيس الحكومة أولمرت في مواجهة غريمه باراك إلا أنه في مطلق الأحوال إن زلزالاً سياسياً ضرب اسرائيل وستظل ارتداداته تتلاحق في المؤسسات السياسية الفاعلة في الكيان الإسرائيلي لفترات ليست قليلة.
فالتقرير أسقط دون شك مقولة تحمل المقاومة مسؤولية الحرب عبر اختطاف الجنديين الإسرائيليين في تموز 2006 إذ أظهر التقرير أن ثمة حرباً خططت لها الولايات المتحدة واسرائيل ولم تكن عملية الاختطاف سوى ذريعة اسرائيلية لشن حرب عالمية على المقاومة في لبنان إضافة إلى ذلك فإن أخطر مافي التقرير ماتم عدم نشره بحجة المصلحة العليا لاسرائيل وهو مايتعلق ببعض الاتصالات من بعض الأطراف اللبنانية باسرائيل إبان العدوان وقبله لعدم إيقاف المعركة قبل القضاء على المقاومة.