تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


استراتيجيات أميركا.. هل تضاف إلى عجائب الدنيا السبع?

دراسات
الخميس 7/2/2008
محمود شيخ عيسى

ظلّ جدار برلين الذي قسّم ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية إلى دولتين, الجدار الأشهر في عصرنا الحديث ولم يدر في بال هذا الجدار أن جداراً آخر يمكن أن تنافسه شهرة, وفجأة ودون سابق إنذار لاح في الأفق جدار آخر عقد العزم على منافسة جدار برلين والفوز بقصب السبق, إنه جدار أكاذيب الرئيس الأمريكي جورج بوش.

جدار يمتد في الزمان والمكان, ويخضع لسلسلة غير متناهية من التعديلات والتغييرات ليظل بانيه حائزاً لقب باني الجدار الأكبر, ولانذهب بعيداً في المبالغة إذا قلنا إن الرئيس بوش يطمح ويطمع أن ينافس جداره حتى سور الصين العظيم لتصبح عجائب الدنيا ثماني أو تسع أو عشر عجائب, ومن يدري فقد يكون الرئيس الأمريكي اليوم يعيش بحالة تأنيب ضمير تتطور لتصبح حالة تعذيب للنفس, والسبب بسيط جداً وهو أنه لم يرشح جدار أكاذيبه ليضاف إلى عجائب الدنيا السبع, عندما فتحت ( اليونيسكو ) قبل فترة باب الترشيح, ودخلت المضمار أسماء جديدة مثل مدينة البتراء الأردنية!‏

لكن الفروق بين جدار برلين وجدار أكاذيب بوش كثيرة, ونورد فيما يلي بعضاً منها, لأن السياسة ستكتشف في القريب العاجل أو الآجل فروقاً أخرى, فلا بأس من الاكتفاء حالياً بهذا القدر منها.‏

- جدار برلين كان عاملاً من عوامل شدأواصر الصلات بين أبناء ألمانيا الواحدة في الشطرين الشرقي والغربي, وظلّ يذكر الشعب الألماني أن الجدار من صنع الدول التي هزمت ألمانيا في الحرب, ولابدّ من إزالته لتعود ألمانيا موحدة, وقد ظل الألمانيون يسعون وراء الوحدة حتى نالوا ما أرادوا وسقط الجدار بإرادتهم الصلبة أما جدار أكاذيب بوش فيشكل عامل تمزيق في الولايات المتحدة الأمريكية التي لايمكن أن تشكل أمة واحدة وهي المزيج العجيب من الأعراق والمذاهب والعادات وحتى اللغات واللهجات. والأمريكيون منقسمون انقساماً واضحاً بسبب الأكاذيب التي لفقها بوش حول العراق والخطر المزعوم الذي يشكله, وحول حجة بوش في مهاجمة الدول الآمنة باسم محاربة الإرهاب, ورغبته الجامحة في توجيه ضربة عسكرية لإيران الماضية في تطوير برنامجها النووي لأغراض سلمية بحتة غير مكترثة بتهديد بوش ووعيده.‏

- امتد جدار برلين مسافة كانت كافية لشطر المدينة إلى شطرين, ولم يعرف بعد الانتهاء من إقامته امتدادات أو توسعات جديدة, بينما يمضي جدار أكاذيب بوش في التوسع عرضاً وطولاً, وربما يكون الرئيس الأمريكي قد تأثر برغبة إدارته في توسيع حلف ( الناتو ) ليمتد باتجاه الشرق فرغب هو الآخر في امتداد أكاذيبه ليس باتجاه الشرق فحسب, بل باتجاه الشرق والغرب والشمال والجنوب ليغطي خطوط عرض الكرة الأرضية وخطوط طولها أيضاً.‏

- انهار جدار برلين بفعل التغيرات السياسية العاصفة التي اجتاحت العالم وكان من نتائجها تفكك الاتحاد السوفييتي السابق, وانطواء خيم المعكسر الاشتراكي في أوروبا الشرقية وتوحّد ألمانيا, في حين يبدو أن لدى بوش رغبة ملحة في استمرار بقاء جدار أكاذيبه ما دام الرئيس حياً وليس في سدة الرئاسة, لأن البيت الأبيض سيطلب منه إخلاء المكان في نهاية العام الجاري ,2008 ليأتي الساكن الجديد, والدليل على رغبة بوش في إطالة عمر الجدار إلى أجل غير مسمى أنه لم يتوقف عن تدعيمه وإضافة مواد بناء جديدة له حتى يومنا هذا.‏

- شاركت دول عدة في تشييد جدار برلين هي الدول المنتصرة على ألمانيا النازية, أي إن الجدار كان متعدد الجنسيات, أما جدار أكاذيب بوش فأمريكي خالص شارك في رفع دعائمه أركان إدارته الذين زينوا له فكرة غزو العراق من أمثال: نائب الرئيس ديك تشيني, وزير الخارجية السابق كولن باول, مستشارة الأمن القومي آنذك كونداليزا رايس, وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وغيرهم.‏

من كل ماتقدم يمكن طمأنة الرئيس بوش أن جدار أكاذيبه يملك المقومات والخصائص التي تجعله قادراً على اقتحام معترك المنافسة وإزاحة جدار برلين عن عرشه الذي جلس عليه فترة طويلة من الزمن.‏

ولئن كانت إحدى المؤسسات الأمريكية قد قامت بتصميم قاعدة بيانات شاملة عن تصريحات المسؤولين الرسميين في الولايات المتحدة الأمريكية قبل غزو العراق, وتبين لها أن أكاذيبهم وصلت إلى 935 تصريحاً كاذباً, فإن على المؤسسات الأخرى أن تستمر في رصد أكاذيب بوش التي لن تقف عند حد معين, وعليها أن تخضع قاعدة بياناتها للتحديث والتجديد من حين إلى آخر.‏

الأمريكيون كلهم باتوا على يقين أن رئيسهم كذاب بلا شك, وليس لديهم إلا سؤال واحد هو: متى ينهار جدار أكاذيبه? وننصحهم بعدم إرهاق أنفسهم بسؤال كهذا لأن رئىسهم ماض إلى مالا نهاية في الكذب والتضليل وخداع مواطنيه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية