فالسعي الاميركي إلى أحكام السيطرة على بلدان العالم، عبر جملة مخالفات سياسية وعسكرية صريحة تنتهجها تهدف بطريقة مباشرة او غير مباشرة للسيطرة على الدول ومقدراتها واستهداف الرافضين لهيمنتها وتسلطها ممن يقفون ضد سياساتها الشيطانية في العالم، وهي بذلك تمس بسيادة الدول، وتنتهك القوانين الدولية المتفق عليها.
فأميركا لطالما ربطت حروبها العسكرية بمجموعة من الأهداف السياسية لضمان حماية مصالحها الحيوية، والتي كان أبرزها العمل على كذبة «زرع الديمقراطية» حول العالم، وبالتالي انتاج صيغ جديدة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول بشكل سافر كمقدمة لتطبيق تلك الاجندات الخبيثة، والعمل على تعويم ارهابها الدولي.
ومن هنا فإن سياستها عبر التاريخ كانت ولا تزال تأتي من قلب كل الموازين لترجيح كفتها وتثبيت رؤيتها وفرضها على الحكومات المعارضة لها في الخارج.. فمن فنزويلا وبوليفيا وسورية والعراق وافغانستان.. وغيرهم الكثير يظهر الهوس الارهابي الاميركي عبر محاولات التدخل في تلك الدول ودعم حركات التمرد تماماً كدعمها للتنظيمات الارهابية في دول أخرى.
العلاقات المتوترة تاريخيا بين أميركا وفنزويلا، تظهر صورة التدخل الاميركي بأبشع حلله بعد أن استكملت سياستها العدوانية والتحريضية ضد الشعب الفنزويلي والرئيس الشرعي لفنزويلا نيكولاس مادورو، لترفع رصيدها في هذا الاطار نحو أعلى قمة الوقاحة، وتتقاطع بذلك مع جديدها عبر دعم حركات التمرد في بوليفيا ليصبح الامر ضمن تصنيفات متقدمة من ارهاب الدولة.
تلك الحالات ليست استثنائية فهي غيض من فيض الاعمال التدخلية الاميركية في الشأن الداخلي للدول، فلطالما حرضت واشنطن ضد الحكومات الشرعية في عدد من البلدان ودعمت الانقلابات العسكرية وسهلت دخول اشكال الفوضى اليها، إضافة الى محاولات فرض مزيد من العزلة الاقتصادية عليها، عبر العقوبات الاقتصادية وغيرها، وما اشاعته واشنطن بشان غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي في فنزويلا على سبيل المثال، يقدم تسهيلات إضافية للفوضى.
وضمن اجراءات الارهاب الاميركي بحق الشعوب، تشكل العقوبات والممارسات الأميركية السبب الرئيسي في الأزمة التي تشهدها فنزويلا الى الوقت الراهن، والتي أدت إلى ارتفاع نسب التضخم، ونقص المواد الغذائية، وهجرة العديد من المواطنين.
كما أن النفط أصبح يمثل متغيرا مهما في معادلة العلاقات الاميركية-الفنزويلية ومع تفاقم المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في فنزويلا وتفجر الازمات السياسية المتتابعة داخلها بسبب المعوقات الاميركية والاطماع.
وفي بوليفيا يتماثل المشهد بعد ان دعم التمرد ضد الشرعية.. فموراليس الذي كان على رأس المناهضين لسياسات اميركا الاستبدادية، وكان حجر عثرة في وجه كل أهوائها الخبيثة على صعيد الداخل البوليفي حتى على مستوى القارة كلها، حتى أنها كان مناصراً للقضايا العربية المناهضة لإسرائيل وواشنطن، وقد أطلق على أميركا «الشيطان»، لم يرق لها كل ذلك حتى حركت عملاءها لإثارة الاضطرابات والفوضى بعد ان روجت لمزاعم بشأن تزوير الانتخابات.
وهناك عشرات الامثلة ايضاً عن ارهاب اميركا بحق الدول ولا سيما في دول مختلفة بالقارة اللاتينية، فبعد التورط في دعم الانقلاب العسكري في الأرجنتين عام 1976، كشف النقاب عن دور الولايات المتحدة الأميركية، في دعم عزل رئيسة البرازيل ديلما روسيف، لتتضح حقيقة تدخل الولايات المتحدة في شؤون القارة الجارة الجنوبية، وهذا التدخل بدأ إبان فترة الحرب الباردة، ويستمر في موجة جديدة من الانقلابات المدبرة داخل القارة اللاتينية، عبر انتهاز الأزمة المالية التي ضربت دولًا بأميركا الجنوبية.
عملت الولايات المتحدة الاميركية عام 1963 على الإطاحة بخواو غولارت، الرئيس البرازيلي آنذاك، والعضو في «حزب العمال» البرازيلي، واعترفت وكالة الاستخبارات الأميركية، بأنها مولت التظاهرات في شوارع البرازيل ضد الحكومة، وأنها قدمت الوقود والأسلحة للجيش البرازيلي، وبعدها لأن الولايات المتحدة غير راضية عن فنزويلا، ورئيسها اليساري الحالي نيكولاس مادورو، فقد أعلن الأخير في شباط الماضي، عن محاولة انقلابية داخلية بدعم اميركي، ويعد هذا الانقلاب الثاني من نوعه بعد محاولات تفعيل الانقلابات على سلفه الزعيم هوغو تشافيز.