تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وعـــاد الــدفء

مجتمع
الاثنين 16-2-2015
أيدا المولي

منذ حين كانت الأسرة تشكو من انشغال أبنائها بالأجهزة الحديثة من المحمول إلى الثابت، من الفيس بوك إلى الواتس آب إلى مايمكن أن يستحدث ريثما تنشر المادة، وقبل ذلك كانت تشكو من رغبة الأولاد في اقتناء تلفزيون خاص بهم لأنهم ملوا نشرات الأخبار والأفلام الوثائقية.

شكوى الأسرة لاينتهي ..‏

كانت الأسرة تشكو من وجود كل ولد في غرفة أو مناصفة مع أخيه أو أخته، في عالم خاص بهما لا يكاد أحدهما يتحدث الى الآخر ونادرا مع أبويه وإذا أجاب فإنه يبدو شارد الذهن يفكر في أشياء ويرد بأخرى مطبقا مقولة: تسأله من الغرب فيرد عليك من الشرق.‏

أما الدراسة فحدث ولا حرج حيث يكتشف الأهل أن الموبايل تحت الورقة التي يعتقد أنه يقرؤها فإذا بها تشف صفحة الواتس-خاصته- ويتراسل مع أحد الأصدقاء أوالصديقات.‏

تعبت الأسرة من كثرة التنبيهات وتوجيه الملاحظات التي صارت تعطي مفعولا رجعيا، وصار الأبناء يخطفون الوقت ويسرقونه من ذويهم كي يعيدوا ضم أجهزتهم إلى أياديهم وكأنها الرؤوم التي أحبوها منذ نعومة أظفارهم.‏

اليوم لم تمل الأسرة من التنبيه والتوجيه لكنها لم تنتبه إلى أن الأولاد أجبروا في كثير من البيوت إلى الجلوس في غرفة واحدة وتناول الطعام في غرفة واحدة ويمكن أن يكون النوم في غرفة واحدة أيضا لأن ما اختلف منذ أكثر من ثلاث سنوات ليس اختلافا طبيعيا تشهده الأسرة السورية، فلم تعد تستطيع تشغيل المدافئ في ثلاث غرف أو حتى غرفتين، لم تعد الأسرة تستطيع إضاءة كل البيت، بل اختارت أصغر غرفة في المنزل لتكون أقل استهلاكا للمحروقات لأنها تشع الدفء في وقت أقصر مما لوكانت الغرفة كبيرة إضافة إلى أن وجود الأسرة بكاملها في غرفة واحدة يمنح الأجواء دفئا آخر بالنسبة للأب والأم، الأمر الذي لم يفضله الأولاد، لكن الظروف أجبرتهم على التأقلم مع البيئة والانصياع إلى مايريده الوالدان.‏

لكن هل تغير منحى الأولاد في انشغالهم بحداثة التقنيات ؟؟‏

لايتعلق حب البعض بممارسة اللعب على الجوال أو استخدامه للتواصل الاجتماعي بعمر معين لذا فإن أي ضغط يمارس على الأولاد بشأن منعهم من أجهزتهم سيفشل، والحل ؟؟؟ لايوجد. لا بالحرمان منه ولا بترك كامل الحرية لديه ولا حتى بوجود الأسرة كاملة في غرفة واحدة لذا يفضل الاختصاصيون الاجتماعيون عدم تعنيف الأولاد لتعلقهم بالتقنيات الحديثة والاكتفاء بتحصينهم أخلاقيا وتوضيح الجوانب السلبية من استخدام مواقع النت المختلفة ومحاولة مشاركتهم ألعابهم والتعرف على أصدقائهم.‏

حتى يسود الدفء مرة أخرى في أجواء بيوتنا ليكون دفئا لايقتصر على الحد من استهلاك الوقود وإجبار الأبناء على الجلوس في غرفة واحدة بل الجلوس جميعا في قلوب تحب وتشتاق للحديث وتبادل الضحكات وتمتلئ تلك الغرفة الصغيرة بالقهقهات ورائحة القهوة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية