من حيث وضع الشروط التي عليهم الالتزام بها إن رغبوا في التوصل إلى اتفاق معها, فقد سبق لها أن اتبعت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أسلوباً يعتمد على أن التوصل إلى اتفاق يتطلب بالضرورة التخلي عن حق العودة للفلسطينيين, وعن جزء من الضفة الغربية وعن القدس, وفي حال استجابته لتلك المتطلبات فإنها ستعمل على توقيع اتفاق معه, أما بالنسبة لإيهود باراك فإن كانت لديه الرغبة بالبقاء وزيراً للدفاع فعليه أن يشيد بما اسفرت عنه نتائج انتخابات كاديما, وعندها سيحصل على مايبتغيه وسيعهد إليه بهذه الوزارة.
لاريب أن البرامج التي يتقدم بها المرشحون هي مجرد برامج نظرية, بينما تبقى الاهتمامات والتحديات الفعلية على حالها, وقد تسير في مسار آخر, وبذلك فإن كل ما نجم عن هذا الانتخاب يقتصر على أن آلاف الأعضاء من حزب كاديما استبدلوا رئيساً لهم لحقت به تهم الفساد برئيسة ينظر إليها باعتبارها نظيفة اليد.
يرغب بعض أعضاء الكنيست بجعل مدة الحكومة الانتقالية قصيرة إلى حد ما لعله يتسنى لهم فرصة العودة لإدارة شؤون البلاد بعد أمد قصير, لكنهم لايعلنون رغباتهم تلك, وينطبق هذا الواقع على المشاركين في الائتلاف بأجمعهم, إذ لو أن ليفني كانت رئيسة لحزب العمل أوشاس فإنها لن تعرب فوراً عن تأييدها لانتخاب رئيس الحزب المنافس وتقبل بإزالة كلمة )نائب( الواردة قبل )رئيس مجلس الوزراء( دون اعتراض من احد وقبل البحث في توزيع الحقائب الوزارية أو مناقشة المبادىء, حتى لو بشكل شكلي, لكن يبدو أن لدى ليفني الثقة بأنها على حق بما تفعله, وليس ثمة ضرورة للأخذ بوجهات نظر الآخرين مكتفية بالتركيز على هدف واحد هو التوصل إلى اتفاق سياسي دون أن تأخذ باعتبارها متطلبات واهتمامات شركائها في الائتلاف.
يعتبر القانونيون أن استقالة رئيس الحكومة من رئاسة حزبه بمثابة استقالة من الحكومة, لأن القانون يفرض على رئيس الدولة إجراء مشاورات مع كافة أحزاب الكنيست قبل إصدار قرار التكليف بتشكيل الحكومة, وأعطى القانون مدة 42 يوماً للمكلف بغية إجراء الاتصال والتفاوض مع الشركاء, لكن في حالة تعذر حصوله على أصوات أغلبية أعضاء الكنيست فإن كاديما في هذه الحالة ستذهب إلى انتخابات أخرى للكنيست يكون خلالها إيهود أولمرت رئيساً للحكومة بينما سيقتصر دور ليفني على البقاء في وزارة الخارجية.
إن هذا السيناريو يقض مضاجع كاديما, بينما يعتبر حلماً لحزب العمل, الذي يخشى من استمرار التأييد الذي لقيته ليفني, ذلك التأييد الذي مكنها من التوصل إلى استلام قيادة حزب كاديما, كما يتهيّب باراك أن تزداد ثقة غالبية الشعب بها وخاصة في صفوف الوسط واليسار المعتدل.
من الأمور المستبعدة قيام شراكة بين حزب العمل واللكيود الذي يتزعمه نتنياهو وحزب )إسرائيل بيتنا( الذي يتزعمه افغيدور ليبرمان.
مايجدر بالإشارة أنه من حق الشريك الأكبر في الائتلاف وضع الشروط المناسبة التي تتيح استمرار الائتلاف, وعليه بذات الوقت أن ينظر في طلبات شركائه, حيث نجد أن حزب العمل مثلاً يطلب استبدال وزيرالعدل دانيال فريدمان بوزير آخر يكون على علاقة أفضل مع المحكمة العليا, كما يطالب بوضع حد ونهاية للفوضى القائمة في الهيكل القضائي.
إن الائتلاف المزمع تشكيله حتى لو ضم جهات الائتلاف السابق (مع تغيرفي شخص الرئيس) يتعين عليه تحديد الانحرافات الحاصلة والسعي لتلافي الخلل.
لو لم يكن إيهود باراك مسؤولاً عن السلطة في الأراضي لكان لزاماً عليه مطالبة ليفني بالعمل على تفكيك نقاط التفتيش العسكرية ووقف توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
ليس هناك من تشريع يلزم الشركاء في الحكم باستمرار الائتلاف على المدى الطويل, الأمر الذي يثير التساؤل حول ماهية الاجراءات التي ينبغي تطبيقها على الجانب الذي ينكث بالالتزام, أم هل يتعين على جهات الائتلاف الاكتفاء بدعم اتفاق قد يبرم لتحقيق السلام أو تنفيذ سياسة اقتصادية معينة فقط لأنهم التزموا بالتوقيع على اتفاقية سياسية?.
وإزاء هذا الواقع فإن أي اتفاق لن يكتب له النجاح إلا إذا كسب رضا وتأييد كافة الجهات المشاركة بالائتلاف.