السيد ميغيل ديسكوتو بروكمان رئيس الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة..
اهنئكم وبلدكم الصديق نيكاراغوا على انتخابكم رئيسا لهذه الدورة راجيا لكم النجاح والتوفيق في مهمتكم واعبر عن ارتياحنا لمضمون بيانكم الاستهلالي في بداية اعمال هذا النقاش العام واتوجه بالتقدير لسلفكم الدكتور سيرجان كريم على جهوده الطيبة لانجاح اعمال الدورة السابقة كما اعرب للسيد بان كي مون الامين العام للامم المتحدة عن خالص تمنياتي له بالتوفيق في عمله من اجل تحقيق مقاصد واهداف ميثاق منظمتنا الدولية.
سورية جزء أساسي من الحلول
وقال الوزير المعلم مازالت منطقة الشرق الاوسط من اكثر مناطق العالم توترا ومازالت التحديات فيها تكثر وتتفاقم الا ان التحديات مهما كثرت ينبغي الا تحول بيننا وبين السعي لفتح باب الامل في الانتقال الى حال افضل.
ان سورية بحكم موقعها الجغرافي وبحكم تطلعات شعبها هي جزء أساسي من الحلول التي تتطلع اليها شعوب المنطقة انطلاقا من هذا بادر السيد الرئيس بشار الأسد الى الدعوة لعقد قمة رباعية في دمشق شارك فيها كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وامير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان. ان هذه الدول معنية جميعاً باستقرار منطقة الشرق الاوسط وسلامها ولكل منها اسهاماتها البناءة في هذا المجال على اختلاف الظروف والمواقع. من هنا بحث القادة الاربعة موضوع الاستقرار والسلام في الشرق الاوسط واكدوا ضرورة التشاور والتنسيق والسعي المشترك في هذا السبيل اخذين بالاعتبار ان مرور الوقت واستمرار المعاناة الناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية منذ عام 1967 وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني يضع المنطقة في حال من اليأس يدخلها في نفق فقدان امكان صنع سلام عادل وشامل ويجعلها تجنح نحو الغضب والتفجر. هذا وضع لا يخدم في النهاية مصلحة احد في المنطقة والعالم.
السلام خيار استراتيجي
واضاف الوزير المعلم لقد اكدت الجمهورية العربية السورية بدعوتها لهذه القمة الرباعية ان السلام العادل والشامل هو خيارها الاستراتيجي وانها تسعى من اجله مع شركاء اقليميين ودوليين يتشاطرون الرؤية نفسها الا ان تحقيق السلام يتطلب توفر الارادة الحقيقية لصنعه لدى جميع المعنيين مباشرة او من خلال واقع النفوذ والتأثير بعد سنوات من غياب ارادة صنع السلام عن اولويات سياسات مؤثرة في اوضاع المنطقة. قالوا.. فلنذهب الى مؤتمر انابوليس وذهبنا جميعا رغم كل الغموض الذي اكتنف التحرك بمجمله.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ماذا اثمر انابوليس? واين نحن منه الآن?
هل تحققت وعود انابوليس باقامة الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام الحالي? هل اوقفت اسرائيل بناء مستوطناتها في الاراضي العربية المحتلة?
الانسحاب من الجولان أولوية
ومضى الوزير المعلم يقول رغم ذلك كله ولان انسحاب اسرائيل من جولاننا المحتل الى خط الرابع من حزيران 1967 وصنع السلام هو اولوية وطنية سورية فقد دخلنا في محادثات غير مباشرة مع اسرائيل بوساطة تركية مشكورة اردنا ان تصل بنا كما قال السيد الرئيس بشار الأسد الى القاعدة التي تسمح ببدء المفاوضات المباشرة برعاية تشمل اطرافا دولية عدة الا ان الامر يحتاج الى ارادة اسرائيلية حقيقية لتلبية متطلبات السلام من اجل صنعه ويحتاج الى ارادة امريكية تضع سلام الشرق الاوسط في اولوياتها متجاوزة التجاهل والتغييب الذي استمر سنوات وادى الى تفاقم الاوضاع في المنطقة.
للشعب الفلسطيني الحق في استعادة حقوقه
واكد وزير الخارجية ان سورية تؤكد من جديد دعمها الثابت والمستمر لحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة ارضه المحتلة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وتشدد سورية على ضرورة استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر الحوار الوطني وتسعى بصفتها رئيسا للقمة العربية لتحقيق ذلك.
ندعم وحدة العراق
وتابع الوزير المعلم.. نحن في سورية معنيون بالشأن العراقي لان العراق بلد عربي شقيق ولاننا دولة جوار نتأثر بكل ما يمر به العراق سلبا او ايجابا لقد اكدنا دائما ضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً وعدم التدخل في شؤونه الداخلية واكدنا ضمان سيادته واستقلاله وهويته العربية الاسلامية ورفض كل الدعوات لتقسيمه وقد اعلنا تكرارا ان الحل في العراق يبدأ بالمصالحة الوطنية القائمة على مبدأ احترام ارادة كافة مكونات الشعب العراقي.
كما اكدنا ضرورة انسحاب القوات الاجنبية بالاتفاق مع الحكومة العراقية وقد أدنا دائما ومازلنا جميع الاعمال الارهابية التي تقع في العراق ويذهب الابرياء ضحية لها. ونعتقد ان الوصول الى مرحلة الاستقرار التي ينشدها العراق مازالت تواجهها عقبات تحتاج الى توافق عراقي حولها.
واعرب الوزير المعلم عن الاسف من ان الاوضاع الاستثنائية التي عاشها العراق جراء الغزو الاميركي عام 2003 ادت باعداد غفيرة من ابنائه الى مغادرة بلدهم بحثا عن الامن والسلامة وسورية تستضيف اعدادا كبيرة من الاشقاء العراقيين ولذلك نحن نلمس مدى عمق المشكلة الانسانية التي يعيشها العراقيون المهجرون نتيجة تدهور الوضع الامني في بلدهم ونامل ان يؤدي تحسن الظروف الامنية الى عودة كافة ابناء العراق اليه.
اتفاق الدوحة وضع لبنان على طريق الحل
واضاف وزير الخارجية نحن في سورية مرتاحون من ان اوضاع لبنان تأخذ طريقها الى الحل منذ التوصل الى اتفاق الدوحة الذي مكن من انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية وبدء الحوار الوطني لقد اكدنا ونؤكد خلافا لكل المزاعم ومحاولات التضليل دعمنا لكل ما من شانه توصل اللبنانيين الى حلول توافقية تقوم على الحوار فيما بينهم وعلى تاكيد الوحدة الوطنية وقد اعلنا لدى الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان لسورية عن قرارنا المشترك اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين صونا للروابط والمصالح المشتركة الواسعة والعميقة بين الشعبين الشقيقين وتم خلال هذه الزيارة الاتفاق على استئناف اعمال اللجنة المشتركة لتحديد وترسيم الحدود اللبنانية السورية وفق آلية وسلم اولويات يتفق عليهما بين الجانبين وتم الاتفاق ايضا على العمل المشترك من اجل ضبط الحدود ومكافحة التهريب من خلال السلطات المعنية لدى البلدين والعمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة بهدف تفعيل التبادل التجاري وتامين مقومات التكامل الاقتصادي واقامة سوق اقتصادية مشتركة.
للسودان الحق في السيادة على أراضيه
وقال الوزير المعلم تدعم سورية الجهود الرامية لضمان سيادة السودان ووحدة اراضيه وتحقيق الاستقرار والسلام فيه. وفي هذا الاطار نؤكد رفضنا لقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وندعو مجلس الامن لتجميده لايجاد المناخ الملائم امام المبادرة التي اقرها مجلس الجامعة العربية بتاريخ 8/9/2008 القاضي بتشكيل لجنة وزارية عربية برئاسة دولة قطر تتولى ترتيب مباحثات سلام شاملة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور وترعى هذه المباحثات بالتعاون والتنسيق مع الوسيط الدولي للاتحاد الافريقي وممثل الامم المتحدة وتعمل ايضا على المساعدة لتحسين الاوضاع الانسانية والتنموية في دارفور. ان سورية وهي عضو في هذه اللجنة تدعو كافة الدول ذات العلاقة وتدعو المجتمع الدولي لدعم جهود اللجنة بما يمكنها من تحقيق هدفها وفي هذا الاطار ترحب سورية بخطوة تطبيع العلاقات السودانية التشادية وترى فيها عنصرا ايجابيا يسهم في حل مسالة دارفور.
للدول الحق في الاستخدام النووي السلمي
واشار الوزير المعلم الى ان معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية كفلت حق الدول في حيازة التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية وقد كثر الحديث عن الملف النووي الايراني بين داع للحل الدبلوماسي وبين دعاة استخدام القوة في حين ان ايران اكدت مرارا انها تعمل من اجل الاستخدام النووي السلمي فقط على ان فجوة عدم الثقة بين ايران ومحاوريها تعقد الامور وتمنع الوصول الى التفاهم وهو ما نعمل على تحقيقه سعيا للوصول الى تفاهم سياسي حول الملف النووي الايراني. ما سوى ذلك لن يخدم مصلحة احد وسيجر الى خسائر كارثية في المنطقة والعالم.
نزع سلاح الدمار الشامل من المنطقة
وفي هذا السياق نؤكد على موقفنا الداعي الى اعلان منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من جميع اسلحة الدمار الشامل ونذكر بمشروع القرار الذي تقدمت به سورية الى مجلس الامن بتاريخ 29/10/2003 ونؤكد في الوقت نفسه ضرورة الزام اسرائيل بنزع مئات الرؤوس الحربية النووية التي تمتلكها وباخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والانضمام الى معاهدة عدم الانتشار.
أزمة القوقاز لا يمكن تجاهلها
واضاف السيد وزير الخارجية لقد شكلت الازمة التي نشأت في القوقاز حدثا بالغ الاهمية لا يمكن تجاهل ابعادها واثرها في العلاقات الدولية لم يعد خافيا على احد مسؤولية الاطراف التي اشعلت فتيل الازمة والتصرفات الاستفزازية المرافقة لها والتي دفعت روسيا الى الخيار الذي اعتمدته ونقدر الاستجابة الروسية للجهود التي بذلتها فرنسا بصفتها رئيسة للاتحاد الاوروبي من اجل التوصل الى حل الازمة بما يؤمن استقرار المنطقة ويجنب العالم العودة الى ما كانت عليه العلاقات الدولية في عقود سابقة.
الإرهاب ظاهرة بالغة الخطورة
وتابع الوزير المعلم لقد قيل الكثير حول الحرب على الارهاب لكن السؤال الذي يفرض نفسه بعد كل هذه السنوات.. من شن هذه الحرب? هل الارهاب اليوم اقل انتشارا? واين نحن من الانتصار على هذه الظاهرة البالغة الخطورة? ان إلقاء التهم برعاية الارهاب على دول معينة لدوافع سياسية هو محاولة يائسة لتبرير فشل نهج من يطلق هذه الاتهامات لان النهج الصحيح يكمن في معالجة جذور الارهاب واسبابه. كيف يمكن الانتصار على الارهاب ومازال هناك خلط بين الارهاب وبين حق الانسان في ان يعيش على ارضه بعيدا عن نير الاحتلال او التهديد بالحرب والعدوان نحن ندعو كافة الدول للتعاون في محاربة الارهاب وندعو في الوقت نفسه الى نبذ هذا الخلط الذي يقدم للارهاب فرصا وفوائد كثيرة.
الدبلوماسية والحوار أساس الحلول للأزمات
واكد الوزير المعلم ان تجربة السنوات الماضية اثبتت خلل التفرد بوضع الاجندة السياسية للعالم وما يشهده عالمنا اليوم من حروب وازمات مالية وغذائية يدعونا للعمل معا من اجل تصحيح هذا الخلل بتشارك كل الاطراف الاقليمية والدولية عبر دبلوماسية فاعلة تقوم على الحوار سبيلا واداة لحل القضايا الخلافية.
ان اغلاق باب الحوار واعتماد اسلوب الاملاء والعزل وفرض العقوبات الاحادية لم يخدم يوما هدف اقامة علاقات دولية صحية وخلافا لمزاعم قيلت قبل ايام من على هذا المنبر فان كل محاولات العزل اثبتت فشلها. ان احترام مبدأ الديمقراطية في العلاقات الدولية الذي يأخذ بالاعتبار رؤية ومصالح جميع الدول كبيرها وصغيرها سيسهم في تحقيق الامن والاستقرار في عالمنا وحل المشكلات التي يواجهها.
لقد حدد ميثاق منظمتنا الدولية التي تضم جميع الدول على اختلاف توجهاتها ومصالحها صيغا لاتزال صالحة للعمل من اجل بناء عالم تسوده العدالة القائمة على الفهم المتبادل, عالم لا يهدده الارهاب ولا مكان فيه لبذور الكراهية بين الديانات والحضارات. ان اعلاء شان هذه المبادئ والاهداف والعمل بها سيكون لمصلحة الامن والاستقرار في عالمنا ولخير الانسانية جمعاء.