وهو في هذا السياق، وأكثر من مرة، أعلن أن مبرر إصدار الكتاب هو محاولة البحث عن السر الكامن وراء حكومة يعتقد أنها موجودة وتدير شؤون العالم و لكن بالسر. و كما يتضح لقارىء الكتاب أن صاحبه يحاول القول بأن كل الأحداث الساخنة التي تعصف بعالم اليوم مردها إلى دور هذه الحكومة غير المرئية و لكن بصماتها ملموسة لمس اليد على سطح الكرة الأرضية، وتكاد آثار هذه البصمات تغطي كل جزء من أجزائها الواسعة.
وبغض النظر عن هذه الرؤية، فإن أحدنا لا يستطيع أن يذكر وجودها على أرض الواقع. ففي منطقتنا العربية، كما هو واضح، الأجواء الساخنة تزداد سخونة يوماً بعد يوم. كذلك هو حال العديد من الأماكن الأخرى في العالم، شرقا و غربا، شمالا وجنوبا، إلى حد يقود أحدنا إلى التصور أن النهاية على وشك القدوم بين لحظة و أخرى!
ومثل هذا التصور الذي يدفعنا مؤلف كتاب «الحكم بالسر» ليس صعباً على المرء و هو يحيا أحداث اليوم الراهن، ولا يملك الخروج من إطارها حتى إن هو شاء ذلك، لأنها فرضت عليه بفعل قدرة ما يسميه الكاتب في سياق بـ «حكومة العالم الخفية».
ونحن إذ نتتبع مجريات الأحداث من حولنا، لا نملك بدورنا إلا التعامل مع هذا الواقع، وإن يكن خيارنا ليس خيارا حراً تماما في بعض من الأوقات، كوننا، في هذه المنطقة، كما دول عديدة أخرى في القارة الافريقية وفي أمريكا الجنوبية من الدرجة الثانية أو الثالثة كما هو تصنيفنا الآن.
ولهذا الاعتبار نتلقى الحدث ولا نصنعه، و كثيراً ما ننفعل به إبان وقوعه ونعجز عن فعله لصالح حاضرنا و مستقبلنا.
ومثل هذه الوضعية، تجعل الاخرين قادرين على زرع الألغام على دروب الدول عندما تقرر أن تنهض أو أن تخرج من تحت عباءة الأقوياء، ولهذا كثيرا ما يجري تفجير تلك الألغام المزروعة عن عمد، وفي الوقت الذي يتناسب زارعيها، لارتباك عملية النهوض و الحد من طموح الناس بحثاً عن فضاء خارج فضاء الغير. ومن هنا الصعوبة التي تحول بين العديد من الدول و بين إرادة التقدم و تطوير الذات لديها.
في كتاب «الحكم بالسر» ما يذكر القارىء سواء كان في منطقتنا أو في المناطق المبتلية بتأثير حكومة العالم الخفية التي أشار إليها «جيم مارس»، بما جاء في إصدارات سياسية في خمسينيات القرن الماضي على وجه التحديد، و فيها ما يشير إلى هدف الحركة الصهيونية في مسيرتها التوسعية لتفتيت جغرافية العالم بأسره إلى مناطق يسهل ابتلاعها أو التحكم بمصائر أبنائها، وفي مقدمة تلك الإصدارات الشهيرة كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون».
iskandarlouka@yahoo.com